ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[03 - 03 - 2009, 10:00 م]ـ
ما زال الحديث موصولا لعبدالقاهر الجرجاني: (
فإن قيل: النظم موجود في الألفاظ على كل حال، ولا سبيل إلى أن يعقل الترتيب الذي تزعمه في المعاني ما لم تنظم الألفاظ، ولم ترتبها على الوجه الخاص، قيل: إن هذا هو الذي يعيد هذه الشبهة جذعة أبداً، والذي يحلها أن تنظر: أتتصور أن تكون معتبراً مفكراً في حال اللفظ مع اللفظ متى تضعه بجنبه أو قبله، وأن تقول: هذه اللفظة إنما صلحت هاهنا لكونها على صفة كذا. أم لا يعقل إلا أن تقول: صلحت هاهنا لأن معناها كذا، ولدلالتها على كذا، ولأن معنى الكلام والغرض فيه يوجب كذا، ولأن معنى ما قبلها يقتضي معناها؟ فإن تصورت الأول فقل ما شئت. واعلم أن كل ما ذكرناه باطل. وإن لم تتصور إلا الثاني فلا تخدعن نفسك بالأضاليل، ودع النظر إلى ظواهر الأمور. واعلم أن ما ترى أنه لا بد منه من ترتيب الألفاظ وتواليها على النظم الخاص ليس هو الذي طلبته بالفكر، ولكنه شيء يقع بسبب الأول ضرورة من حيث إن الألفاظ إذا كانت أوعية للمعاني فإنها لا محالة تتبع المعاني في مواقعها، فإذا وجب لمعنى أن يكون أولاً في النفس وجب اللفظ الدال عليه أن يكون مثله أولاً في النطق، فأما أن تتصور في الألفاظ أن تكون المقصودة قبل المعاني بالنظم والترتيب، وأن يكون الفكر في النظم الذي يتواصفه البلغاء فكراً في نظم الألفاظ، أو أن تحتاج بعد ترتيب المعاني إلى فكر تستأنفه لأن تجيء بالألفاظ على نسقها، فباطل من الظن ووهم يتخيل إلى من لا يوفي النظر حقه. وكيف تكون مفكراً في نظم الألفاظ، وأنت لا تعقل لها أوصافاً وأحوالاً إذا عرفتها عرفت أن حقها أن تنظم على وجه كذا؟ ومما يلبس على الناظر في هذا الموضع، ويغلطه أنه يستبعد أن يقال: هذا كلام قد نظمت معانيه. فالعرف كأنه لم يجر بذلك إلا أنهم وإن كانوا لم يستعملوا النظم في المعاني قد استعملوا فيها ما هو بمعناه ونظير له، وذلك قولهم: إنه يرتب المعاني في نفسه، وينزلها ويبني بعضها على بعض. كما يقولون: يرتب الفروع على الأصول، ويتبع المعنى المعنى، ويلحق النظير بالنظير. وإذا كنت تعلم أنهم استعاروا النسج والوشي والنقش والصياغة لنفس ما استعاروا له النظم، وكان لا يشك في أن ذلك كله تشبيه وتمثيل يرجع إلى أمور وأوصاف تتعلق بالمعاني دون الألفاظ فمن حقك أن تعلم أن سبيل النظم ذلك السبيل.
وأعلم أن من سبيلك أن تعتمد هذا الفصل حداً، وتجعل النكت التي ذكرتها في على ذكر منك أبداً فإنها عمد وأصول في هذا الباب. إذ أنت مكنتها في نفسك وجدت الشبه تنزاح عنك، والشكوك تنتفي عن قلبك، ولا سيما ما ذكرت من أنه لا يتصور تعرف للفظ موضعاً من غير أن تعرف معناه. ولا أن تتوخى في الألفاظ من حيث هي ألفاظ ترتيباً ونظماً، وأنك تتوخى الترتيب في المعاني، وتعمل الفكر هناك. فإذا تم لك ذلك أتبعتها الألفاظ، وقفوت بها آثارها. وأنك إذا فرغت من ترتيب المعاني في نفسك لم تحتجج إلى تستأنف فكراً في ترتيب الألفاظ، بل تجدها تترتب لك بحكم أنها خدم للمعاني، وتابعة لها ولاحقة بها، وأن العلم بمواقع المعاني في النفس، علم بمواقع الألفاظ الدالة عليها في النطق.
في أن النظم هو تعليق الكلم بعضها ببعض
واعلم أنك إذا رجعت إلى نفسك علمت علماً لا يعترضه الشك أن لا نظم في الكلم ولا ترتيب حتى يعلق بعضها ببعض، ويبنى بعضها على بعض، وتجعل هذه بسبب تلك. هذا ما لا يجهله عاقل، ولا يخفى على أحد من الناس. وإذا كان كذلك فبنا أن ننظر إلى التعليق فيها والبناء وجعل الواحدة منها بسبب من صاحبتها ما معناه وما محصوله).
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[03 - 03 - 2009, 10:09 م]ـ
ب- لم يبين عبد القاهر في تعليقه على الأبيات سبب الحسن في البيتين الأولين , و لا سبب الثقل في البيت الثالث , فما تعليقك أنت على استخدام كلمة (أخدع) في الأبيات الثلاثة
أولا:
الأخدع هو عرق في العنق، وقد جاء في الجمهرة: (والأَخْدَعان: عرقان يكتنفان العنق)
في قول الشاعر:
تلفت نحو الحي حتى وجدتني ... وجعت من الإصغاء ليتاً وأخدعا
هناك دلالة على الرقبة، وهي (تلفتُ) فحسن لتلك الدلالة لفظ الأخدع، وكذلك في قول الشاعر:
وإني وإن بلغتني شرف الغنى ... وأعتقت من رق المطامع أخدعي
والقرينة التي تدل على ذلك (رق)، ولذلك حسنت لفظة الأخدع.
أما في قول أبي تمام حبيب بن أوس:
يا دهر قوم من أخدعيك فقد ... أضججت هذا الأنام من خرقك
لا توجد أي دلالة على ذلك، ومن هنا قبح جعل (الأخدع) للدهر.فلا يستساغ أن يجعل للدهر أخدع.
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[03 - 03 - 2009, 10:29 م]ـ
أسأل الله أن يهبنا حب العلم للعلم.
ـ[هاجر شرواني]ــــــــ[04 - 03 - 2009, 10:52 م]ـ
للجميع الشكر والتقدير جمعنا الله وإياكم دائما على الخير.
لا أستطيع وصف حالة الاستمتاع التي ظللتني وأنا اقرأ .. جزاكم الله خيرا
¥