• ? ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم ? القصص 74 ـ 75
ويعني حرف النمل أن الله أمر الناس بالتأمل والنظر والبحث العلمي وسيعلمون أن الذي يبدأ الخلق ثم يعدمه ثم يعيده والذي يرزق من السماء والأرض هو الله وحده لا شريك له فمن لم يفقه ذلك بعد التأمل والنظر واتخذ مع الله شريكا فليأت ببرهانه ودليله على أن لشريكه من الخلق والقدرة مثل ما لله.
ويعني حرف الأنبياء أن الله أمر من اتخذ من دونه آلهة أن يأتي ببرهانه أي دليله عليه.
ويعني حرف الفلاح أن القاصر المقلد الذي لم يتأمل ولم يبحث هو الذي يدعو مع الله إلها آخر لا برهان له به وإنما بسبب التقليد.
ويعني حرف الكهف أن الفتية الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى قد علموا أن من دعا إلها دون رب السماوات والأرض قد قال شططا إذ خالف الصواب، وأقر القرآن الفتية إذ أنصفوا قومهم المشركين فسألوهم سلطانا بينا أي دليلا وحجة على أن آلهتهم هي رب السماوات والأرض الذي خلقهن ويدبر الأمر فيهن.
ويعني حرف القصص أن الله قبل أن يعذب المشركين يوم القيامة سيسألهم برهانهم ودليلهم على أن شركاءهم في الدنيا كانوا شركاء لله حقا وإذن فلينصروهم من العذاب في الآخرة.
إن طلب البرهان والدليل العقلي والعلمي من المخالف في الكتاب المنزل من عند الله ليتعارض مع مصادرة حرية الرأي والفكر والاجتهاد بل هو تحرير للبحث العلمي المجرد وإعلان أن حرية الرأي والفكر والعبادة والسلوك حق مشروع لكل إنسان.
وإن القرآن وهو هكذا يناقش ويحاور في أعظم المقدسات لبريء من التقليد والحجر على الرأي والفكر والعقل.
إن الحقيقة سواء كانت ابتدائية أو متوسطة أو كلية ستبقى كذلك لا يزيدها إجماع جميع الإنس والجن عليها ولا ينقصها نكرانهم في عصر من العصور أو في جميع العصور عبر التاريخ، وهكذا فإن شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله كلية من الكليات ستبقى كذلك لا تنقص بإنكار المنكرين ولا تزيد بإقرارهم.
وهكذا لم ينقص من وحدانية الله تعالى إنكار أهل الأرض جميعا قبل أن يخالفهم إبراهيم وحده بإعلان التوحيد.
إن الإجماع على ما في الكتاب المنزل من عند الله وعلى ما جاء به النبي ? من العلم والتشريع مع القرآن لا يزيد الوحي قوة في الدليل على قوته، وإنما يزيد في إيمان أهله.
وأما الإجماع ممن يعتبر إجماعهم على ما لم يتضمنه الكتاب المنزل والأحاديث والسنن النبوية فلا خلاف في الأخذ به في التشريع أي العبادات والمعاملات قبل ظهور الحكم الشرعي من الكتاب المنزل الذي تضمن تفصيل كل شيء ولم تستكمل الأمة الأمية بعد دراسة الكتاب المنزل بل ستظهر معانيه ودلالاته أكثر فأكثر كلما اقتربت الساعة وليعلم الناس رأي العين أن محمدا مرسل من ربه بالقرآن كما شهد به الله وهو أكبر شهادة.
الحسن محمد ماديك