تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[إطلالة على العام الجديد]

ـ[د. جمال مرسي]ــــــــ[31 - 12 - 2004, 06:14 م]ـ

[إطلالة على العام الجديد]

شعر د. جمال مرسي

العيشُ في تِلكَ الحياةِ مُحَيِّرُ=و هُمُومُها في كُلِّ يومٍ تَكْبُرُ

تَربُو اْلهُمُومُ تصيرُ بُنْياناً على=صَدْرِي، و ناراً في الفُؤادِ تَسَعَّرُ

مَا إِنْ يفيقَ اْلعَقْلُ مِنْ أَحْدَاثِهَا=حَتَّى يَرَىَ أُخْرَىَ تَهِلُّ و تَظْهَرُ

عَامٌ يَرُوحُ و تَنْقَضِي أَيّامُهُ=و يَجِيءُ آَخَرُ بِاْلخَفَايَا يَزْخَرُ

عامٌ مَضَى و اْلقَتْلُ تَرْعَى خَيْلُهُ=فِينَا، و أَشَْباحُ المَنَايا تَسْكَرُ

و نَظَلُّ نَرنُو لِلْجَدِيدِ، لَعلَّهُ=يَمْحُو خَطَايَا سَابِقِيهِ و يَغْفِرُ

فيخيبُ ظنُّ مُؤَمِّلٍ، و يَخُونُهُ=سَعيٌ، و كَمْ ضَلَّ الطريقَ مُفَكِّرُ

...

عامٌ مَضَى، و جَحَافِلُ اْلتَّخْرِيبِ فِي=أَرْضِ اْلعِرَاقِ، و لَيْسَ فِيِنَا مُنْكِرُ

جَاءَتْ كَأَسْرَابِ الجَرَادِ، سِلاحُهَا=جُوعٌ يُمَزِّقُهَا و حِقدٌ أغْبَرُ

و يَقُودُهَا بُوشُ اْلذي إِرْهَابُهُ=مَا كَانَ يَجْهَلُهُ لَبِيبٌ مُبْصِرُ

حَرْبٌ لأَجْلِ صَلِيبِهِ قَدْ شَنَّهَا=و لَهَا يُكَرِّسُ جُهْدَهُ و يُسَخِّرُ

ضَجَّتْ بِهَا اْلبَيْدَاءُ و البحرُ اْشتَكَى=و اْلتَاعَتْ اْلدُّنْيَا و أنَّ اْلأَخْضَرُ

حَربٌ على اْلإِرْهَابِ، ذَاكَ شِعَارُهَا=و المُسْلِمُونَ لَهَا وَقُودٌ أَحْمَرُ

بالأمسِ " جَيْحُونَ" اْستُبيحَ وَقَارُهُ=و اليومَ دَنَّسَ دِجلَةَ اْلمُسْتَعْمِرُ

و غَداً إِلَى اْلنِّيلِ اْلعظيمِ مَسِيرُهُ=يسبي الحرائِرَ في البلادِ و يأسِرُ

حتَّى إذا الأنهارُ غرباً حُوِّلَتْ=أو غِيِضَ مَنْهَلُنَا و جَفَّ اْلمَصْدَرُ

قِيِلَ اْخسَئوا يا حَالِمِينَ بِشَرْبةٍ =فَاْلمَاءُ مِنْ فَضَلاتِنَا يَتَقَطَّرُ

...

أواهُ يا قدسَ اْلعُرُوبَةِ كَمْ بِنَا=مِنْ حَسْرَةٍ بَيْنَ اْلحنايا تَنْحَرُ

"شَارُونُ" دَنَّسَ حُرْمَةَ اْلأقْصَى، و لَمْ=يَأْلُ اْلجُهُودَ و رَاحَ مِنَّا يَسْخَرُ

فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْكَ يَا عَامَ اْلأسَى=يُخْتَارُ مِنْ بَيْنِ اْلدِّمَاءِ اْلأَطْهَرُ

عَيْنُ "الأبتْشي" تَنْتَقِي بِبَرَاعَةٍ=أَهْدَافَهَا و مِنَ الفَضَاءِ تُفَجِّرُ

القردُ يَفْعَلُهَا و يَدْعَمُ فِعْلَهُ=فِي بيتِهِ المُسْوَدِّ ذِئْبٌ أَزْعَرُ

و نُسَاقُ خَلْفَهُمَا لِسِلْمٍ زَائِفٍ=و نَقُولُ بِالسِّلْمِ (اْلسَّلِيِبُ) يُحَرَّرُ

أوَ ما دَروْا أن الحُقُوقَ تَضِيعُ إِنْ=أَصْحَابُهَا عَنْهَا غَفَوْا أَوْ أَدْبَرُوا

و بِغَيْرِ حَدِّ اْلسَّيْفِ لَيْسَ يُعِيدُهَا=قَلْمٌ يُوَقِّعُ خَانِعاً أَوْ دَفْتَرُ

و بلا رُدَيْنِيٍّ فَلَيْسَ يَهَابُنَا=مَنْ كانَ يَجْهَرُ بِاْلخَنَا أَوْ يُضْمِرُ

...

يا أَيُّهَا اْلعَامُ الجديدُ تَرَفُّقاً=بِقُلُوبِنَا، إنَّ اْلقُلُوبَ تَفَطَّرُ

ماذا تُخَبِئُ تَحْتَ طِمْرَيْ قَاِدمٍ=غَيْرَ اْلأَسَى و نُيوبِ لَيْثٍ يَزأَرُ

خَمْسُونَ أَعْلَنَتِ اْلمَجِيءَ فَأَرْسَلَتْ=جُنْداً تُسَابِقُهَا إِليَّ و تُنذِرُ

و النَّفْسُ فِي غَيٍّ تَتُوُقُ لِصَبْوَةٍ=و لَقَدْ تُسافِرُ في الضَّلالِ و تُبحِرُ

لَوْلا هِدَاَيَةُ خَالِقِ الدُّنْيا لَمَا=كَفَّتْ، فَفَاضَتْ بِاْلغِوَايةِ أَنْهُرُ

خَمْسُونَ تَرْسُمُ للضياعِ خريطةً=فوق الوجوهِ و بالدِّمَاءِ تُسَطِّرُ

مَرَّتْ أَمَامَ اْلعَيْنِ مرَّ غَمَامَةٍ=حَدَّقْتُ فيها شَاخِصاً أَتَذَكَّرُ

فَرَأَيْتُ ما يُدمِي اْلعُيوُنَ مِنَ اْلبُكا=و يُذِيِبُ قَلْبَ جلامِدٍ فَتَفَجَّرُ

كمَْ فِي بِلادِ المُسْلِمِينَ مُشَرَّدٍ= كَمْ دَمْعَةٍ فَوْقَ اْلخُدودِ تحدَّرُ

كَمْ مِنْ أَسِيرٍ خَلْفَ جُدْرَانِ اْلأَسَى=سَجَّانُهُ المُتَجَبِّرُ اْلمُسْتَكْبِرُ

ما ذَنْبُ طِفْلٍ فِي حَدِيقَةِ بَيْتِهِ=يَأْتِيِهِ مَوْتٌ غَادِرٌ و مُدَبَّرُ

ما ذَنْبُ سَيِّدَةٍ تُهَدْهِدُ طِفْلَهَا=تَدْمَى لَهَا عَيْنٌ و سَاقٌ تُكسرُ

ماذا عليكَ و أَنْتَ تُوِقدُ شَمْعَةً =يا عَامُ بِاْلفَرَجِ القَرِيِبِ تُبَشِّرُ

قَدْ زَادَ شَوْقِي لِلسَّلامِ و لَهْفَتِي=لِلْخَيْرِ فِي اْلدُّنْيا أَعَمُّ و أَكْبَرُ

و خَلاصُنَا اْلإِسْلامُ يَجْمَعُ شَمْلَنَا=فَهُوَ اْلأَمَانُ، هُوَ اْلرَّبيعُ المُزْهِرُ

...

رباه:قلبي مُذْ عَرَفْتُ إلى الهُدَى=درَْبِي، بِذِكْرِكَ يا إلهي مُقْمِرُ

و دمتم بخير

ـ[بديع الزمان]ــــــــ[31 - 12 - 2004, 08:36 م]ـ

عَامٌ يَرُوحُ و تَنْقَضِي أَيّامُهُ ـــــــ و يَجِيءُ آَخَرُ بِاْلخَفَايَا يَزْخَرُ

هكذا هي أعوامنا في الحقبة الأخيرة أيها الشاعر المبدع عام يمضي بآلامه وأحزانه ونكساته يتلوه عام آخر ربما كان ما فيه من مرارات وأدواء تنسي سابقاتها.

ألسنا الآن في حيرة محيّرة؟! لا ندري أين نسلك لتعيش أمتنا في عزّ وكرامة ...

ما أصدق وصفك وأوضح تشخيصك لأحوالنا المؤلمة وجراحناالنازفة وقد غدوت تسير بنا على درب الألم الممض والحزن المقضّ حتى وصلت بنا في نهاية لهاثنا إلى رحاب الله الذي لا يخيب راجيه فما أبلغ ما وعظتنا وما أنفس ما أهديتنا!!

رباه:قلبي مُذْ عَرَفْتُ إلى الهُدَى ـــ درَْبِي، بِذِكْرِكَ يا إلهي مُقْمِرُ.

لك عاطر التحايا ......

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير