تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[محاضرات ملتقى " القرآن الكريم"]

ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[31 May 2010, 01:57 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

وقعت بين يدي مجموعة من المحاضرات التي ألقيت في ملتقى الفكر الإسلامي الخامس عشر " ملتقى القرآن الكريم " الذي انعقد بالجزائر العاصمة في الفترة من 02 إلى 08 ذو القعدة 1401 هـ الموافق 01 إلى 07 سبتمبر 1981م، وهي مكتوبة بالآلة الراقنة.

وسأقوم – إن شاء الله - بكتابتها ونشرها للفائدة.

ملاحظة: نقلتها كما هي بأمانة تامة ما عدا بعض الإضافات من عندي بين معقوفتين هكذا []

المحاضرة الأولى:

" ترجمة معاني القرآن [الكريم] وتقييم الترجمات"

الدكتور عبد الله عباس الندوي

عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز آل سعود

مكة المكرمة


"أيها السيدات والسادة
قبل الخوض في ترجمة معاني القرآن [الكريم] أرى أن الموضوع يتطلب مقدمو وجيزة تشتمل على بيان حقيقة الترجمة ومقدرتها على نقل المعاني والبيان إلى لغة أخرى، واستعراض خصائص العربية حتى يتسنى لنا البحث في ترجمة معاني القرآن الكريم وبيان مشكلاتها، واستعراض طرق اختارها المترجمون والنظر في أسس تفيد تقييما للترجمات.
ايها السادة:
أ) - الترجمة ضرورة علمية لا غناء عنها لقوم مهما كان مبلغهم في العلوم والآداب، واللغات على اختلافها ومنذ العصور القديمة، تنمي ثروتها بالأخذ والعطاء عن طريق الترجمات، ولكنه في الوقت نفسه، ومع الاعتراف بقيمة الترجمة وأهميتها أثبتت التجارب أنها تنقل المعاني والأصول من اللغات المترجم منها، وهي غير قادرة على نقل ما في اللغة من فصاحة، وبلاغة القول لأن البلاغة تأتي من التراكيب النحوية، والتراكيب النحوية تختلف من لغة إلى أخرى، وهي ليست كالمفردات التي نجد لها نظائر في كل لغة.
ولأجل هذا فإننا نرى أن الذين حاولوا ترجمة العلوم والفلسفات والآراء والسير والأخبار حالفهم النجاح والقبول، أما الذين حاولوا ترجمة المأثورات من بدائع القول المشتمل على تصوير الأخيلة الدقيقة وتصوير المعاني الرقيقة اضطروا إلى أخذ الجوهر واللب من اللغة المترجم منها، وإلباسها حللها من البلاغة التي تخص اللغة المترجم إليها.
ونجاح ابن المقفع مثلا في ترجمة روايات بيدبا الفيلسوف الهندي كان مرده أنه أخذ جوهر القصة من الترجمة الفارسية ثم صاغها بالأسلوب العربي البليغ، هكذا كان فعل كل من الرصافي في ترجمة شعر الخيام، والمرحوم الدكتور عبد الوهاب عزام في ترجمة شعر محمد إقبال.
وجملة القول أن ترجمة المعاني سهل ميسور، أما ترجمة نتائج الفكر ووحي الخيال تحتاج إلى عملية مزدوجة، أخذ المعنى من الأصل واختيار الأسلوب البليغ من لغة المترجم إليها.
ب) – اللغة العربية هي لغة قريش الناضجة المهذبة التي نزل بها القرآن الكريم لم تمسسها يد الأحداث والتطورات، وصمدت على أصالتها عبر القرون، لا تضاهيها لغة في العالم في الاحتفاظ بقيمها، وهي تحتفظ خصائص اللغات السامية من ناحية البناء والاشتقاق، وتفضل أخواتها اللغات السامية بحلاوة الجرس، وغزارة المادة، وتوسع المعنى، وإحكام النظم.
ج) – أما القرآن الكريم فله أسلوبه الخاص المتميز عن الأساليب المصطنعة، أسلوب بديع لا عهد للأذهان بمثله، فلا هو موزون مقفى، ولا هو سجع يتجزأ فيه المعنى في عدد من الفقر، ولا هو مرسل يطرد أسلوبه دون تقطيع ولا تسجيع، نزل منجما في نحو ثلاث وعشرين سنة، على حسب ما يعرض من الحوادث، فلم يكن القرآن الكريم إذا خاضعا لقانون التأليف، ووحدة الموضوع، ووحدة الأسلوب، وعقد الأبواب على مقتضى الأغراض. إنما تجمّع على هذه الصورة ودوّن حسب أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم تبعا لما كان يجده منزلا إليه أولا فأولا، محفوظا في القلوب أو مسطورا في الصحف، ثم رتب بوجه التقريب على حسب الطول والقصر، لا على حسب تنزيله ولا على حسب موضوعه، فتكررت بعض القصص لتأكيد الإنذار، أو لتشابه الأسباب، وتشتت وحدة الموضوع والأسلوب لنزوله متفرقا في مكانين مختلفين (مكة - والمدينة) وأزمان متراخية وأعراض متجددة.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير