عندما اقتربنا من المكان وكان السائق عاميا خفيف الظل ويعرف قليلا من العربية وقليلا من الانجليزية يكفي للضروري من القول، ولما أردنا أن ندخل المنطقة فكان الدخول بمبلغ مالي قال السائق: "حتى إمام الزمان يأخذ منا المال؟ " نعم مزارات تجارية وبيع للدين وللمزارات على أشده وأبنية من أفخم ما يمكن أن ترى عينك وأجمل ساحات مزروعة ومبان في غاية الضخامة والفخامة، وهناك المال يصب بل يُكبّ على تلك البقاع بسرف لا نظير له وكم البلاد وفقراؤها بحاجة لتلك المليارات, كنا مرهقين فجلسنا في ناحية المسجد بالغ الزينة.
عند خروجنا وجدنا قرب الباب من الداخل طاولة على يمين الخارج من المسجد يجلس إليها إثنان ومكتوب فوقهما لوحة تقول: "ثبت كرامات وخاطرات" حيث يمر ويسجل حلمه من رأى مناما عن إمام الزمان!
أمام قبلة المسجد من الخارج كشك يبيع أوراق بمبلغ قليل وتلك الورقة مكتوب فيها رسالة لإمام الزمان أولها دعاء وتمجيد ثم وسطها فارغ ثم خاتمة، حيث يكتب الطالبون رغباتهم في وسط الورقة النموذج، ثم يذهبون إلى سلة كبيرة بجانب ما يشبه الغرفة ويسقطون الرسالة من السلة إلى حفرة يأملون أن الرسالة تصل إلى إمام الزمان ويجيب الدعاء، وقد أخذنا هذه الورقة ورأينا مكان إسقاط الورقة، وحول المكان كتابات في كل مكان والجدران مغطاة بما ينقشه الزورا من الأدعية، وقد رأينا غالب زوار هذه الخرافات من النساء.
وأخبرنا أحدهم بأن هناك مزار آخر لقاتل عمر بن الخطاب، يبعد حوالي ساعة من المكان نفسه، وأخبرونا أنه أغلق أو منعت زيارته بسبب تشنيع الشيخ القرضاوي عليهم، ولم نذهب إلى ذلك المكان.
ـ الخرافة وقود لعلمانية قادمة:
إيران القادمة إن لم تكن علمانية، فستكون أقل تدينا عما هي عليه الآن، وأكثر ما يبعد الناس عن التدين أن الدين أصبح حكومة وربط بها، وحكام إيران هم الآيات ومن لفّ بهم، وكان معهم ولهم عون كبير من القوة العسكرية التي عانت من مواجهة مع العراق، فأصبح الجيش مندمجا في الرسالة الدينية والقضايا الوطنية، وترى معسكرات الجيش ومراكزه في كل مكان ربما أقل من ظهوره في مصر، ولكنه حاضر في المشهد.
من مشاهد التحول عن التدين وكراهية حكومة الملالي، ما حدثنا به دليلنا من قصة سمعها من أحد الآيات يرويها لوسيلة إعلامية قال إن هذا الآية وقف على الشارع ينتظر سيارة أجره لتنقله لمكان آخر، فتمر السيارات تحمل من يقف في الطريق من النساء ومن بقية الناس ولا تقف له، ثم أخيرا وقفت له سيارة ففرح بها وشكر السائق، وحدثه عن انتظاره الطويل للسيارة مقارنة بغيره، غير أن السائق وقف بعد قليل وطلب من الشيخ أن ينزل فاستنكر وسأله لم حملتني إلى هنا؟ قال قد كنت هناك في ظل شجرة وأردت أن أنزلك هنا حيث لا تجد ظلا يقيك الشمس! هذه نكتة أو مشهد من الكراهية للطبقة الحاكمة في إيران.
ـ النساء:
تميز بسهولة بين لباس المرأة المتدينة وغيرها في إيران، والغالب بين الإيرانيات الخروج على التدين واختراع الحيل المتنوعة على الحجاب، فمظاهر كشف مقدمة الرأس واللباس الضيق ظاهر، ولكن الجاكيت وستر الجسم كله هو غالب اللباس، وقليلا أو نادرا ما ترى لباسا لعله للأكثر تفسخا وانحلالا ويزيد التكشف بمقدار قلة المروءة، أما الزائرات للبلاد من الشرقيات والغربيات ومن غير المسلمات فإنهن يلتزمن لباسا محتشما، ويحترمن دين ولباس الإيرانيات، ويضعن مناديل وشيال على رؤسهن، وفي لباس بعضهن حشمة وأدب أكثر من متفسخات البلاد المجبرات على زي الثورة.
ونسبة المتعلمات من الإيرانيات عالية، إذ تقول الإحصاءات بأن 65% من طلاب الجامعات من النساء، وهن أغلب أساتذة الجامعات.
عند السؤال عن قصة المتعة، كان الجواب من أكثر من شخص بأنه نادر جدا، لموقف النساء الشديد منه، فقد أجرت الثورة استفتاء في أول عهدها وكان موقف الأغلبية ضد تيسيره للناس، إذ يكاد أن يكون معدوما، وقال لنا أحدهم أن بعض المتدينين أحيانا يعقد عقد متعة في مرحلة الخطوبة للشباب، ليسهل التعارف والحديث دون علاقات جنسية، ثم يكون عقد زواج فيما بعد في حال الاتفاق.
تقول الإحصاءات في تلك الأيام بأن 10% من الأطفال قبل الخامسة عشرة يكونو قد مارسوا الجنس، وأن 20% قبل الثامنة عشرة لهم علاقات جنسية، وأن مرضى الأيدز يقارب عددهم عشرين ألف مريض.
¥