تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

شكليًا لا مضمونيًا والعكس صحيح دون تلازم بينهما، ولكنه في النهاية يحدث في الاثنين.

ـ[إماراتية]ــــــــ[03 - 05 - 2009, 11:01 ص]ـ

التفكيكية

د. ايسرالدبو

يعد التفكيك deconstruction أهم حركة مابعد بنيوية في النقد الأدبي فضلاً عن كونها الحركة الأكثر إثارة للجدل أيضاً. وربما لا توجد نظرية في النقد الأدبي قد أثارت موجات من الإعجاب وخلقت حالة من النفور والامتعاض مثلما فعل التفكيك في السنوات الأخيرة، فمن ناحية نجد أن بعض أعمدة النقد مثل ج. هيليس ميلر وبول دي مان وجيفري هارتمن وهارولد بلوم)، هم رواد التفكيك على الصعيدين النظري والتطبيقي على الرغم من تباين أسلوبهم وحماسهم، ومن ناحية أخرى نجد أن الكثير من النقاد الذين ينضوون تحت خانة النقد التقليدي يبدون سخطهم من التفكيك الذي يعدوه سخيفاً وشريراً ومدمراً. ولم يخلو أي مركز فكري في أوروبا وأمريكا من الجدل في قيمة هذه النظرية الجديدة في النقد.

ويمثل التفكيك الحركة الاكثر اثارة للجدل الاهم في اتجاه ما بعد البنوية و يقوم على اليات الهدم والبناء من خلال القراءة، فالتفكيك يستخدم " للدلالة على نمط قراءة النصوص بنسف ادعائها المتضمن انها تمتلك اساساً كافياً .... " و لعل من البديهي لدى القارئ ان مصطلح التفكيك يعتمد على الهرمنيوطيقا الذي يمارس من خلاله القارئ تفكيك النص فالقارئ " يحدث عنده المعنى ويُحدثه، ومن دون هذا الدور لا يوجد نص او لغة او علامة او مؤلف. ومن هنا فان أي مناقشة للتفكيك لابد أن تبدأ بالقارئ، وتجربة القارئ التي لا يوجد قبل حدوثها شيء " فهو يفكك النص ويعيد بناءه على وفق آليات تفكيره. يعد التفكيك أهم حركة ما بعد البنيوية في النقد الأدبي فضلاً عن كونها الحركة الأكثر إثارة للجدل أيضا .. ، ويستخدم التفكيك ((للدلالة على نمط من قراءة النصوص بنسف ادعاها المتضمن أنها تمتلك أساسا كافيا في النظام اللغوي الذي نستعمله، كي تُثبت بنيتها ووحدتها ومعانيها المحددة .. )).

ويعد دريدا الاسم الأكثر اقترانا بالتفكيك، فقد طرح آراءه في ثلاثة كتب نشرت في سنة 1967 وهي (حول علم القواعد) و (الكتابة والاختلاف) و (الكلام والظواهر) والمفهوم العام لهذه الكتب يدور على نفي التمركز المتمثل في الثقافة العربية، هذا النفي يعني نفي الحضور الذي يرى فيه دريدا انه (مدلول متجاوز)، ولذلك يبحث دريدا عن المنطوق او أفضلية الكلام على الحضور سعياً منه في قلب المعنى وإسقاطه من اللغة .. فهو يرى " إن اللفظ الاستعاري للترجمة او النسخ خطير، لكونه خطير يفترض نصاً موجوداً في الان، نصاً جامداً، حضوراً لا انفعالياً لتمثال، لحجرة مكتوبة او لوثيقة ... " ان عمل دريدا " عمل مفكك De-constructeur لكونه قد اعاد النظر في المفاهيم التي تاسس عليها الخطاب الغربي الذي لا يعدو ان يكون خطاباً ميتافيزيقياً، وليس هناك بديل يقدمه دريدا، بل إن مشروع عمله لا يمكن ان ينحصر في دائرة محددة أنها مغامرة لا يمكن التنبؤ بنتائجها ولكن يمكن معرفة سمعتها ونقصد هدم الميتافيزيقيا .. "،ولهذا يقود التّفكيك، إذن، هجوماً ضارباً وحرباً شعواء على الميتافيزيقيا في قراءة النّصوص: فلسفيّةً كانت أو غير فلسفيّة. ويُقصد بالميتافيزيقيا التي يستهدفها التّفكيك في هجومه: "كلّ فكرةٍ ثابتةٍ وساكنةٍ مجتثّةٍ من أصولها الموضوعيّة، وشروطها التّاريخيّة". فالميتافيزيقيا لا تكفّ عن الاستيطان في النّصوص وإنتاج الثّنائيّات المتعارضة، وتفضيل أحد الحدّين على الآخر: دالّ/مدلول، خارج/داخل، واقع/مثال، الواقع/الحلم، الخير/الشّرّ، الشّرق/الغرب، المذكّر/المؤنّث .... الخ. فتُستغلّ هذه الثّنائيّات في الممارسة العمليّة. ولهذا يتّسم التّفكيك بطابعٍ سياسيٍّ فضلاً عن كونه استراتيجيّةً فلسفيّةً لأنّه يتقدّم باتّجاه النّصوص، لا لكي يهدم ويُقوّض المنطق الذي يحكم النّصّ فقط، وإنّما، أيضاً، لكي يفضح المتيافيزيقيا. يسعى التّفكيك إلى كسر الثّنائيّات الميتافيزيقيّة: داخل/خارج، دالّ/مدلول، واقع/مثال .... لإقرار حقيقة (المتردّد اللاّيقينيّ) في عبارة (لا هذا .. ولا ذاك). وأنطلاقاً من خلفتيه الدينية والتي انطلقت منها التفكيكة وهي ما دفعته إلى القول بوجود خلخلة في المثالية الدينية المتمثلة في سيطرة اللوغوس / الكلمة في الكتاب

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير