تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

خمس عشرة مرة (7) ستة منها في صفحة واحدة والباقي توزعت على صفحات متقاربة ومتكررة أيضا في هذه الصفحات نفسها , فـ (التكرار للمفردة خاصية لغوية لغرض خلق معان ودلالات جديدة) (8) حيث (يعمل التكرار على إعطائنا تصورا عن هيمنة المكرر وقيمته في النص) (9) فقد عمق هذا التكرار حركية الملحمة وتجذيرها عند المتلقي , وكمنت في ذاته ورسخت في خلاياه , وللمتلقي دور فعال في إنتاج المعنى المكرر (وذلك من خلال توافق المكررات مع بعضها وبيان قيمة الشخصيات) (10) , تطالعنا القصة الثالثة بعنوان (الصورة الأخيرة) والعنوان أيضا مقتبس من عبارات ثلاث وضعت في المتن الحكائي (هيا ... سأريك صورتك الأخيرة) (11) و (أرني الصورة الأخيرة) (12) و (منحه الصورة الأخيرة) (13) وجاء هذا العنوان وحيدا بصورة مختلفة عن عنوانات بقية القصص , فانماز هذا العنوان بتركيبه الوصفي , فقد أقفلت الصفة (الأخيرة) دلالة الموصوف (الصورة)؛ وذلك لتخصيص ما هو عام (الصورة) بما هو خاص (الأخيرة) ..... وأخيرا تأتي القصة الرابعة (ألأقاصي) لتختتم بها المجموعة القصصية (تليباثي) معلنة أيضا أن عنوانها مأخوذ من النص الحكائي (قررت أن أذهب إلى الأقاصي) (14) و (إلى الأقاصي) (15) و (تيقنت أنه ذهب إلى الأقاصي) (16) إن تكرار حرف الجر (إلى) يفضي إلى حقيقة تؤكد الابتعاد الفعلي بوروده ثلاث مرات فضلا عن ذلك لأن (حرف الجر إلى هو للمنتهى) (17) أي لانتهاء غاية , ولابد من الإشارة إلى أن الوعي باختيار العنوانات بهذه المهارة قد حقق وظيفة إفهامية مباشرة مجتنبة ــ هذه الوظيفة ــ العنوانات غير الموصلة للمتلقي كالمجازات , والاستعارت البعيدة وغرابة الألفاظ , فضلا عن نجاحه في سلب مصطلح جاف علمي وجعله ذو قيمة فنية أدبية وهذا مكمن الإبداع , بانزياح الألفاظ من دلالتها المعجمية العلمية , باتجاه التأويلات الفنية المتعددة.

دلالات التناص

يشير الناقد الدكتور فاضل عبود التميمي إلى أن التناص في الشكل الأدبي يقوم على كسر حدود الملكية الأدبية الفردية (18) فهو تفاعل المنتج مع النصوص الأخرى بغية استعادتها ومحاكاتها وإعادة إنتاجها من جديد؛ ولذلك قيل لا يوجد نص بريء!! بيد أن التناص ذو جدلية تفاعلية مع النصوص التي يتعالق معها. في هذه المجموعة القصصية ثمة نصوص متناصة متنافذة مع نصوص أخرى وأن هذا التنافذ (أعطى النص الجديد سمة التحول والمغايرة لا في الشكل والمضمون فحسب وإنما في التلقي والتحليل والتقويم) (19) رصد كاتب السطور تناصات عدة ولعل من أهمها:

أولا: التناص الديني: ونعني به استخدام الميثولوجيا الدينية للشعوب , وهنا نشير إلى بطل قصة (الأقاصي) ففيه تناص واضح ومقاربة مع النبي سليمان (ع) الذي يجيد لغة الطير (فقد كان الفتى يتحدث بلغة بني آدم تارة وبلغة الطير طورا) (20) وكأن القاص أراد الإشارة إلى وجود لغات أخرى للخطاب وعوالم ربما تكون أنقى وأجمل (وهربت نحو عالم الطير ـــ إنه عالم نقي ونظيف , على العكس من عالم البشر) (21).

ثانيا: التناص الأسطوري: ويقع فضاؤه ضمن المرجعيات التاريخية بمعالجة تقنية تعطيه بعدا دلاليا آخر في حالة التماس معه وأن هذا النوع من التناص (هدفه عند الكاتب إيجاد تقارب فكري ونفسي بين الماضي والحاضر) (22) أي بين ما حدث سابقا وما سيحدث لاحقا؛ وذلك لتنمية هذا الحدث وتحقيقه والنهوض بالنسيج السردي للقصة (هل يمكن أن تتكرر أعجوبة المثال الإغريقي بجماليون ومعبودته الساحرة جالاتيا؟) (23) إن استحضار وحضور بجماليون وتلاوة صلاته عينها أغنت العملية الإبداعية, وكان القاص موفقا فيها وأمينا في نقل نصوصها المقتبسة , بل أن هذه النصوص المقتبسة قد انمازت بتباين في الطباعة بخط مائل. إن توظيف الأساطير اليونانية والإغريقية (بوصفها عالم يغري الأديب الباحث بتوسيع فضائه ــ عموما ــ والقاص ــ خصوصا ــ باللجوء إلى عوالمها الغنية للإغتراف من معينها وتمثيلها على نحو ما في عمله الإبداعي) (24) وقصص المبدع هذه قد تأثرت بهذه المرجعيات الأسطورية وأن الأسطورة عموما (سرد لا تتفق عناصره مع الحقيقة الملموسة , إلا أنها محاولة لتفسير صعوبة فهم النظرية الكونية كما تبدو للإنسانية , أما من الناحية الأخلاقية أو من الناحية الميتافيزيقية ,

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير