تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وساق الجرجاني دلالة من كلام الجاحظ نفسه على أن اللفظ ومحسناته ليست هي الأهم في الأمر، يقول الجرجاني: "جَنَّبَك اللّهُ الشُّبْهةَ، وَعصَمك من الحَيرة، وجَعلَ بينك وبين المعرفة نسباً، وبين الصدق سَبَباً، وحبَّب إليك التثبُّت، وزيَّن في عينك الإنصاف، وأذاقك حلاوة التقوى، وأشعرَ قلبكِ عِزَّ الحقّ، وأودَعَ صدرَك بَرْدَ اليقين وطرد عنك ذلَّ اليأس، وعرَّفك ما في الباطل من الذلَّة، وما في الجهل من القِلَّة".

ويجعل الجرجاني الفضل في للمعنى حيث يقول: "ومنَ المعلوم أنْ لا معنى لهذه العباراتِ وسائرِ ما يجري مَجراها مما يُفْرَدُ فيه اللفظُ بالنعتِ والصفةِ وينسبُ فيه الفضلُ والمزيَّةُ إليه دونَ المعنى غيرَ وصفِ الكلام بحسنِ الدَّلالة وتمامِها فيما له كانت دَلالةٌ ثم تبرُّجها في صورةٍ هي أبهى وأزْينُ وآنقُ وأعجبُ وأحقّ بأنْ تستوليَ على هَوى النفس وتنالَ الحظَّ الأوفرَ من ميل القلوب وأولى بأن تطلقَ لسانَ الحامدِ وتُطيلَ رُغمَ الحاسد. ولا جهةَ لاستعمال هذه الخصالِ غير أنْ يُؤتَى المعنى من الجهةِ التي هيَ أصحُّ لتأديتهِ ويختارُ له اللفظُ الذي هو أخصُّ به وأكشَفُ عنه وأتمُّ له وأَحرى بأن يُكسِبَه نُبلاً ويُظهرَ فيه مزيَّةً".

فهو بهذا يجعل المعنى أصلا واللفظ فرعا وهو كلام حسن فإن أول ما يتبادر إلى ذهنك المعنى الذي تريد أن تكتب عنه ثم إنك تبحث عن اللفظ الملائم له، غير أنك باطلاعك على كتب الجرجاني تخرج بأنه قد وفق بينهما وحفظ لكل حقه غير أنه بدى لتفضيل المعنى أقرب لما كان منه من دفاع عنه.

قول ابن رشيق:

أما ابن رشيق في كتابه العمدة فقد جمع بين القولين ورأى أن لكلاهما فضل ومزية، يقول ابن رشيق: "اللفظ جسم، وروحه المعنى، وارتباطه به كارتباط الروح بالجسم، يضعف بضعفه، ويقوى بقوته، فإذا سلم المعنى واختل بعض اللفظ كان نقصاً للشعر وهجنة عليه، كما يعرض لبعض الأجسام من العرج والشلل والعور وما أشبه ذلك، من غير أن تذهب الروح، وكذلك إن ضعف المعنى واختل بعضه كان للفظ من ذلك أوفر حظ، كالذي يعرض للأجسام من المرض بمرض الأرواح، ولا تجد معنى يختل إلا من جهة اللفظ، وجريه فيه على غير الواجب، قياساً على ما قدمت من أدواء الجسوم والأرواح، فإن اختل المعنى كله وفسد بقي اللفظ مواتاً لا فائدة فيه، وإن كان حسن الطلاوة في السمع، كما أن الميت لم ينقص من شخصه شيء في رأي العين، إلا أنه لا ينتفع به ولا يفيد فائدة، وكذلك إن اختل اللفظ جملة وتلاشى لم يصح له معنى؛ لأنا لا نجد روحاً في غير جسم البتة".

وكذلك فعل قدامة في كتابه نقد الشعر حيث قسم الشعر أربعة أقسام، جيد اللفظ جيد المعنى، جيد اللفظ رديء المعنى، رديء اللفظ جيد المعنى، رديء اللفظ رديء المعنى وتعدث عن ائتلافهما، وهو بذلك يتفق مع ابن رشيق بتفصيل أكثر وهو الصواب والحق فإننا نرى البيت حسن معناه وساء لفظه و البيت ساء معناه وحسن لفظه.

ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[05 - 07 - 2009, 02:07 ص]ـ

المقال رقم 2منقول بتصرف عن كتاب نظرية النقد العربي رؤية قرآنية معاصرة ... وصاحبه رجل شيعى ولكن أنقله للفائدة ...

«قضية اللفظ والمعنى»

1 ـ أبعاد هذه المعركة النقدية.

2 ـ الفريق الأول: تفضيل الألفاظ.

3 ـ الفريق الثاني: الجمع بين اللفظ والمعنى.

4 ـ الفريق الثالث: وحدة اللفظ والمعنى.

5 ـ الفريق الرابع: العلاقة القائمة بين اللفظ والمعنى.


أبعاد هذه المعركة النقدية:
من المسائل الكبرى عند النقاد القدامى، مسألة اللفظ والمعنى، فقد قامت المعركة بينهم على أشدها في تحديد دور كل منهما في إعطاء النص الأدبي قيمته الفنية، ومن ثم في تقويم شخصية كل منهما في السيادة والأولوية.
ولعل المحفز لهذه المعركة الإعجاز القرآني، أو لفكرة الإعجاز في القرآن وارتباط الفكر النقدي والبلاغي بمضامينها، باعتباره عريباً إسلامياً، فكان النزاع محتدماً في أين يكمن الإعجاز، في اللفظ وتأليفه، أو المعنى ودلالته، أو بهما معاً، أم بالعلاقة المتولدة بين ذا وذا.
ويمكن حصر أبعاد هذه المعركة بأربعة فرقاء:
1 ـ فريق اللفظ، ويمثله الجاحظ (ت 255 هـ) وأبو هلال العسكري (ت 395 هـ).
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير