تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما (أوفيد) ذلك الذي يعلم فنون العشق وكيفية الحصول على حظوة عند المعشوق فيصف النساء بدقة ويعرّف بخصالهن وكيفية التعرف إليهن والمناسبات الأصلح لذلك وكل هذا من أجل الاحتفاظ بهن كعشيقات، وكذلك يعلم المرأة بعضاً من هذه الفنون.

وفي كل الأحوال صاحب فن الهوى رجل شاعر مارس فنون العشق الذكي، لماح يتمتع بروح مرحة، وثقافة عميقة، فكل شيء لديه متاح مقابل الظفر بمحبوبه.

ولا يتردد في إعطاء نصائح بالكذب والمداهنة والتصنع للاحتفاظ بالمحب.

المطلع على (طوق الحمامة) لابن حزم الأندلسي، يرى كيف أن الحب هو شعور عميق بالأمن والثقة، وهنا نستنتج مدى الشفافية والرقة التي وصلت إليها العلاقة بين الرجل والمرأة.

الحب تحول مع العرب، وعند ابن (داود) في كتاب الزهرة الذي رجع إليه ابن حزم، وسبقت الإشارة إليه في الكتب المعنية بهذا الموضوع إلى أن (الحب هو انقسام في روح كروية جعلت في جسدين فأخذ كل نصف يفتش عن نظره).

وتراوح الحب عند العرب، بين الحب الجسدي الصارخ وتمثل في شعر عمرو بن أبي ربيعة، وأمرئ القيس ولاحقاً في شعر أبي النواس وغيرهم والحب العذري المترفع عن الجسد مثل جميل بثينة وقيس ليلى وتوبة من الحميّر.

هذا امرؤ القيس يصف حبيبته عنيزة في قصته المشهورة، عندما جاء إلى غدير الماء وسرق ثيابهن فوصف أجسادهن وصفاً حسياً غريزياً صرفاً. مهفهفة بيضاء غير مفاضة ترائبها مصقولة كالسجنجل أما الأعشى فقد رسم لنا أيضاً لوحة جمالية رائعة لحببته هريرة، عبر رؤية نافذة وخبيرة في بواطن الجمال، وخفاياه حين قال:

غراء فرعاء مصقول عوارضها ... تمشي الهوينا كما يمشي الوجى الوجل

كأن مشيتها من بيت جارتها ... مر السحابة لا ريث ولا عجل

ولم يكتف الشعراء العرب بوصف الجسد وصفاً جامداً بل تعاطوا معه على اعتباره لوحة حية متحركة وبمشهدية فنية عالية.

وجاءت قصيدة دوقلة المنبجي تتويجاً لهذا الشعر واسم القصيدة اليتيمة، وقد جاء في كتاب (الموسع في أروع ما قيل في الحب والغزل) لم يعرف قائلها وقد حلف أربعون شاعراً على انتحالها، ثم غلب عليها ثلاثة هم (أبو الحسن علي بن جبلة العكوك، وأبو جعفر محمد بن عبد الله ودوقلة المنبجي) وقد نسبها فاروق شوشة في كتابه (أجمل عشرين قصيدة غزل) إلى دوقلة المنبجي.

ومن خلال هذه القصيدة تجلت القدرة التصويرية الخلاقة بل تعدى الأمر ذلك إلى أن نقول إنه نحت جسد تلك المرأة بالكلمة ولم يكن يحتاج إلا إلى إزميل، ومواد أولية ليجسد تصوره لجسدها، وليصنع له تمثالاً رائعاً، ولا شك في لو أنه فعل ذلك لكان لتلك المنحوتة الكثير من الجرأة والخصوصية.

بيضاء قد لبس الأديم بهاء ... الحسن فهو لجلدها جلد

وجبينها صلت وحاجبها ... شخط المخط أرج ممتد

ويتابع بالسياق نفسه والأسلوب نفسه، واصفاً العين والأنف والخد والجيد وموضع القلادة والبنان والمعصم وباقي الجسد.

وفي الشعر العربي أمثلة كثيرة للرسم والنحت بالكلمات فها هو أيضاً الحصري القيرواني له أبيات في ذلك الوصف.

وبندر عبد الحميد يكتشف أنواعاً مجهولة وجديدة من الجلود البشرية يقول في ديوانه (حوار من طرف واحد):

كنا نمشط شعورنا بأيدينا

ونحتفي

نكتشف أنواعاً مجهولة

من الجلود البشرية.

كما رأيت أخي الكريم لم تكن ظاهرة وصف الجسد معاصرة بل قديمة جداً والله أعلم.

ـ[موقظ ليلي]ــــــــ[30 - 09 - 2007, 10:57 م]ـ

مشكور أخي "أحمد الغنام" جدا على هذا الرد ..

ولكن ما قصدته بالظبط هو ما ورد على سبيل المثال في إحدى الروايات التي كتبتها كاتبة سعودية تعيش بالخارج حالياً .. (لن أذكر اسم الرواية لعدم المساهمة في إشهارها أو التشهير بها .. ) فهي تسرد في الصفحات الأولى لروايتها نصا سبب لي اشمئزازاً غريبا .. فالكاتبة تصف جسدها وصفا هو أميل إلى القبح منه إلى أن يؤديَ غرضا ما ..

إنني أستحي أن أعرض عليك بعضا مما كتب .. ولكن دعني أحدثك عن ما كتبه كاتب آخر في إحدى مدوناته .. إنه يصف امرأة جلست على مقربة منه في قطار, يبتدأ أولا بفخذيها العاريتين هابطا إلى قدميها ,ثم يتابع في وصفه مقدمتها الأمامية وإطلالتها وواجهتها الخلفية ولك أن تكمل الباقي في نفسك ..

أعلم إنه كان هناك من الشعراء الذين عاصرواالعهدين الأموي و العباسي و ما جاء من بعدهما كانوا يكتبون بألفاظ وصفية يقف لها شعر الرأس فقد كتبوا من أقبح ما كتب عن الغلمان و الجواري ,بل كان هناك من ذكر حديثا فاضحا للأوضاع السريرة في بعض الأحيان .. ولكن هؤلاء الشعراء أنفسهم كانوا يقرون بأنهم من أهل المجون والفسق ولم يدّعوا أن هناك غايات نبيلة وراء ما يكتبون ..

- أرجو أن أسمع وجهات نظر مختلفة في هذا .. لأنني أجد من يصفق لمثل هذا النوع من الكتابة

دمتم في حفظ الله

وشكراً

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير