1 - الجمع بين أصالة المناهج القديمة وتقنيات المناهج الحديثة، إذ أفاد الباحث من النظريات اللسانية لاسيما التداولية المعاصرة، ونظرية السياق، وعلم النص وتحليل الخطاب، كما استفاد من معطيات النقد الأدبي الحديث في تحليل الأسلوب القصصي في القرآن الكريم، واستنار كذلك بالدراسات الحديثة المتخصصة في أساليب الحوار، وفن التفاوض، كل ذلك بالقدر الذي يقتضيه البحث، مع الحرص على ما يلائم طبيعة وقداسة النص القرآني بنسيجه الدلالي والأسلوبي وتركيبه اللغوي المخصوص.
2 - على الرغم من استفادة الباحث من المناهج اللسانية الحديثة إلا أنه لم يبق َ أسيرًا لمنهج واحد بل غلب عليه المنهج التحليلي، إذ يعتمد على الإحصاء أحيانا إذا كان ذا دلالة مفيدة، وأحيانا يستفيد من الاتجاه الوظيفي في بيان وظيفة السياق اللغوي والحالي في التحليل والتفسير واستنتاج الدلالات، ويعتمد أحيانا على آليات تحليل الخطاب وتداولياته. . لكن خصوصية النص وقدسيته كانت الهاجسَ الموجِّه للبحث منهجًا ومضمونًا.
3 - الحرص على المعالجة التطبيقية التي تُعنى بإبراز الممارسات الواقعية لمفاهيم الحوار وتجسيدها واقعا حيّا، ومثالا مشاهدا.
4 - الربط بين جماليات النص الحواري في قصة إبراهيم uوما كُسيت به الرسالة الحوارية من روعة الصياغة، وقوة الفكرة، وبلاغة الأسلوب، وجودة التناسق، ودقة الإيجاز. . وبين أخلاقيات الحوار وتقنياته وأنماطه ونظرياته في العصر الحديث، وعدم الوقوف عند الطريقة التقليدية في بيان أوجه الإعجاز البلاغي للقصص والأساليب القرآنية، والتي تتمحور - غالبا - حول علوم المعاني والبيان والبديع.
5 - الاستعانة بأقوال المفسرين، حيث تسهم في الدخول إلى مكنونات النص القرآني الذي هو موضع الدراسة، مع الحرص على الابتعاد عن الروايات الإسرائيلية التي لا تثبت أمام معايير النقد والتمحيص.
6 حاول البحث أن يستوعب دراسة قصة إبراهيم في مسارات متعددة. . فمنها المسار الشرعي الموضوعي، والمسار الأدبي الجمالي، والمسار الإقناعي الحجاجي، وأخيرا التربوي الفكري. مما كان عاملا مباشرا في توسع مباحث الدراسة، وتنوع تناولها، وتعدد مصادرها. . وتمدد صفحاتها رغم إلحاحي الشديد على تحجيمها وتكرارتهذيبها.
نتائج البحث: توصل الدارس إلى مجموعة كبيرة من النتائج لعل من أهمها:
1. أن البحث كشف عن ثراء المادة الحوارية في قصة إبراهيم u وتنوع موضوعاتها، وتشعّب مساراتها، واختلاف أهداف مشاهد الحوار ونتائجه، وتعدد أطرافه، وغزارة دلالاته، وتمايز معانيه في كل مشهد. مما يؤكد تأصل اللغة الحوارية في مكونات الخطاب القرآني، وتغطيتها لأجزاء واسعة من هذا الكتاب العظيم. .
2. أثبت البحث تداولية النص الحواري في قصة إبراهيم uإذ جاء يركز على المخاطب ووسائل تحريكه والتأثير عليه، كما يُعنى بسياقات الحوار ومقامات التخاطب.
3. استطاع الحوار في قصة إبراهيم u أن يرسم - بكل دقة ووضوح - شخصيات الأطراف المتحاورة، ويظهر معالمها، ويكشف عن واقعيتها وموائمتها للجمل الحوارية المنبثقة منها والمعبّرة عن هويتها وهيكليتها الحقيقية، فلكل شخصية رئيسة في الحوار، معجمها الحواري الخاص بها والذي يترجم حياتها الواقعية، ويحدد صفاتها الذاتية.
4. أكد البحث تَنَوُّعَ الأنماط الحوارية في قصة إبراهيم u وأنها أنماطٌ واقعية حقيقة غير مفتعلة ...
5. كشف النمط القصصي من الحوار في قصة إبراهيم uعن روعة البناء الفني المحكم للقصة القرآنية، وتَمَيَّز بتجسيده المواقف، وتوليده الشخصيات وتأطيرها، وتصوير عوالمها المستخفية.
6. وجد البحث أن التكرار في النصوص الحوارية من قصة إبراهيم u يُعين على تحقيق التماسك النصي، وأن كل حلقة تختلف عن الأخرى في سباقها وسياقها وما تتضمنه من أحداث ودلالات. . بل إن نمو الشخصية يتكامل من خلال هذا التمايز بين الحلقات. وأنه ليس هناك تكرار يخلو من معنى جديد أو إضافة حقيقية تزيد من التماسك والانسجام النصي بحيث يشكل النص المتعدد لوحة حوارية واحدة متكاملة.
7. أثبت البحث ظهور الحوار الذاتي في قصة إبراهيم uولا سيما في مواطن التأزم النفسي، وليس ظهوره فحسب، وإنما مجيئه ثرّا متنوعا ممتعا يصور العالم الباطني للشخصيات، وينفذ إلى أعماقها، ويخفف آلامها وهمومها، ويفرغ شحناتها النفسية.
¥