للأمانة , أشياء كثيرة. حقيقةً لم أكن جزمتُ بإتمام دراستي , وكنت طوال فترة بقائي في الوظيفة أستخيرُ في تركها , ولكن إحدى زميلاتي الموظفات , نهتني عن ترك دراستي , وأخبرتني أن غيري كثيرات يعملن , ويدرسن في نفس الوقت , فقط ارفعي خطاباً , ومعه جدول اختباراتك , وستسير الأمور بشكل جيد , لم أكن موظفة مرضياً عنها منذ البداية عند مديرتي العزيزة , ولكنَّ إرادة الإله يسرت لي الأمر بشكل لم أعهده , مثلُ هذه المواجهات تُعَلِّمُكَ لذة المناجاة , لذة التعلق بالله , لذة التوكل عليه , لذة أن تحتاج لله , وتعلم أنه سيقضي حاجتك , أنه سبحانه الوحيد القادر على تحقيق ماتريد , كثيرات قلن لي: إن لديك حظوة لدى المديرة , ولا شك أن ثمة علاقة تربطكما , لكنهما لايعلمان أن مديرتي لم تُرِدْني منذ البداية , فضلاً عن أن تسهل لي دراستي التي لاعلاقة لها بعملي , لكنه تييسير رب العالمين , زاد تعلقي بالله تلك الفترة , وكانت هذه منحة المحنة , طبعاً بقيتُ فترة في أخذ وجذب مع مديرتي العزيزة , التي طلبت أوراقاً وخطابات , وأموراً غريبة , كي تُعثِّر عليَّ امتحاناتي , لكن الأمور كانت تحصل لي بطريقة معجزية , حقاً لقد حدثت لي معجزات!! , لم أستطع المذاكرة لامتحاني الأول إلا ليلة الاختبار , لأني بقيتُ في عتمة , هل ستقبل بأن أحضر اختباراتي أو لا , وحين دخلتُه , وقرأتُ الأسئلة , وجدتُ السؤال الأول من ضمن المعلومات التي مررتُ عليها سريعاً , ولم أستطع التركيز جيداً , انتقلتُ للسؤال الثاني , ولم أستطع الحل , قرأت كل الأسئلة , وهذه لم تكن عادتي , وصدمتُ بأسئلة لم أعرف حلها , تركتُ الورقة , وبدأتُ أدعو , وأحاول استعادة نفسي , وبدأتُ أحل أسهل الأسئلة , وقعتُ في كثيرٍ من الأخطاء , وكنت أحذف وأضيف , حتى بدا شكل الإجابات مزعجاً , ولم يكن لدي الوقت الكافي لأطلب دفتراً جديداً أعيد فيه الإجابات , ولاأظن مراقبات اللجنة سيقبلن بهذا حتى لو توفر الوقت , سلمتُ الورقة , ولاأذكر هل سجلتُ اعتذاراً أم لا؟؟ ماأعرِفُه أني حصلتُ على 83 هي التي قصمت ظهر معدلي , خصوصاً أنها ضُرِبَت في 3 ساعات , امتحاناتي الأخرى كانت أفضل على كل حال , رغم أني لاأتمتع مثل زميلاتي بيومين للمذاكرة , بل أذهبُ للعملِ صباحاً حين لايكونُ لدي امتحان , أحمل الكتب , وأنظف الأرفف , وألصقُ أرقام التصنيف على الكتب , وأعودُ منهكة للمنزل , أنام قليلاً ثم أستيقظ لأقرأ في مذكرتي , أو أجلب كتباً لأستزيد ببعض المعلومات , دراسة الماجستير , ليست كالبكالوريوس , ولابد أن تعودي لمراجع , هكذا كان يعلمنا مرشدي. في الصباح أسترجِعُ مع زميلتي الأولى على الفصل النقية دوماً – أسألُ الله أن يوفقها دوماً وفي كل أمر - مادرسناه , ثم أدخل القاعة متوكلة على الله , أمسك دفتر الإجابات أسجل اسمي , والعام الجامعي والمادة , وبقية المعلومات , ثم أفتحُ الصفحة الأولى , وأكتب في السطر الأول (بسم الله الرحمن الرحيم) اللهم لاسهل إلا ماجعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا , ثم أبدأ سطراً جديداً (إجابة السؤال الأول:) وأمسك الدفتر وأضعه فوق ورقة الأسئلة عند نهاية الفقرة الأولى من السؤال الأول , ولاأنتقل للذي يليه حتى أنهيه , لذلك كنت أقع في أزمة حينما لاأعرف إجابة السؤال الأول , وأصابُ بإحباطٍ شديد يصعب علي تجاوزه في الأسئلة الأخرى.
لاأذكرُ أني كنت أرتب كثيراً دفتر إجاباتي , ولكني تعلمتُ من نتائجي في الفصل الأول , أن الترتيب شيء مهم للغاية , من أجل الحصول على درجة عالية , وهذا مادفعني لتزويق دفاتر إجاباتي في الفصل الثاني , حيثُ كنتُ أكتب بلونين على الأقل , وأكتب بخط نسخٍ كبير واضح , وأضعُ إطاراً بالمسطرة لكل صفحة , وأختِمُ إجاباتي بالحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.
كانت درجاتي مرضية لي ماعدا الـ 83 , التي لو رفعها شيخنا الفاضل , إلى 85 لتعدل الوضعُ قليلاً , ولكنها كانت لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء , أعلمُ أن شيخي أعطاني حقي تاماً تاماً , ولكن مضى الأمرُ لحاله.
كان معدلي مرتفعاً , ولكني بحق كنتُ أطمحُ أن أكون الأولى على الدفعة , ولكن رفيقتي النقية كانت أحق مني على كل حال , كنت الرابعة أو الخامسة لاأذكر تحديداً لكن ترتيبي لم يكن متقدماً , أذكُر أني كنت أتحدثُ لإحدى أستاذاتي الصغيرات:) لأنها تخرجت قريباً , ثم درستني وأنا على مشارف التخرج , فكانت رفيقة أكثر منها أستاذة , حصلت على الدكتوراة قريباً , إنها موهوبة حقاً حصلت على الشهادتين في وقتٍ قياسي , تستحق التقدير كل التقدير , قلت لها: أتمنى أن أكون الأولى يوماً , كان هذا في حفل تخرجنا , قالت: في الماجستير إن شاء الله , لم يتحقق لي الأمل , ولكني أحمدُ الله أني أنهيتُ الفصل الأول , وهذا يكفي هاأنا أحصلُ على ترتيبِ الأولى في هذه الدورة التي أدرس بها الآن , شيءٌ مرضٍ نوعاً ما.أيبدو هذا حلماً طفولياً:) .. ؟؟!!! ربما!
يتبع ..
¥