[المتوحدون]
ـ[الخطيب99]ــــــــ[02 - 01 - 2010, 01:36 ص]ـ
[المتوحدون]
سرتُ عائدةً إلى المنزل بعد يوم كئيبٍ نال التعب مني حده, استنفرت عضلات الجسمِ الوَهِنِ تصارع لحملِ هذا الهيكل الهرم المتعب من تعاقب السنين. وصلت إلى زاوية الشارع حيث يمر (السرفيس) , وقفت أنتظر و أرقب المارة, أشعر برضىً داخلي يداعب مشاعري عندما أرى من هم حولي مثلي يسيرون, يكلم الواحد نفسه وكأنَّ مسةَ جنونٍ نالت منه , سرت في شرايينه, يتمتم و يشير بكلتا يديه ظناً منه أنه الوحيد في الشارع, أرى تقطيب جبهتي في وجوههم , أسمع نبض قلقي في ثنايا حديثهم عن صعوبة المعيشة و الجري سعياً وراء لقمة العيش, وكيف بات الراتب هباءً من أول الشهر.
صعدتُ (السرفيس) مع ثلة من المتوحدين أمثالي.نأى كلٌ مع نفسه يحاورها مازلتُ أسمع أنين نفوسهم و (براكين) صدورهم تغلي , جلست أهدّئُ من روعي علّهم يفترون ... رفعت حقيبتي لإخراج آخر مائتي ليرة أدفع منها أجرة (السرفيس) , أين ذهب راتب الشهر, بالأمس أحصيته كان قرابة الألفين, أين تبخر.
دفعة للبقال , دفعة للحام, آه ... آه.
ولدي حسان أخذ ألفاً يريد شراء سروال جديد و بعض الحاجيات, منذ مدة وهو يُظهر لي أنه نضج وصار رجلاً, وحسناء تطلب زيادة في المصروف علها تجاري زميلاتها من أبناء المترفين, من أين لي بكل هذا لا أملك سوى هذه الوظيفة والتي ملّتني وهي تطالعُ وجهي كل صباح منذ زمن, بالفعل كَبُرَ الأولاد وزادت حاجياتهم , سأبدأ بالبحث عن عملٍ إضافي بعد الوظيفة فها هو المستقبل يقترب ويحتاج حسان لتشكل أسرة ضمن منزل معقول , سأحاول إقناعه بالزواج من ابنة أختي مها, هروباً من تأمين منزلٍ جديد لحسان وتخفيف بعض تكاليف الزواج الميمون, كأني أراه يجلس هو وعروسه ... الحضور من حولهما فرحين وأنغام الموسيقا تنسابُ في الحاضرين أن ارقصوا , سأرقص حتى التعب تعبيراً عن فرحتي بحسان.
هيه ... هيه .. أنت يا ست .. لم تدفعي الأجرة بعد
كل يوم تركبي معي وأضطر إلى أن أوقف (السيرفيس) حتى تدفعي لي الأجرة لن أحملك مرة أخرى ..
(الله يتوب علينا من هذه المصلحة.)
ابتسمت طويلاً ... لا أجد كلمات تسعفني في صد هذا المتشائم ذو الصياح والعويل , تناول مني المائتي ليرة بسخط ملأ آذان الركاب انتباهاً وحولت نظراتهم تجاهنا
وسريعاً عدت أرقص في عُرس حسان ولكن على أنغام سائق (السرفيس) ومذياعه بصوت عبد الوهاب يقول يا وبور قل لي رايح على فين ....
بقلمي الخطيب 1/ 1/2010
ـ[محمد الجهالين]ــــــــ[18 - 01 - 2010, 08:20 م]ـ
تتشابك مشاهد الضنك بآهات بين السطور: الهيكل الهرم، الجبهة المقطبة، نبض القلق، هباء الراتب، العمل الإضافي؛ فتشرئب خيبة الغيظ والنفور، وتشبُّ نيران الأسى المقهور.
أشعر برضىً داخلي يداعب مشاعري عندما أرى من هم حولي مثلي يسيرون
ما أشدَّ وجعها هذي القناعة! وما ألدَّ خصومته هذا الزهد.
بسخط ملأ آذان الركاب انتباهاً
صورة فنية بارعة أتمنى على الكاتب أن لا يحجب عن القارئ أترابها.
وسريعاً عدت أرقص في عُرس حسان
حبكة القصة هنا، فبطلة القصة تسابق حلمها السائم، ووهمها الحالم.
كل يوم تركبي معي: تركبين
في صد هذا المتشائم ذو الصياح والعويل: ذي
وأنغام الموسيقا
أما هنا فيعترض الرسم على الموسيقا لتصبح الموسيقى، ويعترض الجهالين على الرقص والموسيقى، وعلى وابور عبد الوهاب.
ـ[الخطيب99]ــــــــ[18 - 01 - 2010, 10:59 م]ـ
اخي محمد الجهالين جزاك الله خيراً على هذا الإيضاح و التعليم سلمت للفصيح
تعجز كلماتي عن شكرك .... بارك الله فيك
وإليك القصة التالية ايشدو البلبل من جديد والتي لم انشرها في الفصيح. فقد نشرت قبلها العرق الاسود و مسابقة مقاييس الجمال ولم تظهر عيوبهما من عين الفاحص و الخبير و المعلم
باقة ورد كبييييييييييييييييييييييييرة
ـ[الكاتب الأول]ــــــــ[28 - 01 - 2010, 07:28 م]ـ
بارك الله بك أستاذي الخطيب
تصوير في غاية الروعة و رسمت لنا في مخيلتنا صور الحقيقة التي تقصدها
ـ[شاعر الصحراء]ــــــــ[12 - 02 - 2010, 01:54 ص]ـ
الشيء الجميل الذي يشد قارئ القصة هنا هو أنك استطعت أن تخرج من رحم الأسى والمعاناة فرحا وأملا .. حين رقّصت البطلة على أنغام موسيقى عرس لم يبدأ بعد!!
قولك "بسخط ملأ آذان الركاب انتباهاً وحولت نظراتهم تجاهنا" تقول حول إن كان الفعل معطوفا على ملأ ...
قصة جميلة أمتعتني أخي الخطيب .. خالص تحياتي
ـ[أحمد رامي]ــــــــ[12 - 02 - 2010, 02:11 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
أظن أن كلمة احتياجاتهم أصح من حاجياتهم
والله أعلم
تقبل مروري بود
ـ[الخطيب99]ــــــــ[13 - 02 - 2010, 02:01 ص]ـ
أخي شاعر الصحراء دمت بخير وسرور كل الشكر على كلماتك و تصحيحك للفعل حول فعلا انه كما تفضلت تماماً يجب ان يكون حول لانه يعود على صوت السائق
أخي رامي ولك الشكر موصولا ايضاً
ستكون احتياجاتهم
بوركت أناملكما و جزيتما الجنة
¥