[امنيات شاعر (قصيدة)]
ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[27 - 09 - 2006, 11:02 م]ـ
قبل ما يقرب من ثلاث سنين، وفي قسم العناية المركزة في أحد المستشفيات، ترسخت في وجداني معاني القصيدة التالية، ولما قدّر الله لي من العمر بقيّة، كتبت تلك المعاني تحت عنوان:
الخفيف
أمنياتُ شاعر
مُبحِرٌ أنت في خِضمّ الأماني = مِلءُ بُرديْكَ نَهمَة ٌ للحنان ِ
بِشراع ٍمُمزق ٍيتهاوى = في غِمار الهُموم والأشجان
بينَ ماض ٍمن الشباب تولّى = ومَشيب ٍعَناهُ صرْفُ الزمان
وفؤادٍ أمَضّه ُما اعتراهُ = من فراق ِالأحباب ِوالخِلان
****
كم تمنّيتَ، والأمانيُّ آلٌ = يَخلُبُ اللبَّ ويسري في الِكيان
عجباً! ما تبيتُ ليلكَ إلا = وصَداها يَهيجُ في الوجدان
مُنيَة ُالآمِل ِالمُعَنّى ُطيوفٌ = يشتهيها تُلِمُّ بالأحضان
ويراها كما يرى العاشقُ المعـ = شوقَ عند الوَداع ِو الهجران
أنت صبٌّ تثورُ منك القوافي = من شجون ٍحَوَيْتها وَمَعان
لك قلبٌ شَغافُهُ مُستهامٌ = بجليل ِالأعمال ِوالإحسان
برَّحَ اللهُ عنكَ كلّ مُصابٍ = وكفاكَ الوُقوع َفي التَّيَهان
وهداك السّبيلَ صوْبَ المَعالي = ثابتَ الخَطْو ِمُطمَئنَّ الجَنان
****
ليت كلَّ النفوس ِتخلو، كما أنـ = ـتَ، وتصفو من كُدْرةٍ الأضغان
ليتكَ المُنتمي لٍعالَم ٍصدق ٍ = قد خلا رَحبُهُ من البُهتان
ومن الجهل والضلالة والِكبْـ = ـرِ وكيْد ِالقلوب ِوالشّنَآن
ليتكَ الطيرُ في الرّياض ِتُغنّي = رغمَ أنفِ ِالنُّسورِ والعُقبان
وترى النحلَ تلثِمُ الزهرَ حُباً = وهِياماً تبوحُ للغُدران
تسمعُ العندليبَ يصدحُ بالشَّجْـ = ـــو ِفتغدو مُثوَّرَ الأشجان
وتُحِسُّ النّسيمَ يحملُ شوقاً = من حبيبٍ لِحِبّهِ الهَيْمَان
****
أيها الشاعرُ الشقيُّ المُعَنّى = من ليالي السّهادِ والحِرمان
قُمْ تأهَّبْ فإنما أنت صادٍ = كم يطيبُ الشّرابُ للصّدْيان
إنما العُمرُ، في الحسابِ، ثوان ٍ = تنتهي، بعدها، إلى الرحمن
قابل ِالتّوْبِ منه غَوْثٌ وأمنٌ = يتولاكَ قبلَ فَوْتِ الثواني
فارشُف ِالكأسَ من لُعابِ المنايا = وَأفِقْ مِن غيبوبة الغُفْلان
****
يا أحِبّاهُ، مَن طوَتكمْ سُليْمى = وَشَفَتْكُم من سحرها الفتّان
من قريبٍ ترونَ صباً حنوناً = نَشلتْهُ المَنونُ مما يُعاني
أيها التربُ، هَبْهُ منكَ دِثاراً = وملاذاً مُوطَّدَ الأركان
****
جَدّدي يا حياة ُ، ثوبَكِ واروي = عن شجيّ مُعذبٍ ولهان
لم تزده الأشجانُ إلا حنانا = وانقياداً لٍمُقتضى الإيمان
ضلّ من ظنّ للزمان أمانًا = وتوَلّى بغُصَّةِ الخُسْران أبو أحمد: ياسين الشيخ سليمان
فلسطين
طوتكم سليمى: متم وطوتكم الأرض.
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[28 - 09 - 2006, 12:25 ص]ـ
السلام عليكم
الله ما أروع وأجمل ما قرأته
ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[28 - 09 - 2006, 05:21 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
إحساسك أروع وأجمل، وبارك لك الله في صدق عاطفتك.
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[11 - 10 - 2006, 11:24 م]ـ
نحن الآن أمام شاعر مطبوع , سهل اللفظ واضح المعنى رقيق العبارة صادق العاطفة , مرهف الإحساس لا يحتاج ليقول قصيدة سوى مشاعر تجيش في صدره ليترجمها فورا إلى شعر عذب مطرب
مُبحِرٌ أنت في خِضمّ الأماني = مِلءُ بُرديْكَ نَهمَة ٌ للحنان ِ
بِشراع ٍمُمزق ٍيتهاوى = في غِمار الهُموم والأشجان
بينَ ماض ٍمن الشباب تولّى = ومَشيب ٍعَناهُ صرْفُ الزمان
وفؤادٍ أمَضّه ُما اعتراه = ُمن فراق ِالأحباب ِوالخِلان
هكذا وبكل بساطة بدأ قصيدته , لم يتخير المطلع بل جاءه طائعا
مبحر أنت في خضم الأماني , تعامل مع نفسه بصدق فكان وصفه أصدق ومن منا ليس مبحرا في خضم الأماني؟
ولكم أن تروا ما فعله ابتداؤه بالنكرة مبحر في بلاغة البيت , مبحر
كسرت قيود التحديد وتخطت دائرة الزمن , وأي نهمة تلك التي تملأ القلب كتلك النهمة إلى الحنان؟ ومهما مزقت الهموم شراعه , ومهما تأرجح بين الحسرة على الماضي ومعاناة الحاضر ومهما اصطلى في لهيب الفراق , فما زال مبحرا وسيظل مادام للأماني وجود
مُنيَة ُالآمِل ِالمُعَنّى ُطيوف = ٌيشتهيها تُلِمُّ بالأحضان
ويراها كما يرى العاشقُ المعشوقَ عند الوَداع ِو الهجران
ما الذي تريده أيها المعنى؟ أطيافا تحتضنها؟
أعلل النفس بالآمال أرقبها ** ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[12 - 10 - 2006, 08:04 ص]ـ
أخي الأستاذ أبو خالد،
والله إني أراك لبيبا تدرك المعاني تمام الإدراك، وتلج إلى دخيلة النفس تستنطقها فتجيبك بالمُحكم من قولك. مطلع القصيدة، كما تفضلت وقلت، جاء طواعية. تحليلك للقصيدة يُظهر، ليس مدى خبرتك ومِراسك في اللغة وآدابها فحسب بل يوضح أيضا مدى الصدق في عاطفتك وإحساسك، كيف لا وانت من الأساتذة المشرفين، والشعراء المبدعين الذين أتشرف بملاقاتهم في رياض هذا المنتدى المبارك. اهتمامك بقصيدتي شرف أعتز به، ودمت بحفظ الله ورعايته.
¥