[الجيل المثالي]
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[17 - 03 - 2008, 08:36 م]ـ
منشورات الدعوة السلفية
كتاب رقم (131)
للعلامة السلفي الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله
(1303ـ 1389)
ضبط نصه وخرج أحاديث وعلق عليه
أبو عبد الرحمن رائد بن عبد الجبار المهداوي
المركز العلمي للدراسات المنهجية والأبحاث العلمية
ط 1 عدد الصفحات 63
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع إن شاء الله
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[17 - 03 - 2008, 08:45 م]ـ
(الجيل المثالي) مقال رائع عن الصحابة رضي الله عنهم لفضيلة الشيخ محبَ الدين الخطيب - رحمه الله -
بسم الله الرحمن الرحيم
[الجيل المثالي]
لفضيلة الشيخ محب الدَين الخطيب - رحمه الله -
- من ايام أفلاطون (430 – 348 ق. م) وكتابه ((الجمهورية)) ثم من عصر أبي نصر الفارابي (260 – 339هـ) وكتابه ((المدينة الفاضلة)).
إلى زمن السر توماس مور ( Tomas More 1478 – 1535 م) وكتابه ((يوتوبيا)) Utopia
من تلك العصور والأزمان – إلى يوم الناس هذا – والإنسانية تحلم بالجيل المثالي الذي يود البشر لو يظفرون به فيتخذونه قدوة لهم في السلم والحرب، والمنشط والمكره في مختلف أطوار الحياة، ليكون لهم من كماله الإمكاني المثل المقتدي به في كمالهم الإنساني.
هي أمنية من أماني الشعوب والأمم، من أقدم الأزمان إلى الآن، تحدث عنها الحكماء، وتغنى بها الشعراء، وترنم بها رخيم أصوات الهاتفين، وهمس بها ثفوة الضارعين والمناجين، من كل صادح أو باغم.
بل إن ((الجيل المثالي)) هو الذي دعا إلى تكوينه وعمل على تحقيقه الأنبياء من اولى العزم، وهو الذي تمناه الحكماء وأهل العلم، وهو الذي كانت الإنسانية ولا تزال ترنو إلى شبحه المرجى في أحلام يقظاتها وفترات غفواتها.
تريث موسى بقومه في آفاق العريش وبرية سيناء وصحاري النقب وحوالي بئر سبع أربعين حولا يلتحف معهم سحائب السماء ويفترش أديم الغبراء، وهو يحاول أن يربي منهم جيلاً مثالياً يستن بسنن الله ويتخلق بأخلاق الرفق والحزم والتضحية والاستقامة والاعتدال، فيرضى بها عن ربه ويرضى ربه عنه، ثم مات موسى ولما يبلغ من أمته هذه الأمنية …
ونبغ في الصين حكيمها … كونغ فوتس الذي عرفناه من طريق الإفرنج باسم كونفوشيوس (550 – 479 ق. م)، ولا شك أنه كان من اصدق الدعاة إلى أن يتعامل الناس بالمروءة. لكنه لم يرتفع بدعوته إلى تخليص الصين من عبوديتها لين السماء (الامبراطور) ولما في السماء من شمس وقمر وكواكب وسحائب ورعود وصواعق وأمطار، ولا إلى تخليصها من عبادة الأرض، وما في الأرض من جبال وبحار وأنهار. ولا من أرواح الآباء، وما تقيمه في سبيلهم من حدود وسدود وقيود. وقد أخفق كونغ فوتس في كل ما قام به من دعوة في أرجاء الصين، فعاد إلى بلده يؤلف الصحائف في الدعوة إلى المروءة، وقد رأينا تفصيل ذلك في كتابه (الحوار) (1). ثم مات وليس له من المتأثرين بدعوته إلا عدد قليل من تلاميذه، وبقيت الصين هي الصين من ذلك الحين إلى الآن …
وأعلن حكماء اليونان مذاهبهم في الحكمة وتهذيب النفس، فصنفوا في ذلك المصنفات، وألقوا به الخطب. وقد اشتطوا في كثير مما صنفوا وخطبوا.
- وكتاب ((الجمهورية)) لأفلاطون من أبرز الأمثلة على هذا الشطط. ثم أنقضى زمن حكماء اليونان وحكمتهم، دون أن تعمل شعوبهم بما دعوها إليه، لأن الدعوة والمدعوين للعمل بها لم يكونا أهلاً لذلك …
وعالج المسيح في فلسطين عقول مواطنيه من العامة والخاصة، ممن كانوا يقصدون هيكل أورشليم، أو يتسلقون جبل الزيتون، أو يترددون على شواطئ بحيرة طبريا وحقول أراض الجليل وحدائقها، فلم يستجيب لدعوته إلا عدد ضئيل لا يكاد يسمى جماعة فضلاً عن أن يكون امة.
إن الإنسانية من اقدم ازمانها، وفي مختلف أوطانها، لم تشهد ((الجيل المثالي)) إلا مرة واحدة حين فوجئت بإقباله عليها من صحارى أرض العرب يدعوا إلى الحق والخير بالقوة والرحمة، فكان ذلك مفاجأة عجيبة لكل من شهد هذا الحادث التاريخي الفذ من روم وفرس وآراميين وكنعانيين وعبريين ومصريين وليبيين وبربر وفاندال ولا تين وتيوتون وسكسونيين وصقلبيين وغيرهم.
¥