تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أقولُ على علْم وأعرفُ منْ أعْني

وإنّي إذا فضَّلتُ مروان وابنَه

على الناس قد فضَّلتُ خيرَ أبٍ وابْنِ

وهذان الشاعران، وغيرهما من الشعراء، يقولان ما قالا، لأنهما شديدا التعصب لبني أمية، وهما في زمن يعيش فيه شعراء من أنصار علي (رضي الله عنه).

وقد اشتهر من شعراء بني أمية: الأخطل وجرير وابن جعيل، واشتهر من شعراء الخوارج: عمران بن حطان، وشاعر آل الزبير: عبيد الله بن قيس الرقيَّات .. ولما صار الأمر إلى عبدالملك بن مروان، شفع له عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، فسأل عبدالملك في أمره فأمّنه. وله قصة طويلة مع عبدالملك بن مروان، حينما لجأ إلى عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، ولمن أراد الإطالة فليقرأها في كتاب (الأغاني) لأبي الفرج الأصبهاني، الجزء الخامس، صفحة (64)، طبعة دار الثقافة ببيروت.

ونرى أحد الشعراء المعارضين، وهو الكميت بن زيد، من بني أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر. يهجو اليمن بقصيدته التي يقول فيها: (ألا حُيّيتِ عنَّا يا مَدينا) وهي قصيدة مكونة من ثلاثمائة بيت، لم يترك فيها حياً من أحياء اليمن إلا هجاه، وتوارى وطُلب، فمضى إلى الشام، فقال شعره الذي يقول فيه: «قِفْ بالديار وقوف زائرْ» .. وقصة هروبه من السجن ذكرها أبو الفرج الأصبهاني في كتاب (الأغاني) في الجزء السادس عشر، في الصفحة (328) من طبعة دار الثقافة ببيروت لعام 1959م ..

ونقرأ في كتاب (الكامل) للمبرّد ص281 وص282 طبعة مصطفى البابي الحلبي سنة 1355ه. ما دار بين شاعرين معروفين، وما دار بينهما يُعدُّ من المعارضات الشعرية .. يقول المبرد: إن معاوية بن أبي سفيان أرسل إلى علي بن أبي طالب كتاباً كتب في آخره أبياتاً لكعب بن جُعيل وهي:

أرى الشامَ تُنكر ملْك العراقِ

وأهْلُ العراقِ له كارهينا

وكُلاّ لصاحبه مبغِضاً

يرى كلَّ ما كان في ذاك دِينا

إذا ما رموْنا رميْناهمو

ودنَّاهمو مثْلما يُقرضونا

فقالوا عليٌّ إمامٌ لنا

فقلْنا رضِينا ابْنَ هنْدٍ رضينا

وقالوا نرى أنْ تدينوا لَهُ

فقلْنا ألا لا نَرى أن نَدِينا

ومن دون ذلك خرْطُ القَتادِ

وضربٌ وطعنٌ يُقرُّ العيُونا

وفي آخر الشعر ذمٌّ لعلي (رضي الله عنه) أمسك المبرد عن ذكره.

فكتب إليه علي «رضي الله عنه» جواب رسالته، وأشفعها بقصيدة للنجاشي، أحد بني الحارث بن كعب. فقال النجاشي يجيبه:

دعوتَ معاويَ مالنْ يكونا

فقد حقَّق الله ما تَحذرونا

أتاكم عليٌّ بأهلِ العراقِ

وأهْلِ الحجازِ فما تَصْنعونا

وكثرت المعارضات بين الشعراء الأمويين، وطغت على سلوك المسلمين، وأحيت روح الجاهلية، وثار الهجاء بألوانه السيئة، بين الفرزدق وجرير و البعيث المجاشعي. وسبب ذلك أن فتية من يربوع، يقال لهم بنو ذُهيل، سرقوا إبلاً للبعيث واسمه: خداش بن بشر من بني مجاشع، وكان البعيث أخطب بني تميم، فقال جرير قصيدته التي يهجو فيها البعيث، مطلعها:

طاف الخيالُ وأينَ منك لماما

فارجعْ لزورك بالسلام سلامَا

فثار البعيث، وعارضه بشعر يهجوه شر الهجاء، مطلعه:

أجريرُ أقْصرْ لا تحنْ بك شقوةٌ

إنَّ الشقيَّ ترى له أعلاما

وسمعها الفرزدق، فقال ينتصر للبعيث بقصيدة يهجو فيها جريراً، مطلعها:

ألا اسْتهزأتْ منّي هنيدةُ أن رأتْ

أسيراً يداني خطوه حلَق الحجْلِ

وتبعه البعيث بأخرى، يهجو فيها جريراً، ويقول:

أهاجَ عليك الشوق أطْلال دمْنةٍ

بناصفة الجوّين أو جانب الهجْلِ

فرد عليه جرير بقصيدة، يقول في مطلعها:

عُوجي علينا واربعي ربة البعْلِ

ولا تقتليني لا يحلُّ لكم قتْلي

فيرد عليه الفرزدق، ويقول:

ألا حيّ رهْبَى ثم حيّ المطاليا

فقد كان مأنوساً فأصبحَ خاليا

ومعظم قصائد المناقضات بين الشعراء الأمويين، إذا نظرنا إليها عروضياً، وجدناها لا تخرج عن البحر الكامل، وتنتقل أحيانا إلى البحر الطويل، وتلتزم قافية واحدة، وقد ينقلها الفرزدق إلى قافية أخرى، وكأنه يتحدى خصمه، ويظهر له قدرته الشعرية على صياغة الشعر، واختيار القوافي الصعبة.

ويعود سبب المهاجاة بين الفرزدق وجرير، إلى أن الأخطل أشاد بالفرزدق وشعره، في مجلس بشر بن مروان أمير الكوفة، وأنشأ قصيدة طويلة يزكّي فيها الفرزدق، مطلعها:

بكَر العواذلُ يبتدرنْ ملامتي

والعالمون فكلُّهم يلْحاني

يقول فيها:

قبح الإلهُ بني كليبٍ إنّهم

لا يحفظون محارمَ الجيرانِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير