[سؤال لفضيلة الدكتور عمر علي خلوف حفظه الله]
ـ[أبو معاذ الهلالي]ــــــــ[08 - 03 - 2008, 11:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الدكتور عمر:
قرأتُ قبل مدّة يسيرة دراستك المعنونة بـ"دراسة حول كتاب العروض للأخفش"، وكانت دراسةً مميزة.
وقد استرعى انتباهي قولك: -"ويكاد البحر السريع يهدم نظريَّة الدوائر الخليلية برمتها؛ فنزولاً على حكم الدائرة العَروضية، التي تَعُدّ البحر السريع مؤلَّفًا من: (مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ مَفْعُولاتُ)؛ فقد اضطر الخليل اضطرارًا إلى عد ما كتب من الرَّجَز المشطور على: (مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ مَفْعُولانْ)، و (مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ مَفْعُولُنْ) من السريع، وعدَّ ما كتب من الرَّجَز المنهوك على: (مُسْتَفْعِلُنْ مَفْعُولانْ)، و (مُسْتَفْعِلُنْ مَفْعُولُنْ) من المُنْسَرِح!!
ونظرًا إلى أن أضرب البحر السريع: (فَاعِلانْ وَفَاعِلُنْ وفَعِلُنْ) بعيدة كل البعد عن (مَفْعُولاتُ)؛ فقد اضطر الخليل إلى تمحُّل (العلل) لكي يُحَوّلها إليها، ومعلوم أن الضرب (مَفْعُولُنْ)؛ بل و (مَفْعُولانْ) هما من ضروب الرَّجَز التام بإقرار الخليل والعَروضيين من بعده؛ فعلى الضرب الأول قصائدُ أكثر من أن تحصى، قديمًا وحديثًا، ومن الثاني - وهو قليل - أرجوزة النَّظَّار بن هاشم، والتي أوْرَدَها الأخفش في كتابه "الاختيارين" (ص 301)، وهي (66) بيتًا، يقولُ في مطلعها:
مَا هَاجَ شَوْقًا مُولَعًا بِالأَحْزَانْ وَدَمْعَ عَيْنٍ ذَاتِ غَرْبٍ تَهْتَانْ
إِلاَّ بَقَايَا نَبَهٍ مِنْ دِمْنَةٍ وَنَبَهٍ مِنْ طَلَلٍ وَأَعْطَانْ
ولذلك فلا مشاحَّة أنَّ هذه الضروب هي من الرَّجَز، ولقدِ انتقد عدد من العَروضيين الخليل في ذلك، ... إلخ.
والحقيقة أني كنت أستشكل جدّاً نسبة ما جاء على الوزن المذكور ـ في نحو أرجوزة ابن هاشم ـ إلى بحر السريع!
ولديَّ سؤالان:
الأول: قولك "ومعلوم أن الضرب (مَفْعُولُنْ)؛ بل و (مَفْعُولانْ) هما من ضروب الرَّجَز التام بإقرار الخليل والعَروضيين من بعده"
لم أفهم مقصودك بكون (مفعولان) من ضروب الرجز بإقرار الخليل والعروضيين، فهل نصُّوا على ذلك؟ ليتك توضّح مرادك أكثر!
الثاني: قولك: "ولقد انتقد عدد من العَروضيين الخليل في ذلك"، ثمّ ذكرتَ الأخفش والمعرِّي فهل يحضرك سواهما؟
نفعنا الله بعلمك.
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[10 - 03 - 2008, 01:06 ص]ـ
الأخ الفاضل أبو معاذ حفظه الله ..
أحييك على ملاحظاتك الدقيقة، وأشكر لك ثناءك على الدراسة ..
وعطفاً على سؤاليك الكريمين أقول:
لقد نصّ العروض الخليلي على (مفعولن) ضرباً من ضروب الرجز كما هو معلوم. ومع أن العروض الخليلي لم ينص صراحةً على (مفعولانْ)، إلاّ أنها في رأينا هي (مفعولن) ذاتها مذيّلة. و (مستفعلانْ) لا يمكن أن تكون إلاّ (مستفعلن) مذيّلة.
وقد وردت التفعيلتان ضروباً لتامّ الرجز، ولكنهما لم تردا ضروباً لتام السريع. فلماذا لا يكون المشطور (والمنهوك) منهما رجزاً، وهو ما يقتضيه المنطق السليم؟
ولذلك فقد أردتُ أن أشير في الدراسة إلى أن (مفعولانْ) هي تفعيلة رجزية بإقرار العروضيين، الذين هم امتداد للخليل رحمه الله تعالى.
فالأخفش؛ على الرغم من إثباته (مفعولن ومفعولانْ) ضربين للسريع إلاّ أنه قال فيه: "ولم يُعلَمْ أن أصل [فاعلن] كانَ مفعولاتُ". كما أشارَ إلى مشطوره بقوله: إنه شعرٌ "يُرتَجَزُ به"!!
وانتقد المعري الخليلَ صراحةً مُخالفتَهُ العرب، وجعلَهُ ما هو من الرجز سريعاً ..
يقول المعري بعد ذكره حُداءً لذي البجادين، وابن الأكوع على الضرب (مفعولن):"وهذه الأشعار التي ذكرت رجزٌ عند العرب، وإنْ زعمَ الخليلُ أنّ بعضَها من السريع".
وكان ابن القطاع، والشنتريني وغيرهما قد ذكروا الضرب مفعولان في شواذ الرجز.
كما أشار الدمنهوري إلى تساؤل البعض؛ لِمَ يُلحَقُ هذا القالب بالسريع مع جواز إلحاقه بالرجز؟ وجاء في العمدة لابن رشيق قوله: "وفي الرجز مستفعلن المذال شاذ، أنشده أبو زهرة النحوي في كتاب العروض:
كأنني فوقَ أقَبّ سَهْوَقٍ ** جأْبٍ، إذا عشّرَ صاتِ الإرنانْ
وواضح أن الضرب المذال هنا هو (مفعولانْ) وليس (مستفعلانْ) كما توهّم ابن رشيق!!
ويزيد من ثقتنا أن هذه الضروب هي من ضروب الرجز " أنّ أكثرما جاء عليها كان لرجّاز لم يشتهروا بالقصيد، كالعجاج ورؤبة والعجلي .. ".
أشكرك أخي أبو معاذ مرة أخرى
وتقبل خالص الود والتحيات.
عمر خلوف
قراءة في كتاب العروض للأخفش
http://www.arabic-prosody.150m.com/akfash.htm
http://alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=78&ArticleID=2007
ـ[أبو معاذ الهلالي]ــــــــ[11 - 03 - 2008, 03:15 ص]ـ
حفظك الله وبارك في علمك.