4) البناء: بتحديد الصورة النموذجية (المُثْلَى)، التي ينبغي أن يكون عليها هذا الواقع، بحيث يكون مُتَّسقًا مع الشريعة محقِّقًا للمصلحة، ويمكن ذِكْر نماذج من التاريخ الإسلامي، تعزِّز هذا النموذج.
- ومما ينبغي اعتباره:
1 - أن يكون للوَاقِع الاجتماعي الذي يعيشه المجتمع - كما هو - وللتقاليد المقبولة، والرأي العام اعتبارٌ مُتَّزنٌ دون إهمال، أو تَضْخِيم.
2 - أن تكون الصورة المطلوبة ليست خيالية؛ حتى لا يكون موقف القُرَّاء مُجَرَّدَ إعجاب بها دون سَعْي لتحقيقها.
3 - أن يستحضر الكاتب - وهو يكتب - الشريحةَ التي يتجه إليها بما يكتب (زملاء في الجامعة، أو أدباء، أو رجال أعمال، أو ربات بُيُوت، أو طُلاّب مدارس، أو الجميع).
4 - هذا الاستحضار يمد الكتابة بروح تربوية، وواقعية، ويكثف الشعور بالمَسْؤُولية خلالها.
وبعد فلقد دَرَّست هذا المقرر بضع سنوات لتخصصات مختلفة طلابًا وطالباتٍ، ولقي هذا المُقَرَّر تجاوُبًا كبيرًا وشعورًا بالاستفادة، مما جعل التواصُل بين الدارسينَ ومدرسيهم قائما لدى كثير منهم، حتى بعد التخرج.
ضِيق مُحاضَرات المُقرَّر لا يُتِيح فرصة لتطبيق الحلقات النقاشية؛ لَكِنْ تَمَّ تطبيق "المقالات العلمية": التي هِيَ عِبَارَةٌ عنْ بُحُوثٍ مُرْتَبِطة بِقَضايا واقعيَّة، تُبْنَى هذه البحوثُ على تصوُّر الواقع، وتحليل أبعاده، ونقده، وتقويمه.
وحتى تتضح الصورة، أُمثِّل ببعض من الموضوعات التي بحثها الطلاب والطالبات في فصول ماضية:
طلاب طالبات
مقاهي الإنترنت ----الدَّوْرِيَّات النسائية
الدَّوْرِيَّات العائلية ----الأسواق النسائية
الاستراحات الشبابية ----مساحيق التجميل
رسائل الجوال -----العباءة في تطوراتها
حلقات تحفيظ القرآن ---قصور الأفراح
الفَتَاوى الفضائيَّة -----بعض المواقع النسائية في الإنترنت
بعض البرامج الثقافية في الفضائيات ------العمليات التجميلية
بعض صفحات الرأي في الصحف والمجلات -----العمل الدعوي للمدرسة
بعض الأفلام الكرتونية ----شغالة الموظفة
الحوار الوطني ----الزوايا النسائية في صحيفة كذا
وحسبك أن تعلم أن عددًا من هذه الموضوعات وأمثالها، طبعت في كُتيبات، وبعضها نشر في الصحف، وفي المواقع الشبكيَّة، واستُضِيفَ بعضُ الباحثين في حلقات إذاعية؛ لمُناقشتهم حول موضوعات بُحُوثِهِم.
لهذا كله وأيضًا للحاجة الماسَّة لِلْمُسْلِم المُتَخَصّص في أيٍّ من فنون العلم إلى الأساسيات التي يركن إليها في التفاعل الثقافي مع عصره، الذي لم يعد أمام أحدٍ مَنَاصٌ مِنَ التَّفاعُلِ مَعَهُ في ظِلال عولمة غاشية لكل جوانب الحياة، ولكل فئات الناس - لهذا جَمِيعِهِ - فإنَّ تَوْصِيةَ هَذِه الورقة تتلخَّص في:
إدخال مقرر "الثقافة الإسلامية" ضمن الخُطَّةِ الدراسية لمرحلة الماجستير، الذي يَهْدُفُ إلى إعطاء طالب العلم - المتخصِّص في أيٍّ من فنون العلم الشرعيّ أو اللغويّ أو الإنسانيّ أو الطبيعيّ -:
المؤهلاتِ الأساسيةَ في الموضوع، والمنهجَ لاستكْمَال عناصر شخصية المثقَّف لديه، ومن ثَمَّ للقيام بدَوْرِهِ الثقافيِّ في مجتمَعِهِ وأُمَّته، وتوظيف تخصُّصِهِ العلميِّ في أداء هذه الرسالة الثقافية.
والله الموفق
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.