انظر اليهْ (يشير إلى الشاعر)
هوَ ذاك في وهمٍ غريقْ
منيب (وكأنه يفكر):
تنوي على أمرٍ مُريبْ
مظفر (بخبث):
الدورُ دورك والعبثْ
منيب:
تغتال نفسي رِقةٌ
أخشى عليه اللائمهْ
مظفر:
ذات الرضى مُحترقهْ
إنبذْ سمومَ الشفقهْ
منيب:
هو شاعرٌ
مظفر:
الشعر ليس الذل .. لا والمسْكَنهْ
الشعر تجديدُ الدماءِ الآسِنَهْ
منيب (يقلب عينيه):
ما الآسِنَهْ؟
مظفر (بضيق وحدة):
أكثرت في طلب السؤالْ
منيب:
ما كان إلا واحداً
مظفر:
في كل يوم تسألُ
منيب:
بي شغفٌ للأسئلهْ
في جسدي مسترسلهْ
مظفر:
إقرأ لتعرفَ ما يُقالْ
منيب:
تُرهِقُ نفسي المعرفهْ
فلستُ أدري من أنا
ومن أكونْ؟
وأيّ سرٍ أو صِفهْ .. ؟
مظفر (ينظر إليه باستغراب ودهشة):
حيناً أراكَ كما أراكْ
حيناً أراكَ ولا أراكْ
منيب (مستعجلا):
هوَ ذا سؤال في الشفَهْ
مظفر (ضاحكا):
لا .. لا أُطيقْ
دعهُ لسرِ المعرفهْ
(يتضاحكان ويتجهان إلى المكان الذي يجلس فيه الشاعر وقد قررا العبث به ويقفان بحيث يسمع صوتهما)
مظفر (بصوت مرتفع لمنيب):
بالباب شاعرْ
بالباب نايٌ ووترْ
بالباب ينتظر القمرْ
(يلتفت أكثر إلى منيب):
انظر إلى المهديِّ لا أحد معهْ
وينتهي الفعل ونحن أربعهْ
مهدينا وحاجبهْ
بريده وكاتبهْ
منيب:
أربعة بامرأتينْ
لقمان (كالمستدرك):
وغلامهُ
مظفر:
أين تكون الحاشيهْ ... ؟
وزراؤهُ .. أُمراؤهُ؟
الشاعر (متجها بالحديث إليهما والى المجموعة):
لا .. لا تسيئوا مقصدي
مالي وللوزراء والحشم
إني إلى أمرٍ سعيتْ
وليس فيكم من فهمْ
لقمان:
حتى علينا يكذبُ
منيب (ينظر في ساعته):
يكذب الشاعر عند السابعهْ
لقمان:
ويوالي كذِباً في الثامنهْ
مظفر:
لو تدور العقاربْ ساعةً بعد ساعهْ
فهو في الناس كاذبْ لا تجوز الشفاعهْ
منيب:
فليعترفْ
فليعترفْ
الشاعر:
بمَ .. بمَ؟
منيب:
بأيِّ شيءْ
(يلتفت إلى لقمان):
أتظنه ثوباً (يُفَصِّلهُ) كما يهوى؟
لقمان:
ثوباً (يفصّله) ويلبس غيرَهُ؟
منيب:
شاعرٌ ليس يدري ربْحَهُ والخسارهْ
كلما ازداد ذلاً أغرق المالُ دارهْ
الشاعر:
لا أطلب المجد من قومٍ تجارتهم الهمُ والغمُ والافلاسُ والنكدُ
حتى الأمانيّ صرعى في مجالسهم أكفانها الحقد والبغضاء والحسدُ
مظفر:
مِتُ غيظاً
(يلتفت إلى منيب وهو يشير إلى الشاعر):
قُمْ فكفِّنْهُ وصَلِّ واقترحْ دوراً يُسلِّيْ
(يقرر مظفر قلب الطاولة على الشاعر وزيادة جرعة العبث ويغمز لمنيب .. يقوم منيب بالبحث تحت الوسائد وأسفل الكراسي).
مظفر (بتغابٍ):
عن أي شيءٍ تبحثُ؟
منيب:
عن مُخْرِجٍ ضيَّعْتُهُ
(يدخل يده في جيوبه):
إن الجيوب مُشققهْ
(تنظر إليه المجموعة ببلاهة وهو يذرع ارض المسرح بيده).
منيب:
يا دولة سدَّتْ جبين الشمسْ
هاأنتِ بين أصابعي
(ينظر إلى أصابعه):
مضغوطة وموجعهْ
(يرمي بأصابعه في اتجاه المسرح):
كوني هنا
في مسرحٍ مهدمٍ
أربعةٍ في عشرةٍ
أمتاره مرقّعهْ
(ينظر إليهم بجنون):
أتعجبونْ .. !!
من دولةٍ مضغوطةٍ 00؟
وتنكرونَ
.. المخرج فيها ينضغطْ00؟
(يتلفت حوله ويصيح):
أضَعْتُهُ يا ويْلَهُ
(سليمى بابتسامة العجب):
رأيتُهُ حينَ خرَجْ في خفةٍ وعَجَلَهْ
(ينظر إليها مظفر بخبث وكأنه يسألها عن سر الاهتمام ويتغير لونها وترتبك)
مظفر (يصفق بيديه ويرقص):
ذهبَ المخرج عنّا ليتهُ ما كان مِنّا
اسألوا عنه سليمى فهي أدرى بالمُعَنَّى
(تجاريه المجموعة في الرقص وتنظر سليمى إليهم بغضب وتنظر إلى الشاعر بنوع من العتاب وتخرج وتستمر المجموعة):
منيب:
اسألوها واسألوني حيثما كانت وكنّا
الشاعر:
لا تسيئوا الظن فيها أحسنوا بالناس ظنَّا
معين:
أحسنوا قد ذابَ وجداً وارتوى شكاً وأنَّ
منيب:
قلبه في راحتيهِ والخُطا من خلفهنَّ
الشاعر:
لا أراني بين إنسٍ جُنَّ من عاشرَ جِنَّا
(ينظر منيب إلى مظفر ويضحك ويشتعل رقصا ويضرب الأرض بقدميه):
منيب:
أَسْمِعوني اللحنَ عذباً راقصاً فيَّ تثنَّى
أسْمِعوني .... أسْمِعوني جُنَّ جُنَّ .... جُنَّ جُنَّ
(يكرر البيت وتدور المجموعة على الشاعر في شكل حلقة راقصة):
زاد في الحب قتيلٌ دمهُ حلٌّ لهُنَّ
ارحموهُ ليس يقوى صرَّح الحبُ وغنَّى
(يخرج الشاعر غاضبا وتلاحقه أصوات المجموعة):
قد تجنينا فعذراً ليس كالحب تجنَّى
عُدْ إلينا نحن نهوى قد تمنينا وأنَّى
¥