تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لماذا خُتمت الآية بـ (السميع البصير)؟ ما دلالة السمع والبصر هنا؟ سياق الآيات تقتضي ذكر قدرة الله تعالى الحقيقة أنه لو قال إنه هو القدير أو إنه على كل شيء قدير لا يزيد شيئاً على معنى الآية لأن ما في الآيات اثبات لقدرة الله تعالى والرسول صل1 أُسري به ليسمع ويرى أشياء لم يسمعها ولم يرها من قبل لذلك ناسب سياق الآيات أنه ما يراه الرسول صل1 يراه ربّه وما يسمعه يسمعه ربّه لذلك إنه هو السميع البصير.

فلماذا لم تأتي الآيات (السميع العليم) مثلاً كما وردت في آيات أخرى في القرآن؟ الذي يسمع ويرى هو عليم ولكن إذا قيل عليم قد يكون غائب عنك فالعليم ليس فيه حضور أما السميع البصير ففيه حضور. ولقد وردت (السميع العليم) في آيات أخرى لأن المقام في تلك الآيات اقتضى ذلك (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) سورة الأعراف آية 200 عندما ذكر نزغات الشيطان، والشيطان لا يُرى ووساوسه لا تُرى كذلك لذلك جاءت الآية (سميع عليم). أما عند ذكر البشر في آية أخرى تأتي ختام الآية بـ (السميع البصير) (إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) سورة غافر آية 56.

لماذا قدم السمع على البصر؟

1. لأن من يسمعك أقرب ممن يراك فالشخص الذي تسمعه أنت أقرب إليك من الذي تراه وهذا يُشعر بالطمأنينة والأمن والقرب.

2. السمع هو أهمّ من البصر في مجال الدعوة فاقد البصر يمكن أن يبلّغ في مجال الدعوة أما فاقد السمع فيصعب تبليغه.

3. الإسراء في الليل والليل آيته السمع. وفي القرآن عندما يأتي ذكر الليل تأتي الآيات بـ (أفلا يسمعون) وعند ذكر النهار تأتي (أفلا تبصرون) فكلّ آية تناسب وقتها فالليل للسمع والنهار للإبصار.

4. قُدّم السمع على البصر في القرآن إلا في مواطن قليلة منها في سورة الكهف (أبصر به وأسمع) لأن السياق يقتضي ذلك، فقد خرج أهل الكهف فارّين حتى لا يراهم أحد لكن الله تعالى يراهم في ظلمة الكهف وفي تقلبهم ذات اليمين وذات الشمال. وفي سورة السجدة (ربنا أبصرنا وسمعنا) قدّم البصر هنا لأنهم كانوا يسمعون في الدنيا ويكذبون في الآخرة وأبصروا العذاب والحقيقة وقولهم يعني انهم موقنون واليقين لا يتأتى إلا بالإبصار وليس بالسمع (عين اليقين) لأنهم رأوا العذاب عين اليقين.

لفتة: وردت كلمة سميع والسميع في القرآن الكريم 46 مرة ووردت كذلك كلمة بصير والبصير 46 مرة.

خلاصة:

1. أن الحياة والقدرة والسمع والبصر والحكمة وصفة الخلق كلها صفات وردت في هذه الآية ثم ذكر الكمال في هذه الصفات بكلمة واحدة هي (سبحانك) فالفرد قد يكون سميعا وبصيرا وذا قدرة ولكن قد يكون أحمقا أما كلمة سبحانك فجاءت نفياً وتنزيهاً لله تعالى عمّا يصفه أهل الجاهلية.

2. ارتباط أوّل السورة بآخرها فقد بدأت بالتسبيح وختمت بالتحميد. نعمة الإسراء نعمة عظيمة جليلة فجاء في ختام السورة قوله تعالى (وقل الحمد لله) حمداً لله على نعمة الإسراء.

3. ختمت السورة بالباقيات الصالحات (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) وبعد هذه الآية تبدأ سورة الكهف استجابة لهذا القول (قل الحمد لله فافتتحت سورة الكهف بالآية (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا) وفي قوله في سورة الكهف في آية 4 (وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) رد على آخر سورة الإسراء أنه سبحانه ليس له شريك في الملك.

ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[07 Jul 2010, 06:59 ص]ـ

HTML clipboard المعراج: (سورة النجم من الآية 1 إلى الآية 18)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير