[أنا و (الماجستير) حكاية العقبات والآمال]
ـ[مُجَرَّدُ أمنية]ــــــــ[30 - 10 - 2009, 12:30 ص]ـ
.
.
أكتُبُ هذا ليس لشيء سوى أنني ضِقتُ ذرعاً بي , وأشعُرُ أنَّ عليَّ تسجيل هذا , كي أشعر بالفخرِ بي يوماً إن تحقق لي ماأردت وحصلتُ على شهادة الماجستيرِ يوماً.
الآنَ عرفتُ لماذا يُبجِّلُ الناسُ ذوي الشهادات العليا , ولماذا صِرْتُ بِدَعاً من الناس حين أذيعَ وسط عائلتي أني سجلت في مرحلة الماجستير , تحيةٌ وتجِّلَّةٌ لكل من بذل جهداً عظيماً عظيماً لايُمكِنُ وصفه , لينال شهادة عليا , وتقديرٌ عظيمٌ لكل أساتذتي , وأستاذاتي , لكل من قرأتُ كتبهم , أو تعاونوا معي لإيجادِ موضوعٍ لرسالة الماجستير , تحيةٌ لمرشدي ذي السبعين عاماً , الذي يخجلني من نفسي كثيراً كثيراً حتى الرأفةِ بي , أو الكرهِ الشديد لي , تحية له وقد قضى خمسين عاماً – وفقاً لحساباتي – في العلم والتعليم والتأليف , ومناقشة الرسائل , وحضور مجالس الأقسام , والكتابة في المجلات , والمشاركة في هيئة تحرير أحدها , والندوات , والمحاضرات , والكثير الكثير , وأيضاً هذا العَلَمُ الجليل , كانَ أباً رحيماً , ومربياً فاضلاً , وقدوة نبيلة , وبالرغمِ من كل مشاغله , فإنه لم يبخل علي يوماً بنصحية أو مشورة , وكان يحُادثني بكل أريحية ولطف , كان متعاوناً معي لدرجة أني كنت أشعرُ أنه لايقرأ سوى مخطط رسالتي , ولايرشد سواي.
أعلمُ أن أهل العِلْمِ أناسٌ لايشبهون الناس , العلمُ يهذب النفوس , لأنه لايُجنى إلا بالتعب , منذ أول يومٍ قُبِلْتُ فيه لدراسة الماجستير , وأناأقول لنفسي ستجدي الكثير من العقبات , وستواجهين طريقاً محفوفاً بالمكاره , أعلمُ أن الطريقَ لن يكونَ مسفلتاً , ومزين الجوانب بالورود.
أعلمُ من نفسي أني لم أكن متحمسة لإتمام دراستي , قد أبدو ضعيفة الهمة , ولكني كُنتُ في حالةٍ لاتأذنُ لي بأن أتِمَّ دراستي , فلدي خمول ذهني , ويباسٌ فكري , أظن أن كثيرين يمرون به بعد إتمام دراستهم الجامعية , لاأنسى (بدور) التي كانت أول من هنأني بقبولي في الماجستير , لم أفرح يومها , بل إن فرحتها بي كانت أعظم من فرحتي بي , كما لو أن الأدوار كانت متبادلة , لم يكن الخبر مفاجأة , كان لدي ثقة بأني سأُقبل , كذا لأسبابٍ عديدة , أكبرها أني لم أكن راغبة في إتمام رسالتي , ولم يجعلني أقدم على هذه الخطوة سوى رفيقاتي , اللاتي أجبرنني على الحصول على التوصيات , وسهلن لي مهمة الحصول عليها , وكُنَّ يباشرنني بكل خبرٍ جديد عن تسجيل الماجستير , وكنت تلك الفترة أستخير كل وقتٍ , لأجل أن لاأقدم على الماجستير , فأتعذر لرفيقاتي بأن الاستخارة لم تقضِ بهذا , فما كان منها إلا أن فعلت العكس , ودفعتني إلى تقديم أوراقي , وحضور المقابلة , أتذكرُ أن بدور , حين شعرت بتضايقي من القبول , قالت لي: حرام عليك , أعرفُ كثيرات كبير أملهن أن يقبلن , ولم يحصل لهن هذا , احمدي ربك , واشكري النعمة.
الحمد لله , سبحان ربي , وقتها قلتُ في نفسي: ليته تحقق لهن ماأردن , أأعطيهن قبولي؟ أيتوزع؟ ولكنها أرزاق يوزعها رب العالمين على عباده.
أذكر أني لم أستعد للمقابلة , سوى أني قرأتُ كتاب دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني , ليس لاهتمامي الكبير بالمقابلة , وإنما لأقضي وقتاً ماتعاً مع عبد القاهر أثناء انتظار دوري , ولاأنكر أن تعلق أحد عضوي اللجنة بهذا العَلَم , جعلني أختار الدلائل دون غيره من الكتب.
دخلتُ اللجنة , وكان مرشدي أحدُ أعضائها , والآخرُ هو شيخي الفاضل , المولعُ بعبد القاهر , تعثرتُ في تبيُّنِ الحد الدقيق لبعض المصطلحات البيانية التي سألني عنها مرشدي , ولكني أجبتُ إجاباتٍ جيدة عن عبد القاهر , ونظرية النظم , وسيبويه:).
(موفقة) كلمة أنهى بها مرشدي حديثه , ولاأذكر ماقاله شيخي الكريم , ولكن نبرة صوته كانت تنم عن رضا عالٍ عرفت فيما بعد حين درسني أنها نبرته الأبوية التي يتعامل بها مع كل طلابه , ليبعث فيهم التشجيع والمؤازرة.
¥