تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولما أصبحت قادرا على القراءة بالانجليزية لكتب الفكر والسياسة قرأت ما توقعته رسالة دكتوراة لبروجردي نشرتها جامعة سركيوس في نيويورك عن المثقفين الايرانيين والغرب 1996م، وكتب نكي كيدي وغيرها، وكنت أسافر للندن وكان يصلها عدد كبير من كتب مترجمة عن الفارسية وأولها قطع مترجمة من كتب علي شريعتي فقرأت جميع ما تيسر وهو قليل غير أن تلك التراجم ساعدت في تصور ما حدث ومعرفة ما يحدث، وكان للمعارك الكلامية بين السلفيين والإخوان ما يدفع لمعرفة المزيد. فأعطيت الموضوع حقه فيما رأيت منذ نهاية الثمانينيات حتى خرج الكتاب الرائع "من بلاط الشاه إلى سجون الثورة" لإحسان نراغي، ومن قبله كتاب فهمي هويدي "إيران من الداخل" وهو أهم ما ألف باللغة العربية، أما كتاب هيكل "مدافع آية الله" فلم يكن بذاك.

2

منذ أكثر من عام تلقيت دعوة من مؤسسة رسمية أو شبه رسمية في إيران قريبة من وزارة المعارف أو التربية تدعوني لحضور مؤتمر ثقافي، ففتحت الإنترنت باحثا عن هذه المؤسسة، فوجدتها مؤسسة تهتم بالثقافة وتعطي جوائز لمثقفين كان أحدهم "حامد ألجر" وهو أستاذ شهير يدرس في جامعة بيركلي في كاليفورنيا، ويكتب بالانجليزية عن إيران وعن الأفكار في المنطقة، قرأت له أول ترجمة موسعة لعلي شريعتي في مجلة "المسلم المعاصر"، ثم غابت أخباره، حتى قابلت أحد تلاميذه المخلصين في مؤتمر للمستشرقين، فعرفت أنه بدأ في التسعينيات بإصدار سلسلة كتيبات يبدو أنه يفكر في أن تكون موسوعة عن الأفكار الإسلامية منها الجزء الذي كان مثيرا عن الوهابية وقد ترجم للعربية مبكرا، ولم يخل من تحامل ضدها ومبالغة.

ولما بلغتني الدعوة اتصلت بصديق شهير: ما ترى يا صاحبي في زيارة إيران فقد دعيت إلى مؤتمر فيها؟ وكانت العلاقات العربية الإيرانية سيئة وتسوء، فرد علي ناصحا بعدم الذهاب، ثم مر أكثر من عام وإذا الدكتور عبد العزيز الثنيان أحد كبار الناشرين العرب "العبيكان" يتصل: وبعد السلام افتتح المكالمة بمدح آخر كتاب نشرته: "نبت الأرض وابن السماء، الحرية والفن عند علي عزت"، ثم عقب إن الكتاب "جوهرة"، ولكنك أنت الذي تتحدث على لسان علي عزت، ولم يخف تهمته لي بأني اتخذت من علي عزت مطية لقول أشياء في البال، أو نحو هذا، فأكدت أني وثقت النصوص ولم يكن لي إلا دور العرض والترتيب لآرائه، وبدا أنه لم يقبل قولي، فشكرته على المدح وكم يحتاج من يعمل عملا ولو يسيرا إلى كلمة تشجيع، من مثقف بارز. ثم اقترح السفر إلى معرض طهران للكتاب؟ وكان بعد نحو أسبوع، في الشهر الخامس لعام 2010م وأكد لي عزمه، فقلت سبق أن دعوني فلم أذهب ونصحني صديق بعدم الزيارة، وأنت من المعصومين من اللوم، أما نحن ف .. لعلي قصدت لنا نكد المثقفين، قال: "لا تحاكي" أي لا تناقش، أطلق العبارة بكل ما يحمل من إرث بيروقراطي مع أنه يعجبه أن يوحي بأنه ديمقراطي، قلت أعطني وقتا وسأفكر وأرد عليك، سألت القريب المشير فقال: "خذني معك"، قلت وهل كل هذه المغامرة خوفا من خطر المتعة!

ذهبت للسفارة في الدوحة واستخرجت التأشيرة في أقل من أربع وعشرين ساعة، فأول ما وضعت الجواز حوالي الثانية عشرة ظهرا لم يزد الموظف عن أن التفت للورقة ثم قال: للمعرض؟ قلت نعم، فطلب المبلغ حوالي خمسين دولارا، وقال في الصباح تأتي في الساعة الثامنة لأخذ التأشيرة دون بحث حاسوبي ولا سؤال ولا وثائق أخرى، وكان ما وعد به، وقد كنت أتوقع تعقيدا كتعقيد الأوروبيين أو رفضا، ثم اتصلت: "أخذت التأشيرة"، وحددنا يوم لقائنا في طهران الجمعة 7\ 5\2010م.

لفت انتباهي في مطار طهران نظافته وسلاسة الاجراءات، وقد كان بجانبي في الطائرة التي أقلتني من الدوحة تاجر هندي هندوسي عاش في منطقة الخليج العربي أكثر من ربع قرن، ثم افتتحت شركته الأمريكية "بيبسي كولا" فرعا في إيران فذهب إلى هناك، وقد أثنى كثيرا على أخلاق الإيرانيين وتعاملهم وأنهم لا يغشون وتعاملهم رفيع وطعامهم جيد وأرضهم جميلة، كدت أقول يكفي "هجاء". وحدثني عن جبال شمال طهران العالية التي يكسوها الثلج أكثر العام، فرفع حديثه عن صدري غما وقلقا كثيرا من بلاد غريبة، ولما رأى الحمص في الصحن قال: "في طهران لا حمص ولا تبولة ولكنك ذاهب إلى بلاد الكباب"، وكان ما قال، فالطعام في إيران في الجملة جيد، و بحسب المكان. كما لم أجد أن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير