تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهو مثل يقال في الشيء الممتهن، حين يحوزه الرعاع بلا ثمن، والدال حرف مختصر، يدل على علم وأثر، وحامله حاصل على الدكتوراه، بعد أن أفنى في تحصيلها صباه.

وأصل المثل أن رجلاً جد في تحصيله، ورضي من العيش بقليله، فعين في جامعته معيدا، وسلك في العلم درباً مديدا، وقنع من المال بالنزر، وفاز أترابه بجزل الأجر، وبقي على حالته، يعمل في رسالته، وينجز مرحلة تلو مرحلة، حتى وصل لما سار له، بعد سنين عجاف، رضي فيها بالكفاف.

وحين ذاق الوبال، وأصبح ذا دال، سمع عن أناس تدكترت، وفي حلبة الزهو تبخترت، ونالت من الشاهدة مناها، بين عشية وضحاها، فسأل عن الحاصل، فأُخبِر بالمهازل، واتضح له أن تلك الفئة، حصلت على مائة من مائة، وتقديرهم من قبل مقبول، ولا تكاد ترقى بهم العقول، وأن جهاتهم المانحة، عقدت معهم صفقة رابحة، وحلوا كيسهم المربوط، فقُبِلوا بلا شروط.

فزفر صاحبنا وشهق، وقرب اليراع والورق، ثم استلهم معاناته واستحضر، وكتب بعدما استعبر:

ثمان سنين اقتدت فيها مطامحي ....... وكنت بها في أسوأ الحال والبال

أصرصر أقلامي وأحشو دفاتري ... وأسهر حتى يسأل النجم عن حالي

أخط وأمحو ثم أطرق متعبا ........... وأنهض والإعياء ينهك أوصالي

أراسل مهتماً وأسأل عالماً ........... وأبذل في نيل المراجع أموالي

إذا أبصرت أمي عنائي تحسرت .... وقالت شفاك الله يا ولدي الغالي

وإن أبصرتني زوجتي صرخت أسى .. وقالت إلام العيش من دون أطفال

فأعرض عن هذي وتلك وأنثني ...... أسطر أحلامي وأرسم آمالي

إلى أن تراءى لي المراد وطاب لي ... قطافٌ أراني الويل حتى تسنى لي

فلما تدكترت انفجعت بثلة ... أباحت حمى التعليم في حصنه العالي

أغاروا على الدالات كالقمل حينما .. يغير على المجروب في غفلة الفالي

وفَتَّحَتْ الآمال أبوابها لهم .......... ولا عجب فالمال فتّاح أقفال

تداعوا ولم يثنوا إلى الدرس ركبة ........ وما قرؤوا إلا رسائل جوال

ونالوا مناهم في ليالٍ سريعة ........ كأنهم من حلبة السبق في رالي

وتاهوا فإن ناديتهم من دون دالهم ... رموك بطرف المستقل لك القالي

فقلت وربي لا رفعت شهادة ... يباهي بها في الناس من عقله خالي

خذوها وأعطوني سنيني التي مضت ... ورُدُّوا علي الجهل إني لها سالي

من العار أن تأوي إلى الوكر قملة ... ويقبع صقر فوق هامة متفال

فلا شيء أسمى من إباءٍ ممنعٍ ... وأهون من قمل وأرخص من دال

منقول من جريدة مرآة الجامعة للأديب فواز اللعبون

ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[09 - 06 - 2008, 03:10 م]ـ

رؤية اقتصادية

شهادات دكتوراة .. أم ضحك على الذقون؟!

د. محمد بن عبدالعزيز الصالح

شدد معالي وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله العبيد في قرار تم تعميمه على كافة قطاعات الوزارة بتعليم البنين والبنات وإدارات التربية والتعليم بالمناطق والمحافظات على عدم استخدام الألقاب العلمية في المخاطبات الرسمية إلا لحاملي الشهادات المعترف بها والصادرة من مؤسسات تعليمية مرموقة ومعتمدة من قبل جهات المعادلة بوزارة التعليم العالي.

وبحسب ما طالعتنا به الصحف، فإن أكثر من خمسين قياديا ومشرفا تربويا وعدداً كبيراً من مشرفي المراكز التربوية على مستوى المملكة سيتم منعهم من استخدام لقب (دكتور) في كافة المخاطبات الرسمية التي تصدر داخل الوزارة، وتضمن القرار الصادر عن معالي الوزير بأن استخدامهم الألقاب العلمية سوف يعرضهم للمساءلة القانونية.

وفي الوقت الذي نثني فيه على هذا التوجه الحازم لمعالي وزير التربية والتعليم فإننا نؤكد على أهمية ألا يقتصر الموضوع على منسوبي وزارة التربية والتعليم، خصوصاً إذا ما علمنا بأن قرار وزير التربية والتعليم قد جاء بناء على قرار من لجنة تدريب موظفي الخدمة المدنية بوزارة الخدمة المدنية، مما يؤكد على أهمية مناشدة جميع المسؤولين في الدولة، وكذلك مؤسسات وشركات القطاع الخاص بالتشدد مع كافة الموظفين الذين لا يترددون في استخدام حرف (الدال) بغير وجه حق.

إنني أتساءل: كيف يمكن أن نساوي بين من عانى وتعب لسنوات طويلة في البحث والدراسة حتى توج جهده وتعبه بالحصول على الدكتوراه، وبين من لم يكلف نفسه حتى عناء السفر لفترة قصيرة، بل إنه لم يكلف نفسه سوى الانتظار عدة أيام أو أسابيع هي فترة تحويل المبالغ للشقة (عفواً الجامعة) التي اشترى منها تلك الشهادة، فكيف يرضى مثل هذا الشخص أن يطلق عليه ألقاب مزورة ومشتراة، الجميع يعرف أنه لم يبذل فيها جهداً؟ ألا يعتقد مثل هذا الشخص بأنه قد مارس الغش والخداع والتزوير على أهله ومجتمعه وجهة عمله وقبل ذلك نفسه وعلى ربه؟

ومما يثير تساؤلي أيضاً: لماذا هذا التلهف من قبل البعض منا على إلصاق اسمه بحرف (الدال) حتى لو كان ذلك بطرق غير مشروعة؟. فهل الخلل فينا كمجتمع حيث إننا نحترم ونقدر صاحب (الدال) بغض النظر عن مصداقيته ومدى قدرته وتأهيله!!. أم أن إلصاق حرف (الدال) المعطوب بالشخص سيساعده في الحصول على منصب معين أو حوافز معينة في جهة عمله .. ؟ في ظني أن علينا كمجتمع أن نتصدى لتلك السطحيات والتي بدأت تنتشر لدينا.

كما أن علينا كمجتمع أن ندرك أن في تلك الممارسات هدراً اقتصادياً غير مبرر، وذلك من خلال وضع الأشخاص غير المناسبين في الأماكن غير المناسبة لهم، وما من شك أن انخداعنا بحرف (الدال) المعطوب هو ما دفعنا لذلك.

نشرته الجزيرة في عدد اليوم تعليقا على الموضوع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير