تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن ذهبت َ إلى أن الفعل الرباعي أسرى هو الذي جاء في القرآن الكريم، فلا تظنن الهمزة هنا للتعدية فقست على ذلك أن مسراها لا تجوز، إن " أسرى " في الآية الكريمة بمعنى سرى، أما التعدية فقد كانت بحرف الجر "

أسرى بعبده "

تئنّ في أسرها والقيد يؤلمها

ولا " صلاحَ " يفُلّ القيدَ، ناجاها

" يؤلمها" وصف لا يناسب شدة وطأة القيد.

أخالفك يا أبا أحمد في هذه المناجاة، فالقيد لا تفله المناجاة، ثم ألا تخاف على أيدي القدس فاخترت " يفل " ولم تختر " يفك ".

ناحت على الدّوح بالشكوى حمائمها

فردَّد الدمعُ من عينيَّ شكواها

حمام القدس ينوح شكاية، ودموع الشاعر تردد الشكاية، كيف لا وهي القدس

" الدمع من عيني " لماذا لم تستخدم الحد الأقصى من المعنى في الحد الأدنى من اللفظ فتقول: أدمعي. إن الدمع لا يكون من غير العين فقولك من عيني تكملة يستغنى عنها.

يا ويحَها القدسُ والآلامُ تعصِرُها

ما عادَها أحدٌ، بالصّبر، أسّاها

" يا ويحها القدس " (ويح) كلمة قد لا تليق بالقدس، مقترحا أن تقول " لهفي على القدس "، ثم إن القدس قد أتخمت تأسية و تصبيرا: قادمون يا قدس، الغضب الساطع آت .............. )

من كُثر شوقي لها يمَّمْتُ ساحتها

فزُرتُها،خُلسَة ً، والليلُ يغشاها

" من كثر شوقي " تذكرني بخدريهم يا كوكب الشرق كما وصفها الشاعر يوسف العظم، كانت تقول " من كثر شوقي سبقت عمري ".

ورُحتُ ألثِم ُ، من لَهْفي، مغانِيَها

ما أروع اللثم، بعد النّأي، هنّاها

تراها تهنأ باللثم، أم تراك تهنأ باللثم، أم أن اللاثم والملثوم في شقاء؟

ثم ارتشفتُ رُضابا من منابعها

فما غليلي ارتوى شوقا لسُقياها

لا غَوْلَ في خمرها غطى على شجني

ولا الصَّبابة ُ خَفَّتْ من حُمَيّاها

كنتَ غنيا عن الوهم المسمى رضاب العشاق، أنت في منابع القدس، أنت في عين سلوان.

(لا غول في خمرها) لست معك في هذا فمهما كانت القدس غالية على القلوب فإنها لا تتساوى مع الجنة التي يقول الله عز وجل عن خمرها:

" لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزفُونَ "

قالت تَساءَلُ والعَبَراتُ تخنقها

هل ساغكَ البُعدُ أم ما عُدتَ أوّاها؟

في اجتهادي أن الأفصح أن يتعدى ساغ بحرف جر لا أن يتعدي بنفسه.

" أم عدت أواها " ما أسرع الإجابة " أوّاهُ يا قدسُ

، لا آتيكِ معذرة ً

لكنني ولِه ٌ، منه النّهى تاها

أجل فقد تاه النهى من أمتنا هذه الأيام، ولكن دون وله بالقدس مثل وله أبي أحمد.

سأظلُّ أُرسِلُ آهاتي مُعَذبَة ً

من اغترابي وليلُ الضَّيْم ِ أضواها

سلي المآقيَ والأحزانَ كيف جَرَت

منها دموع الأسى والقلبُ أجراها

ألم تقل لك القدس " عدت أواها " فهل تنفعك الآهات والدموع وهي لم ولن تنفع القدس؟

يا قدسُ، روحيَ بالأقصى معلقة ٌ

فكيف أصبرُعن روحي ومَهواها؟!

يا قدس، رسمُكِ منقوشٌ على كبِدي

وهل حياة بغير الكِبْدِ أحياها؟!

نعم لا حياة بغير الكبد، غير أن الصورة في البيت لم تقل: إن القدس كبدك وإنما منقوشة على الكبد وفي هذا جنوح عن المعنى المراد.

أسكنتُ أمسَك ِفي نفسي أُعللها

وفي الجوانح يسري الأمسُ تيّاها

ما" هبت الريح من تلقاء كاظمة "

إلا وريحُكِ جاراها وساواها

مسرى النبي، ثراك ِلم تطأهُ خُطىً

إلا وخَطْوُ رسول ِاللهِ أسناها

لا يا أبا أحمد ليس كل الخطى، لا تنس خطى الصهاينة والعملاء.

يا قاصدين إلى البيتِ الحرام سُرىً

قولوا لِمَكَّة َ كيفَ القدسُ تهواها

وأبلغوا طِيبَة َ المُختارِ لهفتها

وحدِّثوا الأهلَ ما قالتْهُ عيناها

ما أشجى هذا النداء، وما أحر هذا التبليغ، مثلما كنا نقول في أعراسنا:

يا رايحين ع فلسطين قلبي معاكم راح

يا محميلين العنب فوق العنب تفاح

تَعمى عيونِيَ إن ينسَ الهوى خَلَدي

أو يخطف ِالدّهرُ إيناسي بمرآها

حبيبتي القدس حيّاها وبيّاها

في القلب والروح صخرتها وأقصاها

قض القصيدة وقضيضها يصف تعلق الشاعر بالقدس شاكيا باكيا متأوها، فالمعنى شريف جليل، والعاطفة ذات وخز نبيل.

هذه وقفات عروضية:

حبيبتي القدس حيّاها وبيّاها

في القلب والروح صخرتها وأقصاها

لا شك أن في عجز البيت سهو طباعة فلم يستقم، ولعله هكذا:

في القلب صخرتها، في الروح أقصاها

قالت تَساءَلُ والعَبَراتُ تخنقها

هل ساغكَ البُعدُ أم ما عُدتَ أوّاها؟

" العبرات " يجب ان تكون ساكنة الباء ليستقيم البيت، رغم أن اللغة العالية فيها فتح الباء، لكن بعض الشعراء سكَّنوها منهم كثير عزة:

فَقَد غادَرَت في القَلبِ مِنّي زَمانَةً وَلِلعَينِ عَبْرات سَريعاً سُجومُها

مسرى النبي، ثراك ِلم تطأهُ خُطىً

إلا وخَطْوُ رسول ِاللهِ أسناها

يجب إشباع الكاف في " ثراك " ليستقيم البيت، وهو إشباع غير جائز، وإن كان عدم الإشباع يجعل تفعيلة " مستفعلن " مخبونة هكذا " متفعلن" وهو جائز عروضا شاذ استعمالا.

مثل أبي أحمد لا يكتب مثل هذه القصيدة بعد أن كتب قصيدة أمنيات شاعر، فهذه القصيدة تحتاج إلى تشذيب أبي أحمد وتثقيفه، ننتظرها في ثوب جديد منقحة مسبوكة كي تعود لأبي أحمد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير