تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وبعد أن استمعنا أيها الإخوة المشاهدون إلى هذه الآيات من هذه السورة العظيمة نعود للحديث حولها. كنا تحدثنا يا مشايخ في الحلقات الماضية في سورة النساء وقلنا إن سورة النساء يمكن أن تسمى سورة الحقوق، ومر معنا حقوق كثيرة متعلقة بالتركات، ومتعلقة بالأيتام، ومتعلقة بالزوجات، والصداق، ثم جاء بعد ذلك الحديث عن الحقوق التي نسميها الحقوق العشرة في قوله تعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا). ثم تلاحظون الآن تأتي هذه الآية العظيمة التي تتحدث عن أداء الأمانات إلى أهلها، وكأنها تريد أن تلخص السورة من أولها، وأن هذه الحقوق هي عبارة عن أمانات ينبغي على المسلم أن يؤدي هذه الأمانة على وجهها فيقول (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) الحقوق التي مرت كلها أمانات، حقوق الأيتام هي أمانة عند الولي لا بد أن يؤديها، الصداق وحقوق الزوجة هي أمانة عند الزوج يجب أن يؤديها، المحافظة على الأموال ولا تؤتوا السفهاء أموالكم حقوق أيضًا وأمانات ينبغي على المجتمع أن يحافظ عليها، ولذلك النبي –صلى الله عليه وسلم –قال في حديث صحيح قال" إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ" فمعنى هذا أنه ما دام المجتمع محافظًا على الأمانة فإن الساعة لم تأتِ بعد أو لم تقترب بعد، أليس كذلك؟

د. محمد الخضيري: بلى

د. عبد الرحمن الشهري: أمر آخر عندما قال (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) هناك مرت إشارات أيضًا في الآيات السابقة إلى التحكيم عندما ذكر الخلاف بين الزوجين أليس كذلك؟ قال (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا) جاءت هذه الآية أيضًا لتضع أيضًا القانون (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) ويمكن أن تسمي هذه الآيات أنها من قواعد القرآن أليس كذلك؟

د. محمد الخضيري: بلى

د. عبد الرحمن الشهري: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) هذه قاعدة عامة سواء كانت أمانة لمسلم أو أمانة لكافر فإنه ينبغي عليك أن تؤديها، وكذلك الحكم بالعدل بين الناس. هل لديك يادكتور تعليق حول الصلة بين هذه الآية و ماتقدم؟

د. محمد الخضيري: طبعًا كما أسلفت الحقيقة واضح جدًا أن هذه تأكيد على تلك الحقوق التي أمر بها من أول السورة، والحقيقة أن الأمر بأداء الأمانات في القرآن، وحفظ هذه الأمانات كثير، وأنه يأتي في مقدمة الأوصاف التي يوصف بها الذين يستحقون كرامة الله –عز وجل -في الآخرة. فمنها قول الله –عز وجل- (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) ثم قال (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)، لاحظ (لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) وذكر هذا أيضًا في سورة المعارج وأعاده بلفظه لما قال (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)) ثم قال (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ) فهذا يدلنا على أن أداء الأمانة ورعايتها من أعظم ما يستوجب رحمة الله –عز وجل-ويستحق به الإنسان الفوز والفلاح في الدنيا وفي الآخرة.

والأمانة إسم عام يشمل كل ما اؤتمن عليه الإنسان قال الله –عز وجل- (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) ما هي الأمانة؟ هي أمانة التكليف، يعني عبادتك لله –عز وجل-، قيامك بحق والديك، صلتك لأرحامك، أداؤك للحقوق الواجبة عليك كما في هذه السورة، وغير ذلك مما اؤتمنت عليه كله مما اؤتمن الآدمي عليه، وكلف به، فالله عرضها على السماوات والأرض والجبال، فكل واحدة من هذه تبرأت من حمله لثقله، وحمله الإنسان، ثم وصف الله الإنسان بأنه ظلوم جهول، فالحاصل أن أداء

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير