تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهج قبتنا المشرفة، وأمجاد الفاروق وصلاح الدين، أصغى ليل الغياب، فليت ليل الغائبين كان صاغيا.

والشمس تعلم أنا لن نمل و إن طال الغياب فإنا سوف نفديها

لن نملَّ ماذا؟، لن نملَّ المجازر والسكوت، الشمس تشرق علينا نيامَ ضحى، لا قيامَ رحى، فإلامَ يطول الغياب في انتظار وعد الفداء؟ أيها الصادق عاطفة وانتماء.

أبلغ إيادُ* ثراها من دمي قسما قاني الحروف حقيقا ليس تمويها:

إيادُ بلغ القسم، قسم الدماء بلا مراء

يقول أهل اللغة حقيق من حُقَّ، فعيل بمعنى مفعول، أي محقوق أن يفعل، وحقيق على النصب صفة للقسم وبذا تقل قوة المعنى، ولو جاءت مكسورة صفة لدمي لازداد المعنى قوة وإقناعا.

أني على العهد لا أنفك أذكرها و أن كل دمي آ لى: سأرويها

لقد خففتْ كلمة " كل " في " كل دمي " لفح العاطفة، ووهج التوقد الشعوري، وكنتُ مفضلا لو كان العجز:

آليتُ بالدم أفديها وأرويها

أبلغ إيادُ بنيها أنني لهمُ ذخر أكيد و روحي سوف أهديها

ما أنبل هذا التلاحم! وما أوثق هذا التعاضد! يهدي الشاعر روحه لبني الأرض التي بارك الله حولها.

أنشد منشد الثورة مخاطبا أرض فلسطين:

أنَا يا أخي

آمنتُ بالشعب المُضَيَّع ِ والمُكبَّلْ

وحملتُ رشاشي لتحمل بعدنا الأجيال منجلْ

وجعلتُ جرحي والدما

للسهل والوديان جدولْ

دين عليكَ دماؤنا

والدينُ حقٌ لا يؤجلْ

هي المسافة حالت دوننا زمنًا لكن من يسعى فالله يطويها

ليستقيم البيت يقترح " لكنما الزحفُ باسم الله يطويها " مجرد اقتراح

و إن ربي اشترى روحي بجنته فأشهد الله أني كنت شاريها

" شاريها " إن كانت بمعنى البائع؛ فشاعرنا يبيع روحه بجنة الله، وإن كانت بمعنى المشتري؛ فشاعرنا يشتري جنة الله بروحه.

فاقبل إلهي نفسا كنتَ واهبَها أنت الكريم ابتداءً أنت باريها

" ابتداء " استخدامها في هذا الموضع ابتعد عن لغة الشعر، إن لم يقترب من لغة القانون.

أبلغ إيادُ سلامي للتي ولدت طفلا كعيسى أحب القدس يحميها

" كعيسى" لا يجوز تشبيه أحد بالأنبياء، والذي يجعل الأمر مقبولا من الناحية الشرعية أن ينصرف التشبيه إلى أن هذا الطفل أحب القدس حبا كحب عيسى للقدس.

يرتاد مدرسة في الصبح يعمرها و في المساء يعادي من يعاديها

موسيقى البيت سلسة الانسياب، عذبة الترديد.

الآي تملأ قلبا منه والحجر يغدو سلاحا يذيق النار صاليها

لا يجوز إشباع راء " الحجر" فهي ليست في عروض مطلع، ولا روي قصيدة.

همُ الرجال و لا أبطال غيرهمُ إن خان يوما كبارُ القوم ماضيها

لهفي علي " إن " كيف تجعل خيانة الماضي احتمالا يتوارى في سراديب الصمت.

مبدعنا حذيفة

القصيدة تحمل عاطفة جياشة، وحرقة لافحة، تكررت المعاني قليلا، واحتاجت بعض الأفكار تكميلا.

البناء الشعري كان قويا، أما البناء اللفظي ففيه تعجل وتساهل، أما حذيفة فشاعر يعِدُ بتغريد أعذب، وحداء أرحب.

ـ[حذيفة]ــــــــ[14 - 09 - 2006, 09:32 ص]ـ

بارك الله فيك أخي محمدا على هذا التشريح، و جزاك عني كل خير، فإن باعي في الشعر قصير و الناصح الحاذق قليل و أمثالي يحتاجون إلى أمثالك لتثقيف قناتهم، فلا عدمناك أخا ناصحا و لا حرمك الله أجر أياديك البيضاء علينا.

ـ[بوحمد]ــــــــ[14 - 09 - 2006, 01:02 م]ـ

الآي تملأ قلبا منه والحجر=يغدو سلاحا يذيق النار صاليها

لا يجوز إشباع راء " الحجر" فهي ليست في عروض مطلع، ولا روي قصيدة.

أخي العزيز جهالين ...

لست مُلمّاً بعلم العروض تماماً ولكني أعتمد –مثل الكثير-على أذني في ذلك، أما وقد شاخت، فليس لي إلا أمثالك من الكرماء ليبينوا لي ما استعصى ...

ألا تجد أن موسيقى هذا البيت سلسة الانسياب أيضاً، عذبة الترديد ... بشرط أن يُقرأ الصدر مستقلاً؟ (بمعنى أن نتوقف قبل أن نقرأ العجز). يبدو لي من معنى صدر البيت أنه من الأبيات التي يجمُلُ في الإلقاء التوقف عند نهاية صدره ... وترك الفرصة لعجزه للرد عليه .. ولا يحسن التوقف بلا إشباع ...

أما إذا كان المعنى لايكمل إلا باستمرار الصدرلربطه بالعجز فأذني توافقك ولاتستسيغ الإشباع بل تُجري عليه ماتُجري على البيت المدوّر.

ولا أخفيك بأني أرسلت لأخينا القاسم استفتيه في الأمر ...

وتقبل تحياتي ...

ـ[محمد الجهالين]ــــــــ[14 - 09 - 2006, 04:03 م]ـ

شيخنا وشاعرنا الخنذيذ با حمد

ريثما يأتينا القاسم بالخبر اليقين؛ فإن هذا النسق الإشباعي على مقدار اطلاعي قد تحاشاه شعراء العربية، ولم يستخدموه في الحرف الأخير من العروض في متن القصيدة إلا إذا كان من نفس روي القصيدة، وذلك في أبيات محدودة.

لم تشخ أيها العذيق المرجب، كيف لأمثالي معرفة أن يبينوا لأمثالك ما استعصى؟ والعين لا تعلو على حاجبها.

من هو الذي يلم بعلم ٍ تماما ما دام إنسانا؟

سميتَ إنسانا لأنك تنسى، إذ نسيتَ أيها العزيز أن الحجر ليس معطوفا على " الآي " فيملأ القلب، وإنما مبتدأ انتهى به عروض البيت، وقد لا يحسن قطعه عن خبره الذي جاء في أول العجز " يغدو".

نتفق في أن الإشباع مقرونا بانتهاء المعنى، هو ما يعتمد عليه السطر الشعري في شعر التفعيلة، وهو في هذه الحالة كما قلتَ أيها المطبوع سليقة: سلس الانسياب عذب الترديد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير