وكذلك تكون (حتى) حرف جر، ولكن بمعنى (إلى)، وما بعدها غير داخلِ في ماقبلها؛ لأن المعنى يعارضه، فلا يصح تسلط ماقبلها على ما بعدها لئلا يفسد المعنى، فمن هذا ما مثلّه الفرّاء (الأيامُ تصام كلها حتى يوم الفطر وأيام التشريق)، فيوم الفطر وأيام التشريق ليست داخلة في حكم الصوم، فلا تصام كما هو معروف عندنا؛ لأنها أعيادُ فحرّم الله عز وجل صومها، وهذا ما تنطبق عليه الحالة الثالثة الآتية، تماماً.
الحالة الثالثة: "أن يكون مابعد حتّى لم يصبه شيءُ مما أصاب ماقبل حتّى، فذلك خفض لايجوز غيره؛ كقولك: هو يصوم النهار حتى الليل، لايكون الليل إلا خفضاً، واكلت السمكة حتى رأسها، إذ لم يؤكل الرأس لم يكن إلا خفضاً" (1).
أي أن يكون مابعد (حتى) له علاقة بما قبله، ولكن ليس داخلاً في حكمه، فلا يُراد اشراكه معه في حكمه؛ لأن معنى (حتى) يكون الدلالة على انتهاء الغاية عندها، فلا يصل الى ما بعدها وهذا ماعناه الفرّاء بقوله: (اذا لم يؤكل الرأس لم يكن إلا خفضاً).
وعلى ذلك يكون الفرّاء قد أوكل الخفض والنصب والرفع كذلك الى المعنى نفسه فحينما لاتكون هناك صلة بين مابعد (حتى) وما قبلها، أو تكون هناك علاقة من ترابط في المعنى إلا أنها غير مرادة في الحكم، وجب الخفض، وإن أُريد اشراك مابعدها في حكم ماقبلها، وجب الإتباع بالعطف. أما الرفع فيما بعدها كقول الفرزدق (2):
فيا عجباً حتى كُلَيْب تسُبُّني كأنَّ أباها نَهْشك أو مجاشع
فقال فيه الفرّاء: "فإن الرفع فيه جيّد وإن لم يكن قبله اسم؛ لأنَّ الأسماء التي تصلح بعد حتى منفردة إنما تأتي من المواقيت؛ كقولك: أقيم حتى الليل. ولاتقول أضرب حتى زيدٍ؛ لانه ليس بوقت، فلذلك لم يحسن إفراد زيد واشباهه، فرفع بفعله، فكأنه قال: ياعجباً أتسُّبني اللئام حتى يسبني كليبي، فكأنه عطفه على نيّة أسماء قبله. والذين خفضوا توهموا في كليبٍ ماتوهموا في المواقيت، وجعلوا الفعل كأنه مستأنفُ بعد كليب كأنه قال: قد انتهى بي الامر إلى كليبٍ، فسكت، ثم قال تسبني" (3). وعدَّ الخليل أن (كليبُ) هنا فاعل لفعل محذوف، فقال:" ... وإذا وقعت حتى على الاسماء جرى على الفاعل والمفعول" (4)، فجعله فاعلاً، لفعل محذوف، وعدَّه سيبويه مبتدأ فقال: "فحتىَّ هنا بمنزلة
إذا، وإنما هي ههنا كحرف من حروف الابتداء" (5). أي: كليّبُ تسبني.
وجعل المبرد (كليب) مبتدأ، وخبره محذوف والتقدير عنده: وحتّى كليبُ هذه حالها (1)، ولمثل هذا ذهب ابن الوّراق حينما قال: "فلو ذكرنا قبْل (حتى) لفظ السّب كقولك: يا عجباً يسُبَّني الناسُ حتى كليبُ تسبني، لجاز في (كليب) الرفع والجرَّ، فالرفع على الإبتداء والخبر، والجرَّ على الغاية ويكون (تسبني) توكيداً للسبّ المتقدم، وإذا رفعت فعلى الابتداء والخبر، إلا أن البيت لما لم يُذكر في أوله السب لم يُجز ان تخفض (كليب) لانه يبقى معلقاً بغير شيء فلهذا لم يجز عندنا إلا الرفع، وقد أجاز الخفض فيه أهل الكوفة وحملوا الكلام على المعنى والأجود قولنا، لأن اللفظ له حكم وليس كل ما جاز على المعنى يجوز على العطف فأعرفه" (2). وقدَّر ابن هشام التقدير نفسه فيه فقال: "الوجه الثالث من أوجه (حتى): أن تكون حرف ابتداء: أي حرفا تُبْدأ بعده الجملُ، أي تستأنف، فيدخل على الجملة الاسميّة" (3) واستشهد على ذلك بقول الفرزدق هذا، ثم أضاف (ولابدَّ من تفسير محذوف قبل (حتى) في هذا البيت يكون مابعده غاية له أي: فوا عجباً يسبني الناس حتى كليبُ تسبني" (4).
وفي الحقيقة أن ماقاله النحاة بشأن (كليبُ) –ومنهم الفرّاء- لم يخرج (كليب) من حالة الرفع، إلاّ أنهم اختلفوا في سبب الرفع، فعند الفرّاء، مرفوع بفعله أي على تقدير فعل هو نفسه المذكور وكذلك عند الخليل، وعلى الابتداء عند سيبويه والمبرد وابن الوراق وابن يعيش (5) وعند ابن هشام مبتدأ ومابعده خبر والجملة غاية لمعنى ماقبلها. وبناءً على هذا فلابد أن تكون هناك جملة من (كليب) وما قُدّر له وهذه الجملة فعلية كانت او اسمية مبتدأ أي مستأنفة معناها غاية لشيء قبلها، فسبُ الفرزدق كان من الناس الذين لايتصلون له بقربى، ثم استمر هذا السبُّ وانتشر حتى بدأ أقرباؤه يسبونه أيضاً، لإن مجاشع ونهشل ابنا دارم بن مالك ابن حنظلة، ومجاشع قبيلة الفرزدق وأقرباؤه.))
ثم عليك أختى قبل كل شيء بسؤال الله تعالى أن يرزقك الثقة في النفس والجرأة في الحق .... ((كل يوم هو في شأن)) ((وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان))
واعلمي أن الله معك فمن كان الله معه فممن يخاف ومن لم يكن الله معه فكيف يأمن!!! قال الله تعالى ((لا تحزن إن الله معنا)) ((لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى))
أختي ما يصيبك من هم وعدم تفتق الذهن أمر طبعي يصيب كل باحث ولكن عليك بأخذ قسط من الراحة ثم ابدأي بالكتابة وستمزيقين بعض الورق وهذا لا ضير فيه ثم تسقيم لك الأمور أسال الله لك الإعانة والتوفيق
¥