تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[03 - 03 - 2009, 01:48 م]ـ

-اكتب مقالة علمية عن اللفظ و المعنى

هناك كتب برمتها تحدثت عن اللفظ والمعنى، وأنقل لكم ما كتبته الدكتور مليكة حفان عن اللفظ والمعنى، ولقد انتقيته بعناية؛ لأنها أشبعت الأمر وقتلته حديثا وتفصيلا، فاقرؤوا ما طابت لكم القراءة، وإذا شعرتم بالامتلاء فتوقفوا: (

اللفظ والمعنى:

من قضايا اللفظ والمعنى بين اللغويين والبلاغيين

بقلم الدكتورة مليكة حفان

تقديم

القرآن الكريم هو معجزة الإسلام الخالدة الذي انبثقت منه كل العلوم والمعارف الإسلامية، فهو الدافع الرئيسي لحفز الهمم وشحذ الأذهان للبحث والتحري والاستقصاء، فبفضله توسعت المدارك وتفجرت العلوم الهادفة إلى خدمته قصد استكشاف تشريعاته ومعانيه وأساليبه، فكان بحق النص المحوري في الثقافة العربية الإسلامية.

فالمتأمل لأشكال الثقافة العربية الإسلامية يلاحظ أن العلوم الإسلامية جميعها لغوية وشرعية "على ما بينها من تفاوت واختلاف في التناول والأداء، وفي عرض الظواهر وتحليلها، وفي استعمال الأدوات والمصطلحات وضبطها وتحديدها، قد جعلت النص القرآني محط اهتمامها ومنطلقا لدراساتها". فما من علم إلا وكان القرآن الكريم المحور الذي يتحرك حوله وبوحي منه، سعيا إلى فهم نصوصه والتعبير عن حقائقه، فالنحوي ينظر إلى القرآن من جهة ما تضمنه من قواعد النحو ومسائله وأصوله وفروعه وخلافاته، واللغوي ينظر إليه من جهة ما تضمنه من لغات العرب، والفقيه ينظر إليه من جهة ما تضمنه من أمور فقهية كالطهارة والصلاة والزكاة وأحكامها، والبلاغي ينظر إليه من جهة ما تضمنه من أساليب بلاغية كالحقيقة والمجاز والتشبيه والكناية والتورية والاستعارة.

وإذ غدا القرآن الكريم منطلق كل المجهودات الفكرية والعقائدية للمسلمين، وقطب الرحى الذي تدور حوله مختلف العلوم والدراسات، كان لابد لهذه العلوم أن تتداخل وتتواصل فيما بينها، ويفيد بعضها البعض الآخر في تكامل مثمر، انعكس أثره على كل فروع الثقافة العربية الإسلامية بالثراء والخصوبة، مما يجعل ميدان البحث في أي علم من هذه العلوم ميدانا فسيحا ومتشابكا وصعبا، كما كان العطاء فيه خصبا غزيرا. فلم تكن العلوم اللغوية على سبيل المثال مستقلة أو منفصلة عن غيرها من العلوم، بل كانت من المقدمات الضرورية للمفسر والأصولي والمتكلم والبلاغي، وقد تأثرت في المقابل بمناهج الفقه والكلام والفلسفة والأصول الخ. فالحدود الفاصلة بين البيئات العلمية ليست حدودا حاسمة تماما، فهناك دائما نقاط التلاقي والتداخل. فاللغويون رغم كل ما يمكن أن يقال عن المناظرات التي دارت بينهم وبين المناطقة، "لم يكونوا بمعزل عن الثقافة الفلسفية العامة، أو المنطق الأرسططاليسي بوجه خاص، ولا أدل على ذلك مما قاله لغويو البصرة ونحاتها من العلل والقياس، أو غيرها من موضوعات الأصول في النحو واللغة…أما المتكلمون فقد كانوا – رغم ثقافتهم الفلسفية الطابع – أصحاب اجتهادات وتأثيرات واضحة في اللغة والنحو وهل كان يمكن للمعتزلة أن يمضوا في تأويل المجاز القرآني دون استناد إلى أساس لغوي مكين". وغني عن القول إن علماءنا القدامى كانوا موسوعيي الثقافة والفكر، إذ كان الواحد منهم على معرفة واسعة باللغة والنحو والبلاغة والتفسير، ولعل وحدة الثقافة العربية الإسلامية في تنوعها قد خلقت في علمائنا ميزة "الشمول الواعي البادي في المد الأفقي لدى العالم المسلم والتخصص البصير بدقائق العلم البادي في التدبر الرأسي لدى ذلك العالم". وقد انعكس هذا التعدد والتنوع المعرفي على كتاباتهم ودراساتهم، فامتازت بخاصية الوحدة في التنوع: تنوع في مادة العلم وموضوعه، ووحدة في الغاية والمنهج، ومن ثم يجب أن تكون قراءتنا لمصنفات هؤلاء العلماء على أساس موسوعي، وأن نراعي ذلك الترابط بين الاختصاصات في ثقافة علمائنا القدامى، وأن نراعي كذلك انتماءاتهم السياسية والمذهبية باعتبار أن الثقافة العربية الإسلامية "لم تكن في يوم من الأيام مستقلة ولا متعالية عن الصراعات السياسية والاجتماعية، بل لقد كانت باستمرار الساحة الرئيسية التي تجري فيها هذه الصراعات". فكل عالم (لغوي أو بلاغي أو متكلم أو أصولي أو ناقد) كان ينطلق من أصول مذهبية وفكرية ويحاول أن ينتصر لها وينقض آراء خصومه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير