تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (38) وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا (39) إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40) فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (42))

وبعد أَنِ استمعنا أيُّها الإخوة لهذه الآيات العظيمة من سورة النِّساء، نُدير الحديث مع إخواني في هذا المجلس. كُنّا تَحدّثنا يا دكتور مساعد في الحلقة الماضية عن التّقديم والتَّأخير في قوله (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ) ثمّ جاء في الآية التي بعدها وقال (وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ). فَعَكَسَ التَّرتيب لعلَّك تُذَّكِرنا بِهذه الدِّلالة، ثُمَّ نَنطَلِق إلى الآيات التي بعدها يا شيخ مساعد

د. الطيّار: طبعاً قبل - إن تكَرَّمت - طبعاً قلنا نحن إنَّ الآية الأولى (الذِّين يَبخَلُونَ ويأمُرُونَ النَّاس بالبُخل .... ) أنَّها من وصف من كان مُختالاً فخوراً، وكان فِيه حُسُن تَخَلُّص عن ذِكر المُختال الفَخُور إلى مثال لهما من اليهود. ثمّ مثال آخر نسينا أن نذكر هذه الفائدة المثال الآخر في (والذين يُنفقون) أيّ صنف آخر من المختال الفخور (الذِّين يُنفقون أموالهم رئاء النَّاس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر) وهذه تشمل الكُفّار والمنافقين.

د. الشِّهري: جميل، يعني يكون في الآية التي قبل ذَكَرَ (الذِّين يَبخَلُون ويأمرون النَّاس بالبُخل) يعني يُمسِكُونَ أيديهم، وهُنا ذَكَرَ صِنفًا آخر هُم يُنفقون ولا يبخلون ينفقون ولكنَّهُم يُنفِقُون لغير وجه الله رئاءً للنَّاس.

د. الطيّار: لذا لاحظ لمَّا قال (وأعتدنا للكاَفِرين عذاباً مُهِيناً. والذِّين يُنفِقون) أيّ أعتدنا لهم أيضاً عذاباً مُهِيناً إشترك الجميع في صِفَة الكُفُر هنا. في الآية الأخرى التِّي سألت عنه لمَّا قَدَّم الإيمان لأنَّه من لوازم الإيمان الإنفاق ولهذا قال (وماذا عليهم لو آمنوا) فجاءَ بالأصل وهو الإيمان فقدَّمه لأنَّه هُوَ الأَصل. وهُنَاك قدَّم الرِّياء الذِّي هو إنفاق المال رياءً لأنّه بالنِّسبة لهم هو المُبتَغَى وهُوَ المُراد وأَخَّرَ الإيمان لأنَّه قال (يُنفِقُون ولا يُؤمنون) فَقَدَّم مَا هُو من صِفتهم وعنايتهم به أكثر، وأَخَّرَ الإيمان لأنّهم لا يُؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، وعَكس هنا فبيِّن أنّهَم لو كانوا يُؤمنون لحصَلَ منهم الإنفاق لوجه الله تعالى وَلَيس رئاء النَّاس.

د. الشِّهري: بهذه المناسبة كُنت أقرأ في كتاب عن (الإِنفاق في المُنَظَّمات التنصيرية) طبعاً هُم لديهم إنفاق كبير جِدّاً، ويُنفِقُون إنفاقاً أَضخم من إنفاق المسلمين في خدمة العمل الخيري، فيذكُر البَّاحث يقول: بالرَّغم من هذا الإنفاق الذِّي يُنفقه النَّصارى وغيرهم إلاّ أنّ الذِّي يَتَتبّع الدَّافع إلى الإنفاق يجد أنّه التَّهَرُّب من الضَّرائب، غَسيل الأموال يعني من هذا النُّوع الذِّي لا يُرَاد به وجه الله سبحانه وتعالى كما قال الله هُنا (يُنفِقُون أموالهم رئاء النَّاس). وَلاحِظ أنَّه قال أموالهم فأشار إلى أنَّه أموالهم فهم يُفترض أن يحرصوا عليها وأنّها قرينةُ النَّفس، المال في يَدِ الإنسان ولكن بالرَّغم من ذلك لأنّهم يبتغون هذه الدِّعاية وَهَذه السُّمعة فإنَّهُم يُنفِقونها. ولذَلِك أنا قرأت مرَّة عن أحد الأَثرياء - أمريكي- تبَّرع بما أتصَّور أنّه وصل إلى 15 مليار دُولار أمريكي، وَأَوقَفَها لمؤسسة خيرية. تأتي إلى هذا البَّاحث - وهُوَ بَاحِث يعمل في العمل الخيري بكثرة وفي دِراساته يقول: تَجِد الثَّمرة التِّي تَنتُج عن هذا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير