تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (47)) يعني نَافِذاً لا يَرُدُّه رادّ، ولا يتَعَّقَبَهُ أحد، لأنَّ أمر الله نَافِذ لا رادَّ له، ولا مُعَقِّبَ لِحُكمِه.

د. الشِّهري: تأتي الآن آية عظيمة من الآيات التي اشتملت عليها آيات سورة النِّساء.

د. الخضيري: بل إنَّ بَعَضَ السَّلف كان يقول إنَّها (أرجى آية)

د. الشِّهري: نعم، (إنَّ اللهَ لا يَغفِرَ أن يُشرَكَ به)

د. الخضيري: والغريب أنّها تكرَّرت في هذه السُّورة

د. الشِّهري: نعم، وهذه الحقيقة من قواعد القرآن (إنَّ الله لا يَغفِرُ أن يُشرَكَ به) ولِذلك بابُ الشِّرك مُغلق تماماً، لا يجوز بأيّ حال من الأحوال التَّساهل فيه ولا التَّغاضي عنه.

د. الخضيري: يعني هذا يا دكتور عبدالرَّحمن أنه إذا أَشرَك الإنسان لا تُقبَل توبته.

د. الشِّهري: بلى تُقبَل

د. الخضيري: أجل

د. الشِّهري: ولكنّ الله سبحانه وتعالى يشير إلى أنّه جلّ في علاه يوم القيامة أنّه لا يغفر هذا الذَّنب

د. الخضيري: نعم، يعني من مات وهُو مشرك ومُصِرٌّ عليه.

د. الشِّهري: نعم (وماتُوا وهم كُفَّار)، قد يأتي الإنسان يوم القيامة وهُو مُرتَكِب لكبيرة من كبائر الذُّنوب دون الشِّرك فيغفُرها الله له لأنّه تحت المشيئة، أليس كذلك؟

د. الخضيري: بلى.

د. الشِّهري: لكنّ الذي يموت وهو مُشرك فهذا ليس تحت المشيئة وإنما هو كما قال الله (إنَّ الله لا يَغفرُ أن يُشركَ به ويَغفرُ ما دُونَ ذلك لمن يشاء). في زماننا اليوم، اُنظُر كم عدد سُكَّان الكُرَة الأرضية اليوم يمكن ستة مليار أو سبعة مليار، المسلمون لا يُشَّكِلُونَ رُبَّما إلاّ سُبعُ الكُرَة الأرضية أو سُدسُها، وبَقيِّة سُكَّان الأرض يُشرِكُون بالله سبحانه وتعالى، بل وحتى الذِّين يُؤمنُون بالله كما قال الله (وما يُؤمِنُ أكثَرُهُم بالله إلا وهُم مُشرِكُون). يعني يُخالِطُ الشِّرك كثيراً من أعمال المسلم. اُنظُر الآن، اِذهب إلى الهند وتأمَّل مظاهر الشِّرك في كُلِّ مكان تَرى، في مَعَابِدِهم، في حَضارتهم، في التَّماثيل، يُشركون بالله الحيوانات، يُشركون بالله الأصنام، يُشرِكُون بالله البقر يعبُدُونها من دُونِ الله سبحانه وتعالى!!.

د. الخضيري: بل يُقال يا دكتور عبدالرَّحمن إنَّ عَدَد الآلهة التِّي يدَّعِيها الهَنَادِكة ويعبدُونها من دون الله عزَّ وجل بَلَغَت ثلاثة وثلاثين مُليون إلهًا، فيُقولون كل ما يُحَب، أو يُخَاف، أو يُرجى فهُو إله. ومن هُنا والعياذ بالله عَبَدُوا البقر وعَبَدوا البَيَّض والدَّجاج وأشياء كثيرة. يقول لي أحد الإخوة دخلت عليهم في أحد معابدهم فَوَجَدت- نسأل الله العافية والسَّلامة – صُورة مُجَسَّمة للعورة – والنَّاس ساجدة عندهم، قلت ما هذا، قال: إنَّهم يتَّعبَدُّون بهذا الذَكَر. ويقول دخلت معبدًا آخر فوجدت فيه مجسمًا لفرج امرأة، قلت ما هذا؟ قالوا هذا إله يُعبَد من دون الله!. اُنظر إلى أيَّ دَرَجة وَصَلُوا إليه من الانحطاط والضَّياع! نحمد الله على ما نحن فيه.

هذه الأُمّة كَان النبي صلى الله عليه وسلّم يَتخَوَّف عليها من الشِّرك، الشِّرك بجميع أَنواعِه وصُنُوفه، ولذلك نحن نقول يجب على المسلم أن يحذر من الشِّرك، ولا يَغتَرّ بأنّه لمَّا بَانَت له علامة التَّوحيد أنّه بمنجاة عن الشِّرك. إذا كَان أبو الأنبياء وإمام الحُنَفاء (إبراهيم عليه الصَّلاة السَّلام) يخاف من الشِّرك ويقول (واجنُبني وبَنيَّ أن نَعبُد الأصنام. رَبِّ إنَّهُنّ أضللن كثيراً من النّاس) فنحنُ نخاف والله!. لذلك نحن نقُول يجب على الدُّعَاة والوُعَّاظ والعُلَماء ألاَّ يَفتَأُوا أبداً أن يُذَّكِرُّوا بهذا الحقّ لله عزَّ وجل، وأنَّ هذا من أعظم الأُصُول بل هو أجَّلُها وأعظَمُها، وأنَّ الشَّرائع كلُّها اتَّفقت عليه. ويُؤَّكِد هذا يا دكتور عبد الرَّحمن، أَننَّا نَجِد الخَلل في هذا الباب الآن ضاَرِب بأطنابه في الأُمَّة الإسلامية، تجد من الأمّة الآن من إذا حَلَّت به كُربة دَعَا السيِّد البَدوي، أو دَعَا عبدالقادر الجيلاني، أو دَعَا الحسن، أو الحُسين، أو العبَّاس، أو عليّ بن أبي طالب (رضي الله تعالى عن الجميع) يَدعُوهم من دون الله! تأتي كُربة بدلاً من أن يقولوا يا الله!. المشركون كانوا إذا رَكِبُوا في

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير