تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وآخرون خرجوا من بيوتهم بأسباب متعددة فأنجاهم الله ومنهم الذين ذهبوا إلى حج بيته فأنقذهم تعالى من السيل ..

المصاب عظيم.

فعائلات فقدت بكاملها رجالا ونساء وأطفالاً ... وجثث ملقاة على الأرصفة وعالقة بالأعمدة والأشجار وأخرى تستخرج من الحفر والمستنقعات ومن تحت الركام وحطام السيارات

وميتان: طفل في حضن أبيه. ورجل يسير مع أربع نسوة، فيأتي السيل فيخطف إحداهن أمام بصره، فيمسك بالثلاث وهو يراها تغرق أمام عينه لا يقدر على شيء، ثم يخطف السيل الثانية ومن بعدها الثالثة والرابعة وهو ينظر حتى اجتاحه السيل هو أيضاً.

وآخر وجد أمه على مسافة بعيدة بعد أن حبسها عمود.

وهذا زوج مكلوم ظل يبحث طوال الأيام الماضية عن زوجته المفقودة في السيل، ولم يترك مكاناً إلا أتاه مستمسكاً بالأمل ولو أن يجد جثة زوجته ... ، وعلى بعد 12 كيلو مترا من مقر منزله عثرت فرق الإنقاذ على جثة زوجته، ولما حملت الجموع الجثة، علا صوت الزوج بالبكاء في مشهد أبكى معه العشرات، وامرأة تقول: رأيت جارتي وأطفالها الخمسة يموتون أمام عيني. ورب أسرة يقول: أنا وأولادي من اليوم الثامن حتى ثاني يوم العيد لا مأوى لنا إلا سيارتنا التي نتحرك بها.

والكثير من الناس ذهبت أصول مكاسبهم أو تضررت تضرراً بالغاً (من ورشة، ومصنع، ومخزن ومحل ... )

لا ماء .. ولا كهرباء .. انهيار وبكاء .. وبيوت تصدعت على وشك الانهيار، وأرامل وأطفال يقيمون في العراء، والقمامة أرتال كالجبال، ومستنقعات في وسط الأحياء، تحوم حولها الحشرات. .. ومساجد كاملة مقفلة: لا سجاد، لا مصاحف، لا كهرباء، و80 %من سكان المناطق المنكوبة غير موجودين الآن في بيوتهم ... واستخراج الجثث لازال قائما حتى الساعة

لِكُلِّ شَيءٍ إذا ما تمَّ نُقصَانُ ... ... فلا يغرُّ بطِيب العَيشِ إنسانُ

فجائع الدنيا أنواعٌ منوعةٌ وللزمان مسراتٌ وأحزانُ

ووَهَذِهِ الدَّارُ لا تبقِي على أحدٍ ... ولا يدُومُ عَلَى حَالٍ لَهَا شانُ

الإيمان بالقدر شفاء لما في الصدور

ووقد بين تعالى الحكمة من كتابة الأقدار فقال: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} فلا عجب أن تجد بعض المصابين ممن ربط الله على قلوبهم كانت نفوسهم طيبة في تلقي البلاء وبعضهم يواسي بعضا.

الماء بعضه رحمة وبعضه عذاب

فيغيث الله به البلاد والعباد ويحيي به الأرض بعد موتها ويثبت به المؤمنين في أرض المعركة كما قال: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ}.

ويبعثه على قوم آخرين ليكون عذاباً: {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً}. وقال: {إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية}. وقال: {ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر}.

وقص علينا نبأ فرعون وقومه: {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ}.

الموت يأتي بغتةً

في غمرة التجهز للعيد وفرحته، وبينما الناس منهمكون بالاستعدادات والأضاحي والملابس، يدهمهم فجأة ومن غير سابق إنذار سيل يحصد الأرواح، وفي هذا تذكير عظيم بيوم القيامة {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ}.

ما أصعب لحظات الوداع خصوصا حين يرى المرء الموت وهو يحاصره: فهذا شاب منطلق بسيارته وفجأةً دهمته السيول، فأيقن أنه غارق لا محالة، فصعد على سطح سيارته واتصل بأهله وأقربائه وأصدقائه وودعهم ثم جعل يتصل بأصحابه ومعارفه ليطلب منهم السماح، حتى انقطع الاتصال، ليعتلي صوت أهله بالبكاء.

أسر وعوائل ذهبت بأكملها وأخرى ذهب بعضها أو لم يبق منها إلا واحد أو طفل صغير علق بشجرة.

لكل أجلٍ كتاب

رجل ودع زوجته وأطفاله وذهب إلى عمله ... ليعود بعد ساعتين فيجد كل شيء أثراً بعد عين، فأصبح وحيدا بلا زوجة ولا أطفال .. ففي لحظات قليلة جرفتهم السيول الداهمة.

لا يغني حذر من قدر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير