تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يؤمنوا بالله واليوم الآخر. كما سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابن جدعان وكان رجلاً كريماً محسناً يفك العاني ويغيث الملهوف ويطعم الجائع فقالت أنافعه شيء من ذلك يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين. قال (فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ) أي ذهبت فلم يلقوا من جزاء تلك الأعمال شيئاً لأنهم جاؤوا بها بغير شرطها الذي أراده الله سبحانه وتعالى من كل عامل. قال (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) يعني يكونون في ذلك اليوم قد خفّت أوزانهم قال الله عز وجل (فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) المؤمنون) وقال (فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11) القارعة) فبيّن الله عز وجل أنه لا يقيم لهم وزناً أي لا يزنون عند الله شيئاً. والميزان يوم القيامة توزن به على الصحيح من أهل العلم الجامع لكل الأحاديث والآيات الواردة في هذا الباب أنه يكون للعامِل وللعمل وللصحيفة فالعامِل يوزن والعمل يوزن والصحيفة التي كتب فيها العمل أيضاً توزن ومن تتبع الايات والأحاديث وجد ذلك واضحاً. وهذه الآية قال الله تعالى فيها (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) يكونوا خفيفي الوزن إذا وضعوا على الميزان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري ورواه أبو هريرة رضي الله عنه "إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة وقال اقرأوا إن شئتم (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا). ولما كان الصحابة يوماً جالسين عند شجرة فصعد ابن مسعود فبدت ساقه وكانت دقيقة جداً فضحك الصحابة من دقة ساقه فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنها لأثقل في الميزان من جبل أُحد. فدلّ ذلك على أن العامل يوزن والعمل يوزن والصحيفة أيضاً توزن. (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106)) لاحظوا كيف أن القرآن لا يأتي بالعقوبة مجردة من دون ذكر الأسباب التي توقع في تلك العقوبة بل تذكر العقوبة ويذكر السبب الموصل إلى تلك العقوبة كما يذكر الوعد ويذكر السبب الموصل إلى ذلك الوعد الكريم من الرب العظيم. قال (ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا) أي بسبب كفرهم ولأنهم (وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا) استهزؤا بالله واستهزؤا برسل الله صلوات الله وسلامهم عليهم فكذبوهم واتهموهم بالسحر والشعر والكهانة وبأنهم جاؤوا باساطير الأولين وقالوا فيهم أقاويل يربأ المسلم أن يتلفظ بها في حق هؤلاء الثلة الأخيار من أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم. لكن يأتي سؤال وهو أن المؤمن يقرأ هذه الايات فيخاف وأن الصحابة رضوان الله عليهم قد حملوا هذه الايات على بعض المسلمين. نقول نعم، هذه الآيات تحمل على من شابه الكفار في شيء من أعمالهم فمن عمل عملاً من الأعمال الصالحة وهو يعمله لا يتقرب به إلى الله فإن عمله ذلك لن ينفعه وكذلك من عمل عملاً في نظره أنه صالح ولكنه لم يتبع به منهج رسول الله وظن أن عمله هذا يوصله إلى الله سبحانه وتعالى فنقول له انتبه لئلا تكون من الأخسرين أعمالاً. وقد حمل بعض الصحابة هذه الآية ونظائرها على الخوارج لأنهم كانوا يعملون أعمالاً يحقر أحدكم صلاته عند صلاتهم ويقرأون القرآن ولكنه لا يجاوز تراقيهم كما ورد في الحديث فقد كانوا يتعبدون وانوا يفعلون افعالاً ولكن من دون علم فضلّوا وأضلّوا نسأل الله العافية والسلامة. ولذلك حمل بعض الصحابة مثل هذه الآيات عليهم وعلى أمثالهم علماً أن الخوارج لم يكونوا إلا بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم لما ذكر الله هؤلاء ذكر في مقابلهم أهل الإيمان على عادة القرآن في ذكر الوعد والوعيد والترغيب والترهيب وتثنية أحدهما بالآخر فقال جل وعلا (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا) فبدأ بالإيمان ثم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير