تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[05 - 07 - 2009, 01:48 ص]ـ

وأنقل لكم هنا بعض المقالات التى أعجبتنى وأحد فيها فائدة:-

لعل من أهم القضايا التي أثيرت في تاريخ الأدب العربي قضية اللفظ والمعنى والمفاضلة بينهما، وأول من أثارها الجاحظ بتفضيله اللفظ على المعنى بل ربما أنكر فضل المعاني، فهي كما يقول مطروحة لمن شاء أن يأخذ منها، وقد انتشرت هذه الفكرة وأولع بها الكثيرون حتى أن ابن خلدون –وهو في القرن الثامن- يدعوا إليها، ولعل السبب وراء ذلك اشتعال الخلاف بين المتكلمين والزنادقة حول إعجاز القرآن فقد حاول المتكلمون إثبات اعجازه، فزعموا أنه بالمعنى ولكنهم رأوا أن المعاني موجودة في غيره بل هي مشتركة بين الأمم و اللغات المختلفة، ثم قال النظام وهو أستاذ الجاحظ أن إعجاز القرآن بالصرفة حيث صرف الله العرب عن قول مثله، ولكن هذا لم يشف صدر الجاحظ حتى اهتدى إلى ما أسماه بالنظم، فقال بأن القرآن معجز بنظمه وتأليفه واندفع يشيد في الأدب كله بالنظم واعتبره وحده معيار البلاغة لما رآه مصدر إعجاز القرآن، وقد تصدى لهذه الفكرة الكثير من الأدباء كقدامة في كتابه نقد الشعر والجرجاني في كتابيه دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة، وابن قتيبه في كتابه الشعر و الشعراء، وابو هلال في كتابه الصناعتين، وابن رشيق في كتابه العمدة وغيرهم، وننقل هنا كلام لثلاثة ممن أثاروا هذه القضية وكان لهم آراء مختلفة وهم، الجاحظ وقد فضل اللفظ، وردُ الجرجاني عليه وقد فضل المعنى بعض الشيء، وكذلك كلام ابن رشيق وقد جمع بينهما.

قول الجاحظ:

يقول الجاحظ: "المعاني مطروحة في الطريق، يعرفها الأعجمي والعربي والقروي والبدوي، وإنما الشأن في إقامة الوزن وتحبير اللفظ وسهولته وسهولة المخرج، وفي صحة الطبع وجودة السبك، فإنما الشعر صياغة وضرب من التصوير"، والعجيب أن الجاحظ من أئمة الأدب الذين اعتنوا بالمعنى و عرفوا شرفه، وحقا كان يعتني بألفاظه ولكنها عناية تابعة لمعانيه وهذا ما استخدمه الجرجاني للرد عليه كما سنرى.

رد الجرجاني:

تحدث الجرجاني في هذا الشأن في بداية كتابه أسرار البلاغة فبين أن الألفاظ لا تفيد بذاتها حتى تؤلف وترتب على وجه ما وحتى تحمل بين طياتها معنا يستحسن ويطلب، فهو يرى الألفاظ خدم للمعنى، فإن استجادة الشعر ليست لأجل اللفظ وحسب، وإلا لكان تغيير ترتيب كلمات بيت ما لا تضر بحسنه، غير أنها في الحقيقة تضر وتذهب ببهاء البيت بل ربما ذهب به كله ولم يعد قولا مفيدا، وبهذا فإن الألفاظ وحدها ليس لها فضل وليس بها إعجاز، فإنك إن استحسنت قولا فإنما ذلك لاستحسانك المعنى الذي طرق قلبك وعقلك، حتى أن فنون اللفظ التي تضفي عليه حسنا لا تستحسن بغير النظر إلى المعنى كالتجنيس مثلا: " فإنك لا تستحسن تجانس اللفظتين إلا إذا كان موقع معنييهما من العقل موقعاً حميداً، ولم يكن مرمى الجامع بينهما مرمى بعيداً، أتراك استضعفت تجنيس أبي تمام في قوله:

ذهبت بمذهبه السماحة فالتوت ... فيه الظنون أمذهب أم مذهب

واستحسنت تجنيس القائل: حتى نجا من خوفه ومانجا، وقول المحدث:

ناظراه فيما جنى ناظراه ... أو دعاني أمت بما أو دعاني

لأمر يرجع إلى اللفظ؟ أم لأنك رأيت الفائدة ضعفت عن الأول وقويت في الثاني؟ ورأيتك لم يزدك بمذهب ومذهب على أن أسمعك حروفاً مكررة، تروم لها فائدة فلا تجدها إلا مجهولة منكرة، ورأيت الآخر قد أعاد عليك اللفظة كأنه يخدعك عن الفائدة وقد أعطاها، ويوهمك كأنه لم يزدك، وقد أحسن الزيادة ووفاها، فبهذه السريرة صار التجنيس وخصوصاً المستوفي منه المتفق في الصورة من حلي الشعر ومذكوراً في أقسام البديع، فقد تبين لك أن ما يعطى التجنيس من الفضيلة أمر لم يتم إلا بنصرة المعنى".

وكذلك الأمر في السجع فعلى كونه من زينة اللفظ إلا أننا نجد المتقدمين يزهدون فيه إلا ما جاء على الطبع و السجية وتجده قليل، أما المتأخرين فإنك تجد اهتمامهم بزينة اللفظ وشغفهم به وتنكرهم للمعنى أنساهم أنهم يتكلمون لِيُفهَموا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير