تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

". ثم رواه ابن عساكر (16/ 310 / 2 ??من طريق سليمان الشاذكوني: أخبرنا الهيثم بن عبد العفار عن سبرة بن معبد عن عبادة بن نسي به بلفظ: " اجتهد رأيك، فإن الله إذا علم منك الحق وفقك للحق ". و الهيثم هذا قال ابن مهدي: " يضع الحديث ". و الشاذكوني كذاب. قلت: وأجاب ابن القيم عن العلة الثانية، و هي جهالة أصحاب معاذ بقوله في " إعلام الموقعين " (1/ 243): " و أصحاب معاذ و إن كانوا غير مسمين فلا يضره ذلك، لأنه يدل على شهرة الحديث، و شهرة أصحاب معاذ بالعلم و الدين و الفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى .... " أقول: فهذا جواب صحيح لو أن علة الحديث محصورة بهذه العلة، أما و هناك علتان أخريان قائمتان، فالحديث ضعيف على كل حال، و من العجيب أن ابن القيم رحمه الله لم يتعرض للجواب عنهما مطلقا. فكأنه ذهل عنهما لانشغاله بالجواب عن هذه العلة و الله أعلم. ثم تبين لي أن ابن القيم اتبع في ذلك كله الخطيب البغدادي في " الفقيه و المتفقه " (113/ 1 – 2 من المخطوطة، 189 - من المطبوعة)، و هذا أعجب، أن يخفى على مثل الخطيب في حفظه و معرفته بالرجال علة هذا الحديث القادحة! (تنبيه) أورد ابن الأثير هذا الحديث في " جامع الأصول " (10/ 551) عن الحارث بن عمرو باللفظ الذي ذكرته، ثم قال: " و في رواية: " أن معاذا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله بما أقضي؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم أجد؟ قال: بسنة رسول الله، قال فإن لم أجد، قال استدق الدنيا، و تعظم في عينيك ما عند الله و اجتهد رأيك فيسددك الله للحق. ثم قال عقبه: " و أخرجه أبو داود ". قلت: و ليست عنده هذه الرواية، و لا رأيت أحدا عزاها إليه غيره، و لا وجدت لها أصلا في شيء من المصادر التي وقفت عليها، فهي منكرة شديدة النكارة، لمخالفتها لجميع الروايات المرسلة منها و الموصولة، و جميعها معلة بالجهالة. و مر على هذا العزو لأبي داود المحقق الفاضل لـ " جامع الأصول " (10/ 177 - 178 – طبعة دمشق) دون أي تعليق أو تحقيق! تنبيه آخر: ذهب الشيخ زاهد الكوثري المعروف في مقال له إلى تقوية هذا الحديث، و ليس ذلك بغريب منه ما دام أنه قد سبق إليه، و لكن الغريب حقا أنه سلك في سبيل ذلك طريقا معوجة، لا يعرفها أهل الجرح والتعديل، فرأيت أن أنقل خلاصة كلامه فيه، ثم أرد عليه و أبين خطأه و زغله.

قال في " مقالاته " (ص 60 - 61): " و هذا الحديث رواه عن أصحاب معاذ الحارث بن عمرو الثقفي، و ليس هو مجهول العين بالنظر إلى أن شعبة بن الحجاج يقول عنه: إنه ابن أخي المغيرة بن شعبة، و لا مجهول الوصف من حيث أنه من كبار التابعين، في طبقة شيوخ أبي عون الثقفي المتوفى سنة 116، و لم ينقل أهل الشأن جرحا مفسرا في حقه، و لا حاجة في الحكم بصحة خبر التابعي الكبير إلى أن ينقل توثيقه عن أهل طبقته، بل يكفي في عدالة و قبول روايته ألا يثبت فيه جرح مفسر من أهل الشأن، لما ثبت من بالغ الفحص على المجروحين من رجال تلك الطبقة. أما من بعدهم فلا تقبل روايتهم ما لم تثبت عدالتهم و هكذا. و الحارث هذا ذكره ابن حبان في " الثقات " و إن جهله العقيلي و ابن الجارود و أبو العرب، و قد روى هذا الحديث عن أبي عون عن الحارث - أبو إسحاق الشيباني و شعبة بن الحجاج المعروف بالتشدد في الرواية و المعترف له بزوال الجهالة وصفا عن رجال يكونون في سند روايته ". قلت: و في هذا الكلام من الأخطاء المخالفة لما عليه علماء الحديث، و من المغالطات و الدعاوى الباطلة، ما لا يعرفه إلا من كان متمكنا في هذا العلم الشريف، و بيانا لذلك أقول: 1 - قوله: " ليس هو مجهول العين بالنظر إلى أن شعبة يقول عنه ابن أخي المغيرة ". فأقول: بل هو مجهول و توضيحه من ثلاثة وجوه: الأول: أن أحدا من علماء الحديث - فيما علمت - لم يقل أن الراوي المجهول إذا عرف اسم جده بله اسم أخي جده خرج بذلك عن جهالة العين إلى جهالة الحال أو الوصف. فهي مجرد دعوى من هذا الجامد في الفقه، والمجتهد في الحديث دون مراعاة منه لقواعد الأئمة، و أقوالهم الصريحة في خلاف ما يذهب إليه ??فإنهم أطلقوا القول في ذلك، قال الخطيب: " المجهول عند أهل الحديث من لم يعرفه العلماء و لا يعرف حديثه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير