رسالةٌ لك من أمير المؤمنينْ
آتٍ ويسبقه العجلْ
في مشيهِ يبدو الوجلْ
المهدي:
عليّ بهْ
فيا عسى في الأمر خيرْ
(يدخل صاحب البريد ويقبل الأرض بين يديه):
مولاي يقرئُك السلامْ
المهدي (يقاطعه):
هات الرسالهْ
(يتناولها ويشير إلى الحاجب ان يرافق صاحب البريد إلى مكان الضيافة ويفض ختم الرسالة ويقرؤها ويتناولها الكاتب من بعده)
المهدي:
إقرأ عليّ من جديدْ
الكاتب:
من أمير المؤمنينْ
لابنه المهديِّ ... ماذا قد فعَلْتْ؟
كيف أجزلت العطيهْ؟
وتلاعبت بأموال الرعيهْ
عندما ..
يقف الشاعر بالباب فلا تسأل عليْه
دعهُ يجتر الملالهْ
ويرى في صبره ذلاً خيالهْ
ثم أدخله اليكْ
وبقدرٍ ما تكون الأُعطيَهْ
ليس للشاعر قدرٌ فوق قدركْ
انت تعطي وإذا شئتَ أبيتْ
أيْ بُني: ـ
أرسل الشاعر واحجبْ ما منحتْ
وادخرْ نصحي ليومٍ انت فيه كل شيْ
(تحت الختم):
اجعل المال سيداً ? في أُناس تخافهم
سوف يلوي جماحهم ? عبدك الطائع الذليل
(يلتفت المهدي إلى كاتبه):
أكتب لمولانا أمير المؤمنينْ
بعد السلامْ
أني وضعت نصيحتَه
مابين عينيَّى وقبّلت الكتابْ
والسمع والطاعة فيماقد أمرْ
واذكرْ له
أن ليس للشاعر عندي من أثرْ
فالطير لا ترضيه ارضٌ .. لا سماءٌ .. لا بشرْ
أوطانهُ .. لذاتهُ
هو السماءُ بلا نجومْ
وهو النجومُ بلا قمرْ
يبحث عن أتراحهِ
يسقط في أفراحهِ
(ينتاب المهدي شرود وبصوت خفيض):
وليس للشاعر إلا ما كسبْ
(يرفع رأسه):
واكتب لهُ
أن له طول البقاءْ
وأن يديمَ العزَّ فيهْ
صلاحهُ في أمرِهِ
يمتدُّ في أبنائهِ
(بعد أن فرغ الكاتب من كتابة الرسالة تناولها المهدي وتأملها واتجه إليه باستنكار):
الويل لكْ .. ماذا فعلتْ؟
الكاتب:
مولاي ما قلتَ كتبتْ
المهدي:
أقلتُ لك 00
أن ليس للشاعر إلا ما كسب؟
الكاتب:
سَمِعتُها ... فكتَبْتُها
(المهدي يحدث نفسه):
تغتالني أذنٌ وتُنكر طبعها
(ينظر في الكاتب):
عجبي .. عجبْ
هل يتقن السمعُ الذكاء ْ؟
اكتب خطابي من جديدْ
ونادِ في ركب البريدْ
دعهم يغذون الخطا
(يخرج الكاتب ومعه الرسالة ... ويدخل الحاجب)
المهدي (للحاجب):
اليوم مابي من طربْ
جئني بمن يحفظ أخبار العربْ
(يتأهب الحاجب للخروج و يناديه المهدي مستدركا):
ولاتكن مستعجلاً
بيني وبينك ساعة
أخلو بها
الحاجب (مبتسما وهو ينظر إلى الستار خلف الأمير):
تخلو بروحك ساعة خير من الدنيا وما ..
(يحس الحاجب بحركة خلف الستار ويمضي مسرعا ويلتفت المهدي إلى جهة الحركة وقد شده تهامس الأميرة مع وصيفتها ويأسه من إزاحة الستار لجفاء بينه وبينها وينصت إلى حديث بينهما عن الشاعر)
الأميرة:
يا له حظ غريب عاثر من يرى الدنيا بعين الشاعر
أترين اليوم ... ؟
الوصيفة: عيني لا ترى
غير من سل الدجى عن ناظري
نور مولاي ومولاتي وما بينهم ظل حجاب ساتر
الأميرة:
فاجعلي النور شغوفا بالرؤى حالما من خلف ليل ساحر
بخيال زار عينيك فمن كان في النوم .. ؟
الوصيفة: خيال الشاعر
(مستدركه): خيال الشاعر
كان بالامس ضحوكا
الأميرة (بسخرية):
فانظري
الوصيفة (وكأنها تتأمل شيئا في السقف):
قلبه بين جناحي طائر
الأميرة:
لو تذب الريح عن أطيارها
يسقط السهم بقلب الواتر
الوصيفة:
ولمولاي كريمات الخطا مستهلات شميم عاطر
الذي أعطى ويعطي والذي أمره أمر عزيز قادر
الأميرة (بحدة):
الذي أعطى ويعطي ما اتقى غضبة من ناب ليث كاسر
غضبة تلطم وجه الشاعر
وتعريه ولا من ناصر
(تشعر الوصيفة بالحرج من الوقوع بين المهدي والأميرة)
الوصيفة:
إنها الدنيا سرورٌ ورضى أطليقها حرةً في خاطري
(باستعطاف):
حرةً إن شئتِ
الأميرة (ضاحكة):
أو ممزوجةً
بصروفٍ من زمان غادر
الوصيفة (في يأس):
سلِمت يمناك هاتي غدرها
الأميرة:
ولك الإثم .. ؟
الوصيفة:
بوهم الحاضر
(كان المهدي ينصت بصمت، فقد وطن نفسه ألا يدخل في حوار مع الأميرة حول
الشاعر الذي قد تجعل منه كبش فداء تلوم المهدي من خلاله لقطيعة بينها وبينه،
وتتردد ضحكاتها مع وصيفتها، ولكنه يشعر بحنين لها من وراء الستار، ويطمع
في المودة وينظر من خلال النافذة إلى الغيوم المتراكمة، ويرفع صوته بحيث تسمعه الأميرة):
كاسفٌ بدر الدجى ما أشرقا
تعتريه فترة صمت مُتعمد، إلا أن ضحكات ناعمة دافئة مابين الأميرة والوصيفة ترغمه على الالتفات إلى الحجاب.
الوصيفة:
¥