تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فالموت مدرك جميع البشر لا محالة، ومهما هرب منه الإنسان فلا بد أن يأتيه، وقد رأينا أناسا امتنعوا عن الذهاب للحج خوفاً من الأنفلونزا، فإذا بالموت يأتيهم في بيوتهم {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.

وآخرون توكلوا على الله وذهبوا للحج، فكان سببا في سلامتهم.

وبنت أصرت قبلها بليلة على البقاء عند عمها في زيارة عائلية لتبقى نظرات الحزن ساهمة وهي تفكر في أسرتها التي ماتت كلها.

وهنا تذهب بعض أذهان الناس مذاهب عجيبة غريبة في طرائق التفكير واتخاذ القرار، فهذا رب أسرة ربط أفراد أسرته بحبل واحد معا وقال: إما أن ننجو جميعا أو نهلك جميعا!!

الشهادة فضل من الله يؤتيه من يشاء

فالشهادة من أعلى مراتب أوليائه، والشهداء يختارهم الله من بين عباده، ولا سبيل إلى نيل هذه الدرجة إلا بتقدير الأسباب المفضية إليها.

وفي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: (وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ) وفي لفظ: (وَمَنْ غَرِقَ فَهُوَ شَهِيدٌ) رواه مسلم (2829).

إذا وقع القدر عمي البصر

فمع أن لهذه الكوارث الكونية أسباباً طبيعية، وأحيانا يكون بمقدور البشر التنبؤ بها قبل وقوعها عن طريق الحسابات الدقيقة .... إلا أن هذه الكارثة أثبتت قصور البشر سواء في التحليل وتوقع الأزمات، أو في الاستعدادات والاحتياطات أو في التصدي لها ومحاولات النجاة.

إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ

بهذه الكلمات يقابل المؤمن المصائب والكوارث والسيول , فإنها من أبلغ العلاج وأنفعه للعبد في عاجله وآجله , وذلك لتحقق الإنسان من أن نفسه وأهله وماله وولده ملك لله عز وجل، وقد جعلها الله عنده عارية, فإذا أخذها منه فلا اعتراض كما أن المعير لا يلام إذا أخذ عاريّته من المستعير.

وليعلم العبد أن مصيره ومرجعه إلى الله مولاه الحق, ولابد أن يُخلِّف الدنيا وراء ظهره, ويأتي ربه يوم القيامة فردا, بلا مال ولا أهل ولا عشيرة.

ثواب الله خير لك منهم , ورحمة الله خير لهم منك

قال شبيب بن شيبة رحمه الله للخليفة العباسي المهدي يوم وفاة ابنته ياقوتة، قال له: " يا أمير المؤمنين أعطاك الله على ما رُزئت أجراً، وأعقبك خيراً، ولا أجهد بلاءك بنقمة، ولا نزع منك نعمة , ثواب الله خير لك منها , ورحمة الله خير لها منك , أسأل الله ألا يحزنك ولا يفتنك".

فخف عن الخليفة مصابه.

لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ:

المصيبة تزيد في إيمان المؤمن ويقينه بأن الأمور بيد الله وحده لا شريك له, وأن الناجي منها إنما أنجاه الله تعالى بفضله ورحمته.

تذكر الآخرة: نفسي نفسي

مئات السيارات يجرفها السيل تتقلب فيه كقطع الفلين وركابها يرفعون أيديهم ويصيحون طالبين الغوث والنجدة ولكن كل شخص مشغول بنفسه.

لمن الملك اليوم

قل الله مالك الملك: خرج بعض الناس من السيل لا يملكون شيئا لا بيت ولا سيارة ولا أثاث ولا ملابس ولا بطاقة صراف ولا حتى إثباتات شخصية، وبهذا يتذكر الإنسان كيف يأتي ربه يوم القيامة لا يملك شيئا: حفاة عراة بهما ليس معهم شيء

إحياء عبودية الخوف من آيات الله

وقد كان هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى شيئا من الآيات الكونية، قال أنس: (كَانَتْ الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ إِذَا هَبَّتْ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). رواه البخاري (1034)

فيقع منه هذا الخوف بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم وهو من غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكيف بحالنا نحن المذنبين المقصرين!!.

وقال تعالى: {وما نرسل بالآيات إلا تخويفا} ولا شك أن هذا السيل من آيات الله التي يخوف بها عباده

التأمل في كثرة نعم الله علينا

من الدروس المستفادة لمن رزقه الله تأملا وفهما إذا نظر إلى ما أصاب الناس أن ينطق بقلبه قبل لسانه: الحمد لله الذي عافاني ويستحضر تفضيل الله له.

فإذا نظر فيمن ذهبت أسرته استحضر نعمة الله عليه بحفظ أهله له.

وإذا شاهد صور تلف الأموال والممتلكات انتقل من هذه الصورة إلى معاينة نعمة الله عليه بحفظها له.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير