من خريفِ العُمْرعِبرة. (شعر)
ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[24 - 10 - 2006, 02:12 ص]ـ
:::
من خريفِ العُمْر عِبرة
مرَّ الصِّبا كجدول مُنسابِ
مُرَحّباً بالعنفوان الرّابي
عَهدِ الشبابِ الهائج المِرحابِ
بكل حُسْن ٍ مُبهج ٍ وَسَابِ
ودأبُهُ كدأبِ أهل الغابِ
ينهشُ في اللذات بانتهابِ
وبعدَها يؤول للذهابِ
نهاية ُالأعمار في اقترابِ
خريفُ عُمري حلَّ بالأعتابِ
سبعونُهُ باتت على الأبوابِ
هل لي على السبعينَ من عِتابِ؟
****
مالي على السبعينَ من عتابِ
الوجهُ غَضْنٌ يابسُ الإهابِ
والنورُ في عينَيَّ كالضبابِ
والحِسُّ مني خَشِنٌ ونابي
مُحدَوْدِبٌ ظهري خليعٌ نابي
أغمدتُ سيفي وانتهت أطلابي
****
لا تحسِبوها نزوة َالتَّصابي
أو سَوْرَة ً للوهم والسّرابِ
إن رحتُ أبكي نادباً شبابي
إن هي إلا عَبْرَة ُالأوّابِ
وعِبرة ٌتََدِبُّ في لُبابي
****
وعِبرَة ٌ تأخذُ بالألبابِ
يا دهرُ، أين الجَمعُ من أحبابي؟
وأين راح الصّحبُ من أترابي؟
منهمْ كثيرٌ في الرّموس ِ خابي
ومنهمُ الذي أطالَ في الغيابِ
حتى غدا من جُملةِ الأغرابِ
سبحانَ ربي المانع ِالوهابِ
ومُبدِع الأقدار والأسبابِ
لو شاءَ أن يَسْطُرَ في الكتابِ
تُرابُهم يُجمَعُ مَعْ تُرابي
****
يا دهرُ، يا خبّابُ يا مُحابي
خدعتني في فوْرَةِ الشبابِ
أوْهَمْتََني أنّّك في ركابي
حابَيْتَني في برهة الُّلهابِ
أسقيتني ما لذ ّ من شرابِ
من كل ما سالَ لهُ لُعابي
وقلتَ لي: العمرُ كالأحقابِ
لكنه قد مرَّ كالشِّهابِ
كومضِ برق ٍ خادع خلابِ
خلّيْتَني في مَهْمَهٍ يَبابِ
مُنغَلِِق ِالدّروبِ والشّعابِ
ينعبُ فيه البومُ بالخرابِ
والآنَ أبرزتَ عن الأنيابِ
ألآنَ كشّرتَ عن الأنيابِ؟
****
ويْحاً لقلبٍ بالِغِ الأوْصابِ
بعد الرُّضابِ ذاقَ مُرَّ الصّابِ
أدواؤهُ أعصَتْ على الطِّبابِ
وجيبُهُ ينذرُ باغترابِ
وشمسُهُ تميلُ للغيابِ
يا ليلُ، حانت ساعة ُ الإيابِ
إلى رحابِ الغافر التّوّابِ
أقدارُهُ أعْيَتْ أولي الألبابِ
آلاؤهُ جلّت على الحِسابِ
أبوابهُ أبداً بلا حُجّابِ
لمن يرومُ التّوْبَ من قَرابِ
****
يا ربُّ، أنت مالكُ الرّقابِ
وعالِمُ المكنون في المخابي
رُحماكَ إني فارغ ٌجِرابي
ما كان بذلُ المال في حسابي
ولا قيامُ الليل من آدابي
اللهوُ كان، مَرَّة ً، مِحرابي
لكنني نقيّة ٌ أثوابي
بيني وبين ألفُحش ألفُ بابِ
موصَدَةٍ بهمَّةٍ مِغضابِ
من كل شَيْن ٍ مُخجِل ٍ مُعابِ
لم ارتكبْ حُوباً من الأحوابِ
ما ساوَرَتْني ريبة ُ المُرتابِ
في أنَّكَ المُقدّسُ الجَنابِ
وأنَّكَ المعبودُ باستعذابِ
****
الناسُ يومَ الحشر في تَبابِ
فاغرَة َالأفواهِ بارتِعابِ
على الصّراط راكضٌ وَحابي
ومنهمو مُعَثّرٌ وكابي
ومنهمُ الذي يطيرُ كالعُقابِ
وبعضهم برقٌ بلا ارتيابِ
والكل يرجو الفوزَ من عذابِ
****
يا ربُّ، عند العرض والحسابِ
وعندما الأرحامُ في احترابِ
اغفر ذنوبي وامتدحْ مَتابي
حتى ألاقي زمرةَ الأحبابِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الرجز المشطور.
أبو أحمد: ياسين الشيخ سليمان
فلسطين
ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[24 - 10 - 2006, 02:17 ص]ـ
إخواني، كل عام وانتم بخير.
تسعدني زياراتكم، وأتمنى على محبي النقد أن يبادروا، وليعذروني إن لم أحسن الإجابة.
ـ[مشمش]ــــــــ[28 - 10 - 2006, 08:53 م]ـ
كل عام وانتم بخير.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأنت بخير وبأحسن حال
حقاً يا أخى إن فى الهرم لعبرة
ـ[ابن الفراتين]ــــــــ[29 - 10 - 2006, 10:07 م]ـ
أرجوزة قراتها أكثر من مرة وكأنّ أبا العتاهية جالس إلى جنبي
يستنشق معى أرج الموعظة وعبق العِبرة
فيا أبا أحمد الموقّر
أطال الله عمرك المديد وزان قولك السديد وأعطاك الله أضعاف ما تريد
وتقبّل تحية خادمك
ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[30 - 10 - 2006, 11:27 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أختي الكريمة،
صدقتِ فيما ذهبت إليه.
دمت برعاية الله.
ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[30 - 10 - 2006, 11:31 ص]ـ
سيدي ابن الفراتين،
حياك الله وبواك المنزلة الرفيعة بين عباده الصالحين. كم انا سعيد لأنني ذكرتك بأبي العتاهية ومواعظه.
بارك لك الله في عاطفتك، ودمت بخير.
ـ[معالي]ــــــــ[31 - 10 - 2006, 11:17 ص]ـ
الله ما أجملها شيخ ياسين!!
وددتُ والله لو وقفتُ معها وقفة طويلة، أستمتع بهذه السبعينية البديعة!
آه من وقت ضنين، وشغلٍ يفتنني عن روائع تطل برأسها بين الفينة والأخرى، ومنها روائعكم!
أستاذ أبا أحمد
سبعون؟!
هذا كثير يا شيخ!:)
بيد أن هذه السبعين أكرمتنا بأرجوزة فاتنة، تُرينا الشيبَ جمالا يحاكي جمالها.
ومع ذلك
لا بد من التطفل!
أتراك لو جعلتَ بداية القصيدة من هنا:
مالي على السبعينَ من عتابِ
الوجهُ غَضْنٌ يابسُ الإهابِ
أظنك ستلوي أعناقنا جميعًا بمطلع مدهش!
فطلع الأرجوزة أظنه يقل كثيرًا -فنا وأداء- عن باقيها.
لا تحسِبوها نزوة َالتَّصابي
أو سَوْرَة ً للوهم والسّرابِ
إن رحتُ أبكي نادباً شبابي
إن هي إلا عَبْرَة ُالأوّابِ
قليلٌ من يُحسن قول شيء كهذا!
فلله درك، ولا فض فوك!
تساؤلك عن الأحبة، وابتهالك آخر الأرجوزة، فيض من الإبداع أُلهمتَه، فهنيئا لك -تبارك الله- هذا القريض، وهنيئا لنا مصافحة الجمال.
أستاذ أبا أحمد
بنا شوق إلى المزيد، فكن حاضرا -رعاك الله-.
¥