استمر الرسول صلى الله عليه وسلم في تعبده في غار حراء، فعاد الوحي وكان أول ما نزل بعد فترة انقطاعه الأولى قوله تعالى: (يا أيها المدثر). ثم أبطأ الوحي عدة ليال فقال المشركون: قد ودّع محمداً ربُّه، فأنزل الله عز وجل (والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى) (الضحى/ 1 - 3).
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصاً على حفظ القرآن فيحرك لسانه به، فنزلت الآية: (لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه) (القيامة/9).
وقد كان يأتيه الوحي مثل صلصلة الجرس - وهو أشد الوحي عليه - فيفصم عنه وقد وعى عنه ما قال، وأحياناً كان يأتيه الملك على هيئة رجل فيكلمه فيعي ما يقول. والمشهور أن نزول الوحي استغرق ثلاثاً وعشرين سنة منها ثلاثة عشر عاماً بمكة، وعشر سنين بالمدينة.
أوائل المسلمين إسلاماً: كانت خديجة رضي الله عنها أول من آمن، ثم آمن من الصبيان عليّ رضي الله عنه، ثم آمن من الرجال أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وزيد بن حارثة، وبلال بن رباح، وسعد بن أبي وقاص، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وخالد بن سعيد بن العاص، وعبد الله بن مسعود، وخباب بن الأرت، وعمار بن ياسر، وعمرو بن عبسة السلمي، وأبو ذر الغفاري، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، وعثمان بن مظعون، وسعيد بن زيد، وأسماء بنت أبي بكر، وفاطمة بنت الخطاب، وخلق آخرون، ثم عمر بن الخطاب الذي قيل إن الله أتم به أربعين من الصحابة، وقبله أسلم حمزة بن عبد المطلب عمّ الرسول صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة، وأسلم أيضاً المقداد بن الأسود ولكنه كان يكتم إيمانه، رضي الله عنهم أجمعين.
وأسلم الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه، ودعا قومه إلى الإسلام ولقي منهم صدوداً، فطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو عليهم، ولكن الرسول دعا لهم بالهداية، فهداهم الله وجاءت دوس مسلمة لله ورسوله بعد عدة سنوات.
استماع الجن للقرآن وإسلامهم
انطلق قوم من الجن - بعد أن حيل بين الجن وبين خبر السماء - نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنخلة - مكان على مسيرة ليلة من مكة - وهو عامد إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن تسمّعوا له، فقالوا هذا الذي حال بينكم وبين خب السماء، فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا: (إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً .. ]) (الجنّ/ 1 - 2)، وأوحى الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم قولهم هذا، وقد دعا الجنُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الحادثة، وذهب وقرأ عليهم القرآن، ثم عاد وأرى أصحابه آثارهم ونيرانهم.
ويليه إن شاء الله تعالى:
الدعوة السرّيّة إلى الإسلام
ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[16 Nov 2008, 09:22 ص]ـ
بقية: =
الدعوة السرّيّة إلى الإسلام
بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام، من أول ما أنزلت عليه النبوة ثلاث سنين مستخفياً، ثم أُمر بإظهار الدعوة بنزول قول الله عز وجل: (وأنذر عشيرتك الأقربين) (الشعراء/ 214).
صبره صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه على إيذاء المشركين
جاهرت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعداوة والأذى، وكان عمه أبو طالب يمنعهم مع بقائه على دين قومه، في حين أن عمه أبا لهب كان أشد قومه وأولهم إيذاءً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، واشتركت بطون قريش ورجال منها في إيذائه كذلك، واشتدوا في هذا الإيذاء، يعذبون من لا منعة - حماية - عنده ويؤذون من لا يقدرون على عذابه، والإسلام على هذا ينتشر في الرجال والنساء، ولقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من العذاب أمراً عظيماً، ورزقهم الله تعالى على ذلك من الصبر أمراً عظيماً.
بعض مظاهر أذى قريش للمسلمين: 1 - الضرر المادي والسب العلني:
ومن ذلك وضعهم بقايا الحيوانات ودماءها ومشيمتها - غشاء رقيق يحيط بالجنين- بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد. وقد خنق عقبة بن أبي معيط رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في فناء مكة، وكانت قريش تسبّ الرسول صلى الله عليه وسلم وتقول له مذمم - من الذم وهو عكس الحمد -، وتسبّ القرآن ومن أنزله ومن جاء به، وقد اجتمعت قريش لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم مما كان سبباً مباشراً للهجرة إلى المدينة.
¥