تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[06 - 12 - 2006, 02:11 م]ـ

أخي الأديب المتألق، رؤبة بن العجاج،

مع أن قصيدتك تدل ألفاظها على خبرة واسعة بالغريب من كلام العرب القدماء إلا أنها، كما أرى وبكل تواضع، لو قيلت في صدر الإسلام لكانت مستهجنة، ناهيك عن العصر العباسي مثلا. أنت تعلم ان الشاعر ابن زمنه، والابداع في المعاني والصور البيانية لا يلزمه بالضرورة لغة قديمة لهذه الدرجة من القدم بل انها يمكن ان تكون أغرب في ألفاظها من ألفاظ الكثير من أشعار الجاهلية نفسها. على أية حال، فإنك أشرت إلى محبتك لهذا الشكل من الشعر، وأنت وما تحب وتهوى.

دمت بحفظ الله ورعايته.

ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[06 - 12 - 2006, 04:51 م]ـ

أخي الحبيب أبو أحمد كما قلت لك سالفاً بأني احب هذها النوع من القصيد

و من الحب ما قتل!!!

و قد شاكلني هذا الحب من قبلي في عصورهم المتأخرة شعراء مشهورون

لهم باع طويل في الشعر,,

وما قلتها لغرابة وحسب لان فيها بعض هذه الالفاظ معنىً لا يستطاع إن يبلّغ

إليه في غيرها ..

وليست الحب لغرابة إنما للمعنى الغائر الذي يبلّغه هذا الصنف القديم من الشعر ..

و قد كان ذو الرمّة رغم قرب عهده من الجزالة غريباً في شعره كما ذكر النقاد في ذلك ..

و لم يضره شيئاً إن كان له من الشعر ما يمكن تذوّقه من العامة قبل الخاصة,,

وعلى عموم الحال أشكرك على مرورك المفيد دوماً

وأكرر اسفي على الغرابة والإطالة ...

وللناقديم مني ارحب الصدووور ...

والسلام,,,

ـ[السفير]ــــــــ[06 - 12 - 2006, 08:03 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله

وحياكم الله

وبعد:

الشعر الجاهلي له روح تسري في أوصاله لم يحط بها المتأخرون بعدهم، فكيف بنا نحن. هذه الروح ليست في غريب لفظه، فلم تكن تلك الألفاظ غريبة عليهم في زمانهم، ولكنها تركيبة كيميائية خفية لن نستطيع للأسف الوصول إليها أو الإحاطة بكنهها حتى نكون معهم ومنهم، وأنى لنا ذلك.

لقد وصل هؤلاء القوم في الفصاحة والبلاغة إلى درجة الكمال البشري، أقصد بذلك: الكمال البشري غير المتصل بالوحي، وإلا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أفصح من نطق الضاد. ولذلك فعندما نزل القرآن الكريم بإعجازه منقطع النظير، بدا لهم أن ما هم فيه لم يكن شيئا، فانقطعت أسبابهم، لما عرفوا من حقيقة تباين ما بين الكلامين، وما ذلك إلا لأنهم قد وصلوا فيما هم فيه إلى الغاية، ولولا ذاك لما ظهر وجه الإعجاز، ولما تحققت المعجزة الخالدة. وإذ قد عجز أولئك القوم وهم من هم فصاحة وبلاغة، فإن من بعدهم لا محالة أعجز.

نحن اليوم نقرأ الشعر الجاهلي وندرسه في مدارسنا ويحفظه تلامذتنا، تسمعهم وهم ينشدون:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... إلخ

ومن الناس من يعشق هذا الشعر فيحفظ منه ما يحفظ، وقد ينظم على شاكلته، ولكنه لا يصل إلى روحه، حتى ولو عرف المعنى، حتى ولو أحاط بغريب الألفاظ وحذقها. بل إنني أكاد أجزم أن أحدا منا اليوم لا يستطيع أن يصل إلى روح شاعرية المتنبي، وهو الشاعر العباسي المتأخر، لأن اللغة كلما تقادم الزمان تأخرت وضعفت، وتلك سنة الله في كل شيء، فإن القرون الأولى كانت أفضل القرون في كل شيء، وكلما مر على الناس زمان فسدت الخلائق والسلائق. ولكن، وكما قيل: لكل مجتهد نصيب، يقول المعري:

وإني وإن كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تستطعه الأوائل

يبقى السؤال ــ وهو متصل بكلام المعري ــ: هل لزم المتنبي وأضرابه، ومن جاء بعده، ومن سيجيء بعدهم من الشعراء، أن يكون شعرهم نحواً من الشعر الجاهلي القديم في لغته وأسلوبه حتى يكونوا شعراء، أم أن الشعر لا يلتزم بكل ذلك، وإن كان ذلك جزءا لا يتجزأ منه.

بقي علي الآن أن أوصل فكرتي ـ وهي نحو من فكرة الأديب أبي أحمد ـ إلا أني سآتي بها هنا مؤصلة موثقة.

يقول ابن حجة الحموي في معرض مناقشته لقضية القديم والحديث في الشعر، وما به يقوم الشعر، يقول:

(وهنا بحث لطيف وهو أن الاستشهاد بكلام المولدين وغيرهم من المتأخرين ليس فيه نقص، لأن البديع أحد علوم الأدب الستة، وذلك أنك إذا نظرت في الكلام العربي، إما أن تبحث عن المعنى الذي وضع له اللفظ، وهو علم اللغة، وإما أن تبحث عن ذات اللفظ بحسب ما يعتريه، وهو علم التصريف، وإما أن تبحث عن المعنى الذي يفهم من الكلام المركب بحسب اختلاف أواخر الكلم، وهو علم العربية، وإما أن تبحث عن مطابقة الكلام لمقتضى الحال بحسب الوضع اللغوي، وهو علم المعاني، وإما أن تبحث عن طرق دلالة الكلام إيضاحاً وخفاء بحسب الدلالة العقلية، وهو علم البيان، وإما أن تبحث عن وجوه تحسين الكلام، وهو علم البديع. فالعلوم الثلاثة الأول، يستشهد عليها بكلام العرب، نظما ونثرا، لأن المعتبر فيها ضبط ألفاظهم. والعلوم الثلاثة الأخيرة يستشهد عليها بكلام العرب وغيرهم، لأنها راجعة إلى المعاني، ولا فرق في ذلك بين العرب وغيرهم، إذا كان الرجوع إلى العقل)

انتهى كلام ابن حجة، وفي ثناياه ما أردت بيانه، فعجلة الشعر باقية ما دام الشعراء، شريطة أن تبقى روح العربية، وأكرر وأعيد روح العربية، وهي تلك الروح التي يحاول أعداء العربية أن يقضوا على ما تبقى منها، وهي باقية بإذن الله ما قيل باسم الله والحمد. إنها روح متصلة بقدسية اللغة العربية، ومن ذا يقول إن لغتنا العربية ليست مقدسة، وليست متصلة بوحي السماء!

ديننا ... عقيدتنا ... تأريخنا ... لغتنا

ثوابت لن نتخلى عنها إلا أن تزهق أرواحنا

والحمد لله رب العالمين

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير