تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يأتي دور المحقق في عملية مقارنة النصوص التي ينقلها مؤلفه من الآخرين على درجة كبرى من الأهمية، حيث إنه يعكس لنا منهج المؤلف في تعامله من النصوص التي ينقلها، ومدى أمانته مع هذا النقل خاصة إذا كان المؤلف ممن يتصرف في نقل النصوص، ويبدل ويغير في ألفاظها وعباراتها، أو يسوقها بالمعنى أو ينقص منها، أو يزيد فيها. هذا الأمر الذي يتطلب من المحقق ألا يكتفي بمجرد الإشارة إلى مكان النص في الهامش؛ بل عليه حينئذٍ أن ينقل النص كما في مصدره، ويقارن بينه وبين النص الآخر، وما طرأ عليه من تصرف أو تغيير يحدث أحيانًا إخلالاً بالنص الأصلي ()، ولم يكن النحاس بمنأى عن هذا النهج، لكنه كعادة القدماء – كثيرًا ما يغير في النصوص التي ينقلها ويقدم ويؤخر، ويثبت ويحذف ... ، لكنَّ المحققيْن لم ينتبها إلى تلك النقطة المهمة، وسوف أذكر نماذج من النقول التي ذكرها النحاس في كتابه وهي مغايرة - إلى حد كبير- للنصوص نفسها عند أصحابها، ومنها:

أ - "قال سيبويه: معنى الباء: الإلصاق ()، إلا أن النص في الكتاب يقول:" وباء الجر إنما هي للإلزاق " ().

ب- " قال أبو عبيدة: هما من الرحمة، كقولهم: ندمان ونديم ()، وقد جاء هذا النص في مجاز القرآن على هذا النحو: " وقد يقدرون اللفظين من لفظ واحد والمعنى واحد، وذلك لاتساع الكلام عندهم، وقد فعلوا مثل ذلك فقالوا: ندمان ونديم ().

جـ- " وقال الفراء: المعنى هذه الحروف يا محمد ذلك الكتاب () " والذي في معاني القرآن للفراء:" فعلى هذه الحروف يا أحمد ذلك الكتاب الذي وعدتك أن أوحيه إليك ().

د- " قال الضحاك: كانت النفقة قرباناً يتقربون بها إلى الله تعالى على قدر جدتهم حتى نزلت فرائض الصدقات والناسخات في براءة ().

والذي في تفسير الضحاك: "كانت النفقات قرباناً يتقربون بها إلى الله عزَّ وجلَّ على قدر ميسورهم وجهدهم حتى نزلت فرائض الصدقات سبع آيات في سورة براءة، مما يذكر فيهن الصدقات هن المثبتات الناسخات" ().

هـ - " قال أبو سفيان: أصل السَّفه في اللغة: رقة الحِلم، يقال: ثوب سفيه أي: بال رقيق: () والذي في معاني القرآن للزجاج: " أصل السفه في اللغة: خفة الحلم، يقال: ثوب سفيه إذا كان رقيقاً بالياً () ".

و- " قال أبو إسحاق: هلال مشتق من استهلَّ الصبي إذا بكى، وأهلَّ القوم بحجة وعمرة أي: رفعوا أصواتهم بالتلبية، فقيل له: هلال؛ لأنه حين يُرى يُهلّ الناس بذكره، وأهلّ واستهل، ولا يقال: أهلّ، ويقال: أهللنا أي: رأينا الهلال، وأهللنا شهر كذا وكذا، إذا دخلنا فيه ().

والذي في معاني القرآن للزجاج " ومعنى الهلال واشتقاقه من قولهم: استهلّ الصبي إذا بكى حين يولد أو صاح، وكأن قولهم: أهلّ القوم بالحج والعمرة أي: رفعوا أصواتهم بالتلبية، وإنما قيل له هلال؛ لأنه حين يري يهل الناس بذكره، ويقال أهل الهلال واستهل، ولا يقال: أهل، ويقال: أهللنا أي رأينا الهلال، وأهللنا شهر كذا وكذا إذا دخلنا فيه ().

ز-" قال مجاهد: ارتداد المؤمن أشد عليه من أن يقتل" ().

والنص في تفسير مجاهد: ارتداد المؤمن إلى الوثن أشد من أن يقتل محقاً ().

ح _ " قال مجاهد: صدّت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت الحرام ذي القعدة فأقصه الله منهم من قابل، فدخل البيت الحرام في الشهر الحرام، ذي القعدة وقضى عمرة " ().

والنص الذي ورد في تفسير مجاهد: "فخرت قريش بردها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية محرمًا في ذي القعدة عن البلد الحرام فأدخله الله مكة من العام المقبل في ذي القعدة فقضى عمرته () "

ط- " قال أبو إسحاق: وأحسنوا في أداء الفرائض" ()، والذي قاله الزجاج في تفسير: "وأحسنوا" أي أنفقوا في سبيل الله، فمن أنفق في سبيل الله فمحسن" ().

ي- "قال مجاهد: كان أهل اليمن يقولون لا تتزودوا فتتوصلون من الناس فأمروا أن يتزودوا " ()، والذي قاله مجاهد:" كان أهل الآفاق يحجون بغير زاد يتوصلون بالناس فأمروا أن يتزودوا" ().

ك- قال الضحاك: " منافعهما قبل التحريم، وإثمهما بعد التحريم " ().

وما قاله الضحاك في تفسيره هو: وإثمهما بعد التحريم أكبر من نفعهما قبل التحريم ().

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير