تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>


(54)

بل يكاد يكون ذلك نهائياً، وكان تصرفه فيها تصرفاً رائعاً، صادراً عن عبقرية سبقت الزمن، فلم يكن ممن جاء بعده من العلماء والباحثين إلا أن اتبعوا نهجه، واكتفوا بما قال، ولم يزيدوا بعد سيبويه على ما قال حرفاً، بل أخدوا يرددون عباراته مع كتبهم، ويصرحون بأنهم إنما يتبعون مذهبه، سواء في ذلك علماء النحو وعلماء القراءة» (1).
وقد يكون في هذا الحكم مبالغة، ولكنه مقارب للحقيقة في كثير من أبعاده، إذ كان سبّاقاً إلى الموضوع بحق.
ومما يجلب الانتباة حقاً عند سيبويه في صفات الحروف ومخارجها، هو تمييزه الدقيق بين صفة الجهر وصفة الهمس فيما أشرنا له في الفصل السابق فمصدر الصوت المجهور يشترك فيه الصدر والفم، ومصدر الصوت المهموس من الفم وحده، وبمعنى آخر أن للرئتين عملاً ما في صفة الجهر، بينما ينفرد الفم بصفة الهمس (2).
فتعريف المجهور عنده: «حرف أشبع الاعتماد في موضعه، ومنع النفس أن يجري معه حتى ينقضي الاعتماد عليه، ويجري الصوت. بينما المهموس: حرف أضعف الاعتماد في موضعه حتى جرى النفس معه» (3).
وهو يعبر بالموضع هنا عن المخرج فيما يبدو، ويجري الصوت عن الشيء الإضافي في حالة الجهر عن حالة الهمس التي يجري النفس معها لا الصوت. «وقد ظلت محاولة سيبويه تفسير المجهور والمهموس من الأصوات قانوناً سار عليه جميع من جاء بعده من النحاة والقراء. إلى أن جاءت بحوث المحدثين فصدقت كثيراً مما قاله في هذا الباب» (4).
ومن المفيد الرجوع إلى ما فسره في هذا المجال أستاذنا المرحوم الدكتور ابراهيم أنيس فقد أشبعها بحثاً وتنويراً (5).

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير