ـ[بوحمد]ــــــــ[16 - 02 - 2004, 08:54 م]ـ
يا قارئ الشعرِ لا يغريك ما فيه=هذا قريضُ لِمَن فيه ومِن فيهي
إن القوافيَ لا تأتي بلا سببٍ=قد سَاقها لكَ مَن بَرقاً سواقيهِ
فما عَصَتْ غَيرهُ إلا لهُ طَوَعَاً=وما نأت عَنهُمُ إلا لتأتيهِ
مُنادياً لا يُجِب سُقماً ويسمعهُ=وما بهِ صَمَمٌ لكن مناديهِ
إلّا ويسألني من لا أُمازِحهُ=ما بال دلوُكَ ينأى عن دواليهِ
وكُلُّ قومٍ لهمْ لُسْنٌ تُقارِبهمْ=فقلتُ ذاك لِأنَّ الضِدَّ يُدنيهِ
كَذاكَ واسمٌ بهِ سقمٌ لِحاملهِ=وغايةُ الطبِّ بَعضٌ من أساميهِ
وكُلُّ غَيمٍ لَيَسبِقْ ماءَهُ بَرَقاً=والغيمُ منهُ لَرعدَ البرقُ ساليهِ
كفاقد الكَفِّ لا يُعطي إذا مَلَكَ=ما كانَ فاقِدهُ شيئاً بِعاطيهِ
ومالكُ النفسِ إذ ينضحْ وإن عُدِمَ=أما وكُلُّ إناءٍ بالذي فيهِ
عَجِبتَ من شعرهِ! فالسحرُ مرتعهُ=ثَنَّت حُرُوفهُ ما ثَنَّت معانيهِ
(مُستغرباً) أوَيغري الناسَ؟ يا عجبا! =هذا الذي قد غدت غُرَّاً قوافيهِ
قد كان لا يُطربُ الآذانَ من ثَأبٍ=أضحت قوافيهِ في سُكرٍ تناجيهِ
قد تُهتَ في دربِ علمٍ عالِ تطلبهُ=مستوحياً أملاً من ظِلِّ ماضيهِ
وناقدُ النُطْقِ ما يدريهِ عِلَّتهُ=غَريبهُ فعسى يُنجيهِ مُنجيهِ
موسى –كليمُ عَزيزٍ- قَولهُ عُقَدٌ=يُحْلِلْ وعَقد لسانٍ مثلهُ التيهِ
فاستر عيوبهُ إن العيبَ طائلةٌ=علَّ الذي من بلى بالعيب باليهِ
مضى ويومهُ لا علمٌ يُناصرهُ=أتى وليلهُ من جهلٍ يُعاديهِ
وضيعةُ الشعرِ أمثالٌ لها ضُرِبَتْ=فَلَمْ أجِدْ بِسِواهُ شَخْصها فيهِ
وتسأمُ النفسُ من عَبدٍ إذا جَهُلَ=وترمدُ العينُ إن حُرّاً يُحاكيهِ
مَن يقطعُ الوردَ والأشجارَ من سفهٍ=مَن يمسكُ الكأسَ إن لاحتْ بواقيهِ
مَن يَدفنُ الجُبَّ والأنهارَ غاربةً= شُرْقاً عطاشَ ومن يَسقيهِ يَسقيهِ
والناسُ بئرٌ وماءٌ دونها سُكِبَتْ=تلك الحروف فما يلقيهِ يلقيهِ
أنَّى ليَسمَعُ بَطنُ البئرِ عاقرها=طَيْناً مَسالِكهُ والجهْلُ كاسيهِ
إن يأمرُ العقلَ حِسٌّ –إن يحوزهما-=ظَنَّ اللِسانُ وإنَّ الظَنَّ ناهيهِ
حَرٌ وبئرٌ لولا الماءُ ما افترقا=مثل السراب فما يُبديهِ يُخفيهِ
وما خَيالُ غَدٍ إلا حُمائِمهُ=الليلُ يَحيا بهِ والفجرُ يَنعيهِ
ألا لِكُلِّ خيالٍ مَنْ يُقَرِّبهُ=إلا خَياليَ أُقصيهِ لأُدنيهِ
إن ألقِ بالحرفِ وسطَ الجُبِّ غائرهُ=لو بعدَ حينٍ لَيُسْمَعْ للصدى إيهِ
وشِعْرِيَ اليوسفيْ جُبّاً مواعدهُ=لبئس سيّارةً مَنْ لَمْ تُوافيهِ
بوحمد