تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الطيّار: لذا لاحظ لمَّا قال (وأعتدنا للكاَفِرين عذاباً مُهِيناً. والذِّين يُنفِقون) أيّ أعتدنا لهم أيضاً عذاباً مُهِيناً إشترك الجميع في صِفَة الكُفُر هنا. في الآية الأخرى التِّي سألت عنه لمَّا قَدَّم الإيمان لأنَّه من لوازم الإيمان الإنفاق ولهذا قال (وماذا عليهم لو آمنوا) فجاءَ بالأصل وهو الإيمان فقدَّمه لأنَّه هُوَ الأَصل. وهُنَاك قدَّم الرِّياء الذِّي هو إنفاق المال رياءً لأنّه بالنِّسبة لهم هو المُبتَغَى وهُوَ المُراد وأَخَّرَ الإيمان لأنَّه قال (يُنفِقُون ولا يُؤمنون) فَقَدَّم مَا هُو من صِفتهم وعنايتهم به أكثر، وأَخَّرَ الإيمان لأنّهم لا يُؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، وعَكس هنا فبيِّن أنّهَم لو كانوا يُؤمنون لحصَلَ منهم الإنفاق لوجه الله تعالى وَلَيس رئاء النَّاس.

د. الشِّهري: بهذه المناسبة كُنت أقرأ في كتاب عن (الإِنفاق في المُنَظَّمات التنصيرية) طبعاً هُم لديهم إنفاق كبير جِدّاً، ويُنفِقُون إنفاقاً أَضخم من إنفاق المسلمين في خدمة العمل الخيري، فيذكُر البَّاحث يقول: بالرَّغم من هذا الإنفاق الذِّي يُنفقه النَّصارى وغيرهم إلاّ أنّ الذِّي يَتَتبّع الدَّافع إلى الإنفاق يجد أنّه التَّهَرُّب من الضَّرائب، غَسيل الأموال يعني من هذا النُّوع الذِّي لا يُرَاد به وجه الله سبحانه وتعالى كما قال الله هُنا (يُنفِقُون أموالهم رئاء النَّاس). وَلاحِظ أنَّه قال أموالهم فأشار إلى أنَّه أموالهم فهم يُفترض أن يحرصوا عليها وأنّها قرينةُ النَّفس، المال في يَدِ الإنسان ولكن بالرَّغم من ذلك لأنّهم يبتغون هذه الدِّعاية وَهَذه السُّمعة فإنَّهُم يُنفِقونها. ولذَلِك أنا قرأت مرَّة عن أحد الأَثرياء - أمريكي- تبَّرع بما أتصَّور أنّه وصل إلى 15 مليار دُولار أمريكي، وَأَوقَفَها لمؤسسة خيرية. تأتي إلى هذا البَّاحث - وهُوَ بَاحِث يعمل في العمل الخيري بكثرة وفي دِراساته يقول: تَجِد الثَّمرة التِّي تَنتُج عن هذا الإنفاق الذِّي يُنفِقُونه على مُنَظَّمات التَّنصير وعلى جُهُودهم يتصَدَّى له إنفاق بسيط جِدّاً من إنفاق المؤمنين الصَّادقين لوجه الله سبحانه وتعالى مِمَّن ينطبق عليهم قول الله تعالى (إنّما نُطعِمُكُم لوجه الله لا نُريدُ منكم جزاءً ولا شُكُوراً)، تُوازِن بين هذا المعنى وهذا التَّصَرُّف (الذِّين يُنفقون أموالهم رئاءَ النَّاس) وبين الذِّين يُنفِقُون أموالهم ولا يريدون جَزاءً ولا شُكُوراً إلاَّ رِضَا الله سبحانه وتعالى.

د. الخضيري: تأكيداً لِكَلامِك سُبحَان الله، هؤلاء إذا أنفقوا يُنفِقون ويُجزِلُون في العطاء، لكن إذا عَرَفت الأسباب اتَّضَحت لك القضيِّة، العَجِيب أنَّ النَتَائِج ما هِيَ؟ النتَّائج خمسة وثمانين بالمائة من هذا الإنفاق يذهب في جُيُوب الذِّين يُدِيرون ذلك العمل، يعني الذِّي يتَبَقَّى للفُقَراء المقصُودين أوالمُستَهدَفين أيًّا كانُوا هِي خمسةَ عشرَ بالمائة من مُجمل التَّبَرُع، وهذه كَشَفَها أحد البَّاحثين الغَربيِّين في مَقالة تَزدَرِي المجتمع الغَربيِّ كيف نَحن نبذُل هذه الأموال الطَّائلة، وفي النِّهاية يعني مائة مليار لا يصل إلى الفُقَراء منها إلا (15) مليار و (85) مِليار تذهب في جيوب هؤلاء في إدارة العمل! لا بَرَكَةَ فيها.

د. الشِّهري: ما عندهم احتساب يا شيخ.

د. الخضيري: هناك ناس يَحتسبون، لَكِن في الجُملة هُناك خَلق كثير يَسترزِقُون من وَراء هذه الأشياء ويُبَّذِرونها ويُبَدِّدُونها وهذا جزاء من الله سبحانه وتعالى لهم عاجل في الدُّنيا. المؤسسات الخيرية الإسلامية تدخل إلى بعض الدُّول بملايين يسيرة جِدًّا بل مُتواضعة، ويمكن يُعدّ على أصابع اليد الواحدة ومع ذلك تُحدِث من الأثر شيئًا هائِلًا جِدّاً ولذلِك أنا أقول الحملة على الإرهاب من أعظم أسبابها هو هذه الغَيرة مِن المؤسسات الخَيرية الإسلامية التي تعمل في العَالم الإسلامي وفي غيره لأنّهم وَجَدُوا أنَّ لها آثار بالغة مع قِلَّتها لأنَّ غَالِب من يعمل فيها هم ناس مُحتَسِبون. وانظر مثلاً تَجِد ملجأ للأيتام يُديره الغَربيُّون تكلفِتهُ في السَنّة مليون دولار، مثله وأكثر عدداً من الأيتام يُديره المسلمون بمائة ألف دولار، انظر الفرق! يعني عشرة أضعاف

د. الطيّار: الصِّيغة في قوله (وماذا عليهم ... )

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير