تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الطيَّار: نعم، أيضًا للكتب التي قبلها، عندما قال (يَا أيُّها الذِّينَ أوتوا الكتاب) هو تشريفٌ لهم من جهة، تنبيهٌ إلى أنَّهم تَبَعٌ لمن أوتِيِ الكتابُ من قبلهم، وتنبيهٌ إلى أنَّهُم أيضاً عليهُم أن يُؤمنوا بمن سيُؤتى الكِتَاب بعدهم. فهذا الوصف المُتَّكَرِّر (أَهلَ الكتاب) (أهل الكتاب) يُشعِر بهذا الأمر، والذِّي يدلّ على ذلك أنّه قال بعدها (آمنوا بما نزَّلنا مُصَّدِقاً لما معكم) فهُو مُشعِر بأنَّ من جاء بعدكم معه كتابٌ مثل كِتَابكم، فحقيقٌ عليكم أن تُؤمنوا لأنَّ المصدر واحد، ومُنزِلُ الكُتُب واحد وهو الله - جلّ جلاله- هو الذِّي أنزَلَ الكتب التي قبلكم وأنزل الكتاب عليكم وأنزل الكُتُب التي بعدكم الذين هم طبعاً اليهود نزل بعدها مجموعة من الكُتُب مثل الزَّبور والإنجيل والقُرآن. وهَذه الحقيقة، وهي حقيقة مُهمّة جِدّاً، وأنا اطَّلَعت على بعض البحوث فيها في معنى (آمِنُوا بما نَزَّلنا مُصَّدِقاً لما معكم) وجه التصّديق

د. الخضيري: هل التَّصديق بمعنى الموافقة؟

د. الطيّار: نعم، الموافقة. هذا هو المعنى الأغلب فيها

د. الخضيري: موافقاً لما معكم

د. الطيَّار: نعم، ولهذا لو تأمّلت في مثل قوله تعالى في سورة البيِّنة (وما أُمِروا إلاَّ لِيعبدوا الله مُخلصين له الدِّين حُنَفاء) هذا أيضاً موافقة، ثمّ قال (ويُقيموا الصَّلاة ويُؤتُوا الزَّكاة وذلك دِينُ القيِّمة) فإذاً لمَّا تتأمّل الأوامر الكُبرى هي نفس الأَوامر التِّي جاءت عندكم هي التِّي جاءَ بها محمّد صلى الله عليه وسلّم، فهذا كان أدعى إلى أَن تَتِّبُعُوه وليس إلى أن تُخالفوه لأنّكم تعلمون أنّه ما يجيءُ بهذا إلا نبي، ولعلّ هذا هو معنى قوله (آمنوا بما نزَّلنا مُصَدِّقاً لما معكم).

د. الخضيري: مُصَّدِق، ما تأتي بمعنى آخر يا دكتور مساعد؟

د. الطيَّار: وهو؟

د. الخضيري: مُصَدِّق بمعنى موافق كما أسلفت، و (مصَّدقاً لما معكم) بمعنى أنّه يحُكم لها بالصِّدق. طبعاً المعنيان لا تعارض بينهُما يمكن اجتماعُهُمَا.

د. الطيَّار: نعم هُو مِن نفس معنى الموافقة، لكن أريد أن ننتبه إلى أنّ هذا الحديث جاء قال (بما نزَّلنا) فالذِّي يُخاطبهم هو الله سبحانه وتعالى، وهذا مَلحَظ أيضًا يَحسُن الانتباه له أنّه في كُلّ الآيات التِّي جاءت مع اليَّهُود لَيست مُحَاجَّة بين محمد صلى الله عليه وسلّم وبينهم، وإنّما مُحاجة بينهم وبين الله سبحانه وتعالى، يعني الله سبحانه وتعالى يُحَاجِّهُم ويُقَرِّرهم بما عندهم من كُتُبِهم.

د. الخضيري: في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا) هذا طبعاً تهديد. أوّلاً: ما معناه يا دكتور عبدالرَّحمن؟ ثانياً: هل وقع؟.

د. الشِّهري: طبعاً الله سبحانه وتعالى يُهَدِّد اليَهُود الذِّين يَكفُرُون بالنَّبي صلى الله عليه وسلم في زَمانِه – هذه الآية خطاب لهم-وهم يعلمون بين أيديهم التَّوراة، وهذا النَّبي صلى الله عليه وسلّم جاء بالقرآن (مُصدِّقاً لما معهم) بمعنى أنّه يؤَّكِد كثيرًا ممّا جاء في كِتابهم من الأخبار، ومن الحقائق، ومن التَّشريعات، فَليس لهم عُذر في الكُفر بما جاء به النّبي صلى الله عليه وسلم وهم أكثر النَّاس علماً بما جاء به النَّبي صلى الله عليه وسلّم. ولذلك كان حتى قُريش عندما جاءها النَّبي صلى الله عليه وسلّم بالقرآن الكريم، أجمعت قريش على أنَّه من أفضل الوسائل التي يُحَارَب بها النَّبي صلى الله عليه وسلّم هي استشارة أهل الكتاب، قالوا إذهبوا إلى أهل الكتاب- اليهود في المدينة- فهم أهل كتاب يعرفون كيف يتعاملون مع هذه المواقف، فذهبوا فعلاً إلى اليَّهُود في المدينة فأملى عليهم اليهود أسئلة، فالخِطاب هنا لليهود لتذكيرهم بما بين أيديهم من العلم، ومن الكتاب الذّي يجعلهم أَولى النّاس بالإيمان بالنَّبي صلى الله عليه وسلّم لأنّهم أهل كتاب. في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ) يعني نحن لم نأتِ بشيء مُخالف ومُناقِض لما معكم وإنَّما هو يُؤَّكِدَهُ. قال (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا) طمس الوجوه هنا هو تسوية الوجوه حتى تُصبح

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير