وتوقفت عند ذلك الحد لأنني لاحظت كثرة تكرار حرفي الفاء والقاف بشكل يعيق القراءة السلسة وقد يطغى على القافية، كما لاحظتأن القافية لا تساعدني على الإستمرار في التعبير عن ما أود قوله. بالإضافة إلى شعوري بأنني وضعت نفسي في موضع حرج بما كتبت حتى تلك اللحظة حيث أصبح ما كتبته وكأنه إنتهى عند ذلك الحد لإكتمال المعنى في نظري.
فتركت القصيدة مدة أيام قليلة أتاحت لي فرصة الحوار مع نفسي فيما أود قوله بشكل أفضل وأتاحت لي الفرصة أيضا لتصور شكل القصيدة وسياقها في عقلى قبل البدء في الكتابة من جديد حيث وصلت إلى النتائج التالية:
1 - موضوع القصيدة لا يجب أن يتغير.
2 - شكل القصيدة القديم يعيق الإنطلاق بها لتتسع لكل ما أريد قوله ولكن لا يجب أن يختلف كثيرا عن الشكل الحالي لها آنذاك.
3 - القافية يجب أن يتم تغييرها لإتاحة الفرصة للتعمق فيما أود التعبير عنه.
وبذلك بدأت بكتابة القصيدة بالشكل الراهن.
وقد مرت القصيدة خلال الإثني عشر عاما منذ كتابتها وحتى اليوم بالعديد من التغييرات والحذف والإضافة حتى وصلت إلى هذا الشكل، فقد كانت القصيدة تقول:
وتلك الخواتم في الإصبعين
تمنيت أني هناك أكون
ومع أن هذه القصيدة قد فارت في أحد مسابقات الشعر فى لندن إلا أن أحد الإخوة المصريين لفت نظري إلى أن هذا المعنى غير مستساغ عند الإخوة المصريين (خاتم في صباعى) ومع علمي المسبق بهذا المعنى في مصر إلا أنني لم أقصده في هذا القصيدة وإنما قصدت القرب والتلازم الدائم لمن أحب، ومع ذلك ولئلا يختلط الفهم على بعض الأشخاص إقتنعت بتغييرها في النهاية إلى ما هي عليه الآن. بالإضافة إلى بعض التغييرات الأخرى الأقل أهمية.
ما أردت أن أقوله هنا أنني أعتقد أن الكاتب يجب أن يكتب أولا من القلب ثم يكون هو الحكم الأول على كتابته فإن لم يرض هو عما كتب يجب أن يغيرة وبعد رضاؤه عما كتب يأخذ رأي الآخرين ولا مانع من تغيير وجهة نظره إن إتضح أن آراء الأخرين هي الأقرب للصواب.
عندما نتحدث عن الشعر الحر أتمنى أن نكون متفقين على أن الشعر الحر مختلف إختلافا جذريا عما يسمى (قصيدة النثر) فأنا شخصيا لا أرى أن للأخيرة أي علاقة بالشعر لا من قريب ولا من بعيد وإنما هي محاولات شعرية لم يكتب لها النجاح ولم يكن عند كتابها الجرأة للإعتراف بذلك والسعي إلى تحسين مستوياتهم للوصول إلى درجة تمكنهم من كتابة الشعر وأصروا بذلك على حمل إسم (شاعر).
أما قصيدة الشعر الحر (قصيدة التفعيلة) من وجهة نظري المتواضعة فيجب أن تجمعها روابط معينة لتستحق لقب (قصيدة) ومن أهمها الموسيقي الشعرية والقافية. ولا أرى عيبا إن إستخدم الشاعر أكثر من وزن واحد في هذا النوع من الشعر ولكن بدون إغراق في ذلك حيث أرى أن إستخدام أكثر من وزنين وختلفين في قصيدة واحدة يأخذ من جودة العمل الفني الكثير الكثير. أما القافية فقد تجدين بعض قصائد الشعر الحر التي تستخدم قوافٍ متعددة لكل مقطع فيها، وإن كنتُ أرى أنه كلما قلّتْ القوافي زادت جودة العمل الشعري.
وآخر ما أود قوله في هذا الخصوص هو أنني أرى أن الشاعر يجب أن يكون متمكنا من كتابة الشعر العمودي أولا قبل البدء في كتابة الشعر الحر حتى لا يقع في فخ ما يسمى (القصيدة النثرية) فمن طبيعة البشر حب التغيير وتجربة شيء جديد وبما أن الشعر العمودي أصعب من الشعر الحر ففي الغالب يلجاء كتاب الشعر الحر إلى ما يسمى قصيدة النثر من باب التغيير بدلا من محاولة كتابة الشعر العمودي.
أشكرك مرة أخرى لمرورك الكريم وأعتذر عن التأخر في الرد نظرا لانشغالاتي المتعددة
تحياتي وودي
ـ[إيهاب فخري]ــــــــ[31 - 03 - 2008, 10:02 ص]ـ
أخي همس الجوارح المحترم
شكرا لمرورك الكريم وكلمات الإطراء المغلفة بالعتب
الحمد لله لم أفقد عقلي (كليا) بعد مرور إثني عشر عاما على هذه القصيدة التي تعبر عن فترة من أهم فترات حياتي والتي ساهمَت بشكل كبير في تشكيل شخصيتي وجعلَت مني شاعرا يلجاء إلى قلمه لتخفيف ما نعاني منه جميعا في حياتنا من ضغوطات وإحباطات.
تحياتي وشكري على كلماتك العذبة