تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بالامكان الحصول على المال من النوافذ البنكية المنتشرة، فهي فقط للبنوك الإيرانية، ولا تتوفر نوافذ للبنوك الأخرى، وكان هذا أول وجوه الحصار التي تواجهك هناك، غير أني كنت قد توقعت هذا واحتطت لنفسي.

ثم وصل أمير الرحلة ورفيقه الدكتور عبد الله المعيلي في فجر اليوم التالي والتقينا في المعرض، لأنهم وصلوا متأخرين ولم يناموا، أما أنا فباكرت الكتب. وقد أوصلني للمعرض الشاب نفسه الذي لقيني في المطار وهو شاب كردي سني نبه لغته العربية جيدة يقول تعلمها مبكرا فقد كان حريصا على تعلمها وكان يستمع للراديو وللبرامج الدينية العربية ليحسن لغته، واللغة العربية في إيران منتشرة إلى حد ما في صفوف المثقفين وبخاصة المتدينين، واللغة الفارسية تكتب بالحرف العربي ومملوءة بالكلمات العربية، حتى إنك تستطيع معرفة الموضوع في الجريدة وأحيانا التوجيهات الموجودة في اللوحات دون ترجمة. فمثلا وزارة الاقتصاد اسمها: "وزارة أمور اقتصاد" ومحل تعمير أو إصلاح الهواتف الجوالة: اسمها: "تعمير موبايل" وهكذا. حتى لتذكرك بعض العناوين الكثير من الفصيح العربي المنسي، ففي عنوان الجريدة عن لقاء للناشرين يتحدث الولي الفقيه إليهم بأن "عرصة الثقافة عرصة جهاد" عرصة أي حلبة، أو ميدان كما في: "عرصات القيامة".

3

تعطي الحكومة الإيرانية اهتماما كبيرا بمعرض الكتاب، فمثلا يزوره المرشد الأعلى للجمهورية، وقد صوّروه وهو يمر على عدد من الناشرين، ويقبل مصحفا ناولته إياه إحدى البائعات، ويستقبل الناشرين في قصره، ويعقد معهم لقاءا، وفي آخر يوم يكرم رئيس الجمهورية الناشرين. أما القسم العربي من المعرض فيقع في خيمة واسعة يزيد طولها عن مائة متر وعرضها نحو عشرين مترا فيها ناشرون عرب كثيرون أغلبهم من السنة، وتحديدا من مناطق الشام بيروت ودمشق وعمان وقليل من غيرهم كمصر فهناك من الناشرين الرسالة والمؤسسة العربية، ومن دور النشر السلفية التي رأيت كتبهم دار ابن حزم وابن كثير وآخرين، كالعبيكان، والشبكة العربية، ومكتبة الإحسان وهي مكتبة إيرانية كثير من كتبها سنية إن لم يكن أكثرها حيث يهتمون بكتب الشافعية والأحناف.

كما أن علماء آسيا الوسطى ـ من الأحناف وعلماء وطلاب أفغانستان وباكستان وغرب إيران وجنوبه وشرقه في كردستان وعربستان وبلوشستان وهم يزيدون عن خمسة عشر مليونا ـ يحبون الكتب التراثية العربية، ويقبلون عليها، ولكنها قليلة وغالية السعر عليهم، وكثيرون من تلك المناطق المجاورة يقبلون على المعرض وعلى الكتب الفارسية، لأن اللغة الفارسية غنية بالتراجم عن اللغات وخاصة كتب الأدب كالروايات الغربية وكتب الفكر والفلسفة. وهذا مؤشر ثقافي كبير فحيث تنتشر كتب الرواية تتراجع كتب الدين، ويتراجع التدين، وتشير إلى التحولات الثقافية العلمانية في المجتمع.

أما عن القاعة الرئيسة للمعرض، فهي مخصصة للكتب الفارسية، وللبعثات الثقافية الحكومية، ومن الحاضرين العرب الإمارات وعمان، في الطابق الثاني، وكان بعض العرب يحضرون في السنوات الماضية ثم قاطعوا، ولعل تلك القاعة الرئيسة من أكبر ما رأيت من قاعات المعارض وأجملها، مزدحمة جدا بالكتب والزوار، ومع ذلك كان الدليل يقول لنا إنها الآن أقل ازدحاما من يوم الجمعة بكثير، ويذكرون أعداد الزوار بالملايين ولكن تلك الأماكن يصعب تصور أن مليونين زاروها في يوم الجمعة كما قال الدليل. وقد قرأت في جريدة "طهران تايمز" عن عدد زوار العام السابق 2009 بأنهم كانوا خمسة ملايين زائر، وعن تلك القاعة أنها عادة ما تكون مصلى العيدين الفطر والأضحى، وبجوارها مسجد لم يتم ومنارات هائلة الارتفاع، بدأ بناؤها في بدء الثورة ثم لم يستكمل إلى الآن!

من المناقشات التي نشرتها جريدة طهران تايمز، سخط الملالي من لباس النساء في القاعة، لأنهن يلبسن لباسا غير محتشم في مكان الأصل فيه أن يكون للصلاة، اسمه الأصلي: "مصلى الخميني"، وهناك مطالبات بإعادة أو نقل المعرض إلى منطقة المعارض الأوسع، وأحد الآيات احتج وطالب أن يسمح الرئيس بمحتسبين على الأبواب يمنعون غير المحتشمات من دخول المعرض، فهو يقول إنهن حولنه إلى معرض أزياء أو "موضة" ونقلت الصحيفة عن بعض العلماء الذين قدموا من قم بأنهم عادوا بقلوب مكسورة مما شاهدوا في المعرض. وهناك نقاش في البرلمان بشأن هذا،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير