د. مساعد: استقلالًا, وللدلالة على استقلاله جاء بقوله "ولا", فاستقلاله يدل على أهميته, ودلالة على أيضًا أن الإيمان باليوم الآخر استقلالًا, لو كانوا يؤمنون باليوم الآخر لكان من لوازمه أنهم يؤمنون بمن؟
د عبد الرحمن: بالله.
د مساعد: ولكن إيمانهم بالله لا يلزم منهم الإيمان باليوم الآخر مثل ما حصل من كفار مكة, يعني كفار مكة كانوا يؤمنون بالله وإن كانوا مشركين, ولكنهم لا يؤمنون باليوم الآخر, لكن من آمن باليوم الآخر فالأصل أنه يؤمن بالله.
د. محمد: والإيمان باليوم الآخر بالمناسبة يتردد ذكره في القرآن كثيرًا, بل هو أكثر أركان الإيمان ذكرًا بعد ذكر الإيمان بالله, والسبب في ذلك أنه لا يمكن أن تستقيم الحياة إلا به, ولا يمكن أن يسعد الناس إلا به, عندما يصبر الإنسان على الأذى, يصبر على الظلم, عندما يصبر على العبادة والطاعة, عندما يجد أنه قد فُضِّل عليه آخرون بأشياء قد أوتوها من مال وجاه وبنين وإلى آخره, كل ذلك الذي يصبره عليه ويجعله يتحمل ولا يحسد الآخرين ولا يتكبر عليهم إيمانه بأنه سيلقى جزاء صبره وتواضعه وإنفاقه وصلاته وقيامه بالليل في الدار الآخرة. ما الذي يمنع أنا أقول لطلابي دائمًا المؤمن عندما يجد 500 ريال ملقاة في مكان لا يراه فيها أحد إلا الله, من الذي يمنعه من أخذها؟!
د. عبد الرحمن: مراقبة الله ورجاء اليوم الآخر.
د. محمد: نعم, يخاف لأنه سيحاسب عليها, كل درهم ستدخله في جوفك هناك حساب وعقاب وعذاب.
د. عبد الرحمن: وانظر إلى إشارة الله إلى هذا المعنى في قوله في سورة المطففين في أولها (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)) ثم ترك كل شيء وركز على اليوم الآخر (أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6))
د. محمد: ذكرهم باليوم الآخر.
د. عبد الرحمن: يا سلام! يعني كأنهم لو كانوا تذكروا اليوم الآخر ما كانوا طففوا المكيال والميزان.
د. محمد: لأنه شيء معلوم, يُعلم أنه من الظلم البيّن, فالله ذكرهم ووعظهم, والموعظة كانت في مكانها.
د. مساعد: أيضًا قرْن الإيمان بالله مع الإيمان باليوم الآخر في القرآن كثير, مما يدل على أهمية هذين الأمرين وارتباطهما ببعض, الذي هو الإيمان بالله واليوم الآخر, وهذا ورد في القرآن في آيات كثيرة. مقارنة الشيطان لمّا قال "ومن يكن الشيطان له قرينًا فساء قرينًا", يعني ماذا يُتصور ممن يكون الشيطان له قرينًا؟! ولهذا نقول سبحان الله لو تأملت أحوال بعض الناس لوجدت بالفعل أن قرينه هو الشيطان لأنه لا يصدر منه إلا الشر.
د. عبد الرحمن: إلا الأعمال السيئة.
د. مساعد: مثل الساحر والكاهن, هؤلاء لا يمكن أن يصدر عنهم خير لا يمكن, لأنهم لا يستطيعون, لماذا؟ لأن قرينه هو من؟
د. عبد الرحمن: الشيطان, يأمره بالبخل وينهاه عن المعروف.
د. محمد: أنظر يا أبا عبد الملك ويا أبا عبد الله, تجد الرجل هذا الذي قرنه الشيطان عندما يأتي بذل المال في خير, افترض هؤلاء المساجين بسبب ديون عليهم, تقول له: يا فلان استنقذ هؤلاء, يقول لك: أتركهم, هؤلاء تخرجهم ويعودون غدًا لنفس عادتهم, أتركهم يتأدبون.
تقول له: فيهم أناس مضطرين, هو يعظك!. نريد عمل حفلة سمر تكلف مائة ألف ريال, أو مائتا ألف, أول من يساهم فيها هو, هنا يكون أول المساهمين وهنا يكون أول الذابّين المنافحين عن عدم فعل الناس للخير, ومن يكن الشيطان له قرينًا فساء قرينًا.
د. عبد الرحمن: بارك الله فيكم يا إخوان يبدو أن الوقت أدركنا في هذا المجلس لعلنا نستكمل الحديث عن هذه الآيات في المجلس القادم بإذن الله تعالى. أيها الإخوة المشاهدون الكرام إنتهى وقت هذا اللقاء, تقبلوا تحياتي وتحيات المشايخ الدكتور محمد الخضيري, والدكتور مساعد الطيار, وتحياتي أنا أيضًا من هذا المكان في مدينة النماص, حتى نلقاكم إن شاء الله في اللقاء القادم وأنتم على خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بُثّت الحلقة بتاريخ 21 رمضان 1431 هـ
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[14 Dec 2010, 08:56 ص]ـ
الحلقة 22
تأملات في سورة النساء (الآيات 38 – 42)
¥