تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الشِّهري: استفهام استنكاري.

د. الطيّار: يعني هناك براعة في استخدام هذا الأسلوب، الذِّي إذَا نَظَرت إليه لأوَّل مرّة لا يُعطيك هذا المعنى.

د. الخضيري: لكنّه يُحَفِّز. والغَريب هذا الأسلوب موجود في القرآن في مواطن منها قول الله عزَّ وجل (وما أُمِروا إلاّ ليعبُدُوا الله مُخلصين له الدِّين حُنَفاء) يعني الذِّي أَمرناهم به ممَّا أعرضوا عنه وكفروا به هو شيءٌ ظاهر وواضح تُقِّرُهُ العقول، وهو من دينهم (وما أُمِروا إلاّ ليعبُدُوا الله مُخلصين له الدِّين حُنَفاء ويُقيموا الصّلاة ويُؤتوا الزّكاة وذلك دينُ القيِّمة) يعني هل محمد صلى الله عليه وسلم جاء إليكم لِيقُول لكم إجمعوا لي أموالكم، أو أعطوني نساءكم، أو غيَّر في ما جاء به الأنبياء؟! إنّما جاء بشيء جاء به من قَبلَه، فلماذا أنكرتُم؟ ولماذا لا تؤمنوا؟

د. الشِّهري: الحقيقة لفت نَظَري في الآيتين أيضاً الامتنان من الله سبحانه وتعالى في الآية الأولى وفي الآية الثَّانية في قوله (ويكتُمُونَ ما آتاهُم الله من فضله) يعني هل جزاءُ الإحسانِ إلاَّ الإحسان؟ أنَّ الله ما دام تفَضَّل عليك وأَعطاك إن لم يكن الجزاء أنّك تُقَدِّم وتبذل. وأيضاً في الآية التي بعدها في قوله (وأنفقوا ممّا رزَقَهُم الله) تُلاحِظُون الامتنان على الآخرين بما تُعطِيهم لا شَكّ أنّه ليس من مكارِم الأخلاق.

د. الطيّار: ولكنَّه من الله

د. الشِّهري: نعم، وأنَّ الله قد ذَمَّهُ وقال (ولا تُبطِلُوا صدقاتِكُم بالمنّ والأذى) لَكِنَّه من الله سبحانه وتعالى مقبول أليس كذلك؟! فالله سبحانه وتعالى يَمتَنّ علينا بخَلقِنا، يمتن علينا بالصِّحة، يمتنّ عليك بالرِّزق، يمتنّ عليك بالفضل، يمتَنّ عليك بالعلم، وأنت لا تملك إلا ّ أن تُذعِن لهذا الامتنان، لأنّ الله سبحانه وتعالى هو المُتَفَضِّل به ابتداءً.

د. الخضيري: في هذه الآية (وأنفقوا ممَّا رَزَقَهُم الله) فائدة عظيمة جِدّاً وهي أنّ الإنسان يسعى في طلب الرِّزق، لكن يعلم أنّ الرزَّاق هُو الله، وأنَّه لا رزق إلا إِذا أَذِنَ الله، وعليه وأنت تسعى إعلم أنَّ هذه الوسائل والأسباب التِّي تفعلها ما هي إلاَّ أسباب إذا لم يأذَن المُسَبِّب بإبلاغك أو إِيصالك إلى المقصود لن يحصُل شيء. ولذلك اسعى في طلب الرِّزق وابحث عنه، واجتهد لكن إجعل قلبك بين يَدِيّ الله – عزَّ وجل – واعلم أنّه لا رزق إلا من عنده، انظُر قال (وأنفَقُوا ممّا رَزَقَهُمُ الله) ولم يَقُل (كَسَبُوا) أو (اجتهدوا) أو (حَصَّلُوا) بل قال (رزقهم الله).

د. الطيّار: قوله (وكان الله بهِم عليماً) جاء بالضّمير هُنا، مع انّه سَبَق قال (وأعتدنا للكافرين) هو يتكّلم الآن عن هذه الأصناف الذِّين يبخَلُون، والذِّين يُنفقون أموالهم رئاءَ النّاس قال عنهم (وكانَ الله بهم عليماً) اسم الله العليم المُتَضَّمِن لصفة العلم، طبعاً مقامه الآن هنا هُو مقام المراقبة والتّهديد، لأنَّ السِّياق مَعَ أُناس يَبخَلُون، ويأمُرون النّاس بالبُخُل، ويكتُمُون ما آتاهم الله من فضله، وأُنَاس (يُنفِقُون أموالهم رئاء النّاس ولا يُؤمنون بالله و لا باليوم الآخر وكان الله بهم عليماً). أيّ وكان الله عليماً بهم.

د. الخِضِيري: طبعاً رِعَاية الفَاصلة من جِهة، وأيضاً المعنى البلاغي يُقَدَّم هؤلاء للدَّلالة على أنّهم هُمُ المقصُودون دونَ أحَدٍ سِوَاهُم.

د. الطيَّار: أيضاً تُلاحِظُون، وهذه فائدة ذكرناها سابقاً من باب التّأكيد عليها، تكرار الاسم الجليل (الله)، لو نظرنا في الآيات السَّابقة قوله (آتاهُم الله من فضله) (لا يؤمنون بالله) (وماذا عليهم لو آمنوا بالله) (مما رَزَقهم الله) (وكان الله بهم عليماً) ويتكّرر هذا الاسم الجليل في الآيات القادمة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير