تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الشِّهري: كلُّ هذا ثابت بأدلة. ممتاز، عندي لفتة في الآية التي تليها في قوله هنا (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ) وعلاقتها بالآية التّي قبلها، كثيرٌ من النّاس عندما يُنهى عن بعض الألفاظ أو بعض المظاهر الشِّركية يغضب، ويقول هذا ليس من الشِّرك، وأنا لم أرتكب هذا، أنتم تُبالِغون في وصف هذه الأمور بالشِّرك! هذا تزكية للنَّفس وفيها نوع من الغُرور في الوقت الذِّي يأتي فيه إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام فيقول (واجنُبني وبَنيَّ أن نعبُد الأصنام) ما قال أن نُشرك بك شِرك أصغر بل قال (أن نعبُد الأصنام) وهذا الشِّرك الأكبر وهو إبراهيم! وإبراهيم مشهور بين الأنبياء - عليه الصّلاة والسّلام - أنّه سَيِّد الحُنفاء، من المُوَحِّدين

د. الطيّار: إمام المُوقِنين.

د. الشِّهري: نعم – عليه الصَّلاة والسَّلام- هذا إبراهيم وهُوَ في هذه المكانة يسأل الله أن يُجَنِّبَهُ عبادة الأصنام! ويأتي بعضنا أحيانًا عندما يقول عبارة فيها شُبهة الشِّرك يُنهى عنها، فيقول يا أخي: نحن مُوَحِّدون، نحنُ كَذا، نحنُ كذا، بدلاً من أن يُبادر ويقول نعوذ بالله من الشِّرك، وأستغفر الله ممّا قُلت. فيقول الله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ) الذِّين يمدحُون أنفسهم ويرون أنّه ما هُم عليه خَير وبِرّ ويُبَالِغون في الغُرور بما هم فيه؟! الله سبحانه وتعالى يذكُرهُم في مساق الذَّم لصنيعهم (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ) على وجه الاستنكار لهذا الصَّنيع، وأنّه لا ينبغي للمسلم أن يُزَّكِي نفسه وأن يغتَّر بعمله، بل ينبغي على المؤمن دائماً أن يتواضع وأن يسأل الله سبحانه وتعالى القَبُول والإخلاص، والسِّتر، والعافية، والمعافاة، لعلّ الله سبحانه وتعالى أن يعفُوَ عنه ويُنَجِيّه.

د. الخضيري: التزَّكية يا دكتور مساعد ما هي صِفَتُها؟

د. الطيّار: طبعًا التَّزكية هُنا الآن بمعنى الثَّناء على النَّفس.

د. الخضيري: الثَّناء على النَّفس، أنا فعلت، وأفعل، وأنا من عادتي كذا، دائماً يُحاول أن يُحيط نفسه بِحَالة من الثَّناء!.

د. الطيَّار: صحيح، تُلاحظ أنّ الأصل ليس كُل من فعل هذا دخل في هذه الآية، لأنَّ يوسف – عليه السَّلام- قال (اجعلني على خزائن الأرض إنِّي حفيظٌ عليم). لكن أحوال الشَّخص وما يُحيط بِه من قرائن تَدُلّ على ما ذكره الدُّكتور عبدالرحمن قبل قليل من كون أنّه يُثني على نفسه، ويرى أنّه حقيقٌ بهذا العمل، ويرى أنّه قَدّم، فيُقال له (بل اللَّهُ يُزَّكي من يشاء) يعني يُثني على من يشاء.

د. الخضيري: فالثناء حقيقةً إنّما هو ثناء الله، وثناء رسوله صلى الله عليه وسلّم. السؤال يا إخواني (قد أفلح من تزَّكَى)، (قد أفلح من زكّاها)، (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زَكَى منكم من أحدٍ أبداً ولكنَّ الله يُزَّكِي من يشاء) فالمقصود بالتزكية المطلوبة والمأمور بها هي تزكية الإنسان بالإيمان والعمل الصّالح، وليس بأن تُثنِيَ عليها وتمدحها وتُخّلِّيها وتذكرها على أنّها شيء خالي من الذُّنوب والمعاصي ومن الأخلاق الدَّنيئة وهذا لا يليق بالإنسان!. وكِرام النّاس يعلمون أنّ هذا من القبائح، ولذلك نحن عِشنا في جَوّ - وأنا أقولها صِدقاً- كان مشايخنا يأنفُون جِدّاً من أن يكون الإنسان في وقت من الأوقات يُكثِر من الثَّناء على نفسه، ولا يُرى منه إلاّ كثرة المديح لها، فيُقال هذه خَصلة لا تليق بالكِرام، لكن لو احتاج الإنسان إلى أن يُثني على نفسه لأنَّه هُضِم، أو ظُلِم، أو لأنّ النّاس ما عرفوا قدره، أو لأنّه أراد أن يُحَقّق بذلك أمراً من الخير، وكان هذا في حُدوده، هذا لا شيء فيه، ومنه ما جاء عن يوسف – عليه السَّلام- عندما قال (اِجعلني على خزائن الأرض إنِّي حفيظٌ عليم). إذاً هناك فرق بين الثناء على النّفس باللّسان، وبين تزكية الإنسان بالعمل الصّالح

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير