تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أنغامها وحروفها لكَ تنسب

فألوذ بالعبراتِ أذرف أدمعي

وأظل مابينَ القوافي أسكب

أشكو لها ضعفي وقلة حيلتي

وظلام ليلي حين غاب الكوكب

متسائلاً في حيرة ومشاعري

شتلال حزن جارف يتصبب

هل حق قول الناس أنك راحل

وبأن من تحت الثرى لا يرقب؟

كيف استطاعوا ان يواروك الثرى؟

تالله إني منهم مستغرب

يا راحلاً ان الحياة مريرة

فبدون وصلك شيء في حياتي يصعب

خذ كل ايامي وعد لي ساعة

خذ كل شيء في حياتي يعجب

فلئن صرحت بسر حبي جملة

لا تحسبني في ودادي أذنب

لكنها الدنيا رحيل دائم

كل يودع واليالي مركب

إن أمهلتنا في هناها مرة

من مرها لا بد يوماً نشرب

النص النثري

المقامة الخمسينية لشاكر الغزي، المنشورة بتاريخ: 9/ 9/2006

المقامة ُ الخمسينية ُ

حدثنا عبدالله ابن آدم َ بكلام ٍ طويل ٍ، كان بعضُه ُ شفاءَ العليل ِ، وبعضُهُ الاخرُ الموتُ الزؤامُ، لكثرة ِ ما فيه من المآسي والآلام ِ، فعلقَ في متاع ِ الفكر ِ ما أحببتُ استماعَهُ، وأسقطتُ منهُ رديء َ البضاعة ِ، فليس َ كل ُ كلام ٍ يؤخذ ُ، ولا كلُ سكين ٍ تشحذ ُ، وربّ َ جرح ِ قولة ٍ، آلمَ أكثر َ من جرح ِ مدية ٍ:

رُب ّ قول ٍ يجرحُ المرْءَ ويفْعَلُ * ما يفْعلُه ُ حز ّ المُدى

وكانَ ممّا قال َ: دعاني بعض ُ الصحابة ِ والاخوان ِ، في احدى ليالي شهر ِ رمضان َ، للإفطار ِ عندهم، والاستئناس ِ معَهم، وكان ميقاتُنا أكثرَ بقعة ٍ طهارة ً، نُؤمّ ُ فيه ونَؤمّ ُ داره ُ، وبينا آذنتنا الشمس ُ بالغياب ِ، وقبلت ذروتُها جبينَ التراب ِ، وبذلَ المؤذنُ في الترجيع ِ مستطاعَهُ، قمنا الى صلاة ِ المغربين ِ جماعة ً، ولمّا فرغنا من التسبيح ِ والتشهّد ِ، قصدنا دارهُ وتركنا المسجِدَ،وبينا كنا نسيرُ في الازقّة ِ المعبّدة ِ، واذ ْ بالصُحْب ِ كأنهم خُشُبٌ مسنّدة ٌ، اذ بهرهم جميلُ المنظر ِ، وحُسْنُ الصور ِ، من أزقّة ٍ مُنظّفة ٍ، وقصور ٍ مزخْرفة ٍ، قد نظمت في أبهى ترتيب ٍ، يغيض ُ المعادي ويسر ّ الحبيبَ، حيثُ القصور ُ وقد زانتها الاضواء ُ، كأنها كواكب ٌ دُريّة ٌ في أفُق ِ السماء ِ، فأهاج َ منظرُها الرهيبُ كوامنَ نفسي وسحر َ بياني، وكأنما نفثَ روحُ القُدُس ِ على لساني، فأنشدت ُ:

قصور ٌ تسرّ العين َ رؤيتُها لما * بها من بديع ِ الصُنع ِ، نقْش َ الطنافس ِ

وقدْ زادها حُسناً ظلام ٌ مُخيّم ٌ * كما زادَ حُسْنَ البيض ِ، سودُ الملابس ِ

حتى اذا وصلنا الى قصره ِالمعمور ِ، الذي لا يقلّ شأناً عن تلكَ القصور ِ، قالَ بعض ُ الصِحاب ِ

اذ ِ انبَهَر َ: أتمدحُ النجوم َ وتترك ُ القمر َ، فقلتُ:

وبيت ٍ حباه ُ الحُسْنُ من كل ّ جانب ٍ * بأظرفه ِ، أيّ الجوانب ِ أحْسَنُه ْ؟

اذا قيلَ لي: ما الحسنُ عندكَ يا فتى؟ * لقتُ لهم: ذا الحسنُ عنديَ مَعْدِنُه ْ

ثم ّ دخلنا في دهليز ٍ طويل ٍ، علا جانبيه ِ الزجاج ُ الصقيل ُ، فأجاءنا الدهليز ُ الى باب ٍ مُحْكم ِ الصنع ِ متين ٍ، كُتِبَ عليه: (ادخلوها بسلام ٍ آمنين َ)، فأيقنتُ أن الجنّة َ وراء َ الباب ِ، وأنّ بانتظارنا فيها حسنَ الثواب ِ، ولمّا فُتِحَ الباب ُ، واذا بالعَجَب ِ العُجاب ِ، حيث ُ الزرابي ّ المبثوثة ُ، والنمارق ُ المصفوفة ُ، والاكواب ُ الموضوعة ُ، والسُرُرُ المرفوعة ُ، والجدرانُ المشيّدة ُ بالآجُر ِ، والمزينة ِ بالحجر ِ النادر ِ، فقلتُ: يا صاحب َ هذا المكان ِ، هذه الجنة ُ فأين َ رضوان ُ؟ فضحك َ هو َ والجميع ُ، وقال َ في صوت ٍ رفيع ٍ، صدقت َ، إنّ لي ابناً اسمُهُ رضوان ُ، أمرتُهُ أن ْ يرتب َ الافطار َ غلى الخوان ِ، فقلتُ: أنْ كان َ هذا المكانُ لنا المأوى، فلا شكّ أنّ طعامُنا المنّ والسلوى، فضحكوا مرة ً أخرى، وجاءت ِ الخوان ُ تترى، يحملُها بيض ُ الولدان ِ، وفي مقدمتهم رضوانُ، وكان َ شاباَ بهي ّ المنظر ِ، فلم ندر ِ شُغِفْنا به ِ أم بها أكثر ُ، ولا أستطيع ُ وصف َ تلك َ المائدة ِ،العظيمة ِ، لأني لم ار َ كمثْلها وليمة ً، ولو كان َ الرجل ُ من بني مريم َ العذراء ِ، لقلتُ بأنّ المائدة َ أنزلت من السماء ِ، وجُل ّ ما أستطيع ُ قولَهُ:

ومائدة ٍ تحتوي خُونُها * على كل ّ كا تشتهي الأنفس ُ

شربنا هنيئاً وذقنا مريئاً * فطبنا وطاب َ لنا المجلس ُ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير