[المعجم لغة واصطلاحا وأنواعا]
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[18 - 11 - 2005, 11:54 م]ـ
المعجمات
الدكتورة نور الهدى لوشن ـ جامعة الشارقة
المعجم وعاء اللغة (ويدور المعجم حول الكلمة إيضاحا وشرحا ليجلو منها ما نسميه المعنى العجمي) (1)
وتدل كلمة (معجم) في اللغة على (ما أزيلت عنه العجمة، أي الإبهام والالتباس من الحروف والألفاظ، بتنقيطها وتحريكها أو ضبطها وتمييز التشابه منها).
أما في الاصطلاح فقد أصبحت هذه الكلمة تطلق على الكتاب الذي يضم مفردات اللغة أو يضم طائفة منها مرتبة ترتيبا خاصا، كل مفردة منها مصحوبة بما يرادفها أو يفسرها ويشرح معناها ويبين أصلها أو اشتقاقاتها، وقد يوضح أصلها ويبين طريقة نطقها ويذكر ما ينظرها ويقابل معناها في لغة أخرى …
كما استعملت لفظة (قاموس) التي تعني في اللغة البحر العظيم أو وسطه أو أعمق بقعة فيه، كمفردات لكلمة (معجم) لدى بعض المهتمين باللغة، ثم لدى غالبية الدارسين في الوقت الحاضر تقريبا حتى أصبحت فيما بعد مربطه ارتباطا وثيقا بمدلول (المعجم) ومتداولة بهذا المدلول، وانتقلت من معناها أو مسماها الخاص (القاموس) إلى معنى عام هو أي معجم آخر. وتطور استعمالها واتسع إلى درجة أمست تطلق فيها في عصرنا الحاضر على المعاجم الصغيرة ومعاجم الجيب المختصرة تجوزا وتوسعا.
لقد ظهر أول معجم في اللغة العربية في القرن الثامن الميلادي ومصطلح (معجم) لم يظهر في إحدى صيغه اللاتينية Dictionarius إلا في سنة 1225م، أي بعد خمسة قرون من ظهور المعجم العربي. وبعد هذه القرون الخمسة استعملت الكلمة، إلا أنه لم يظهر معجم بالمعنى الشامل إلا في القرن السابع عشر عندما كتب ( Robert Taurdrey) معجمه سنة 1604م.
يبدو أن السبب في التفكير في وضع معجم هو البحث عن معنى لفظ في لغة أجنبية، بالإضافة إلى معاني الألفاظ النادرة الاستعمال أو الغريبة في اللغة نفسها، يضاف إلى ذلك أن مستعمل اللغة لا يعي في ذاكرته الثروة اللغوية كلها، فعندما يصادف مستعمل اللغة بعض الكلمات التي لا يعرف معناها بدقة ووضوح يضطر إلى اللجوء إلى المعاجم.
والمعاجم أنواع:
1. معاجم الترجمة أو المعاجم الزوجية أو الثنائية اللغة، ويلحق بها المعاجم المتعددة اللغات.
2. المعاجم اللغوية أو الأبجدية وهي التي تشرح ألفاظ اللغة، حيث يستعين الباحث على معرفة معنى ما يصادف من الغريب.
3. المعاجم الموضوعية أو التجانسية، أو معاجم المعاني: وهي التي ترتب الثروة اللغوية في مجموعات من الألفاظ تندرج تحت فكرة واحدة، فمثلا يجد الباحث فيها مادة (أسرة) جميع الألفاظ الدالة على الأبوين والأقارب بحسب درجاتهم في القرابة. وإذا أحتاج إلى لفظ دقيق يدل على لون يراه مثلا، فإنه في مادة (لون) كل ما تضمنه اللغة من أسماء الألوان بدرجاته المختلفة.
وقد تفنن الإنسان مر العصور في تأليف المعاجم وفي تصنيف وترتيب مفردات اللغة، تدعوه إلى ذلك الحاجة وتطورات الحياه وفنون العيش، ويدفعه حبه إلى الابتكار أو رغبة في التنافس في خدمة المعرفة، أو تقوده دوافع قومية أو دينية أو إنسانية معينة، كما تملي عليه تطورات اللغة نفسها، بما تشهده من تطورات حضارية وما تخضع له من تغيرات أو مؤثرات، وما ترتبط به من معارف وعلوم، وما ينشأ عن كل ذلك ويتولد أو يتغير، أو يطور أو يستحدث من مفردات وصيغ وأساليب … ونتيجة لهذا العوامل كلها وعوامل أخرى مختلفة باختلاف طبائع اللغات وطبائع الجماعات اللغوية، ظهرت في كثير من اللغات الحية معاجم لغوية متنوعة متعددة الأشكال والأحجام والمناهج والوظائف والأغراض
ونصل في النهاية إلى أن المعاجم اللغوية هي بلا شك خزائن اللغة وكنوزها التي يستمد منها الإنسان ما يثري حصيلته اللغوية وينميها ويجعلها مرنة طيعة في مجالي الأخذ والعطاء: مجال الاستيعاب والفهم والتوسع الفكري والنمو العقلي والمعرفي ومجال التعبير والعمل الإبداعي والإنتاج الثقافي. ولكن مدى فعاليتها وأثرها في ذلك كله يعتمد على معرفة الباحث بأنواعها وأوصافها وما يصلح منها لغرض معين دون غيره وما يتلاءم مع مستوى عقلي أو ثقافي دون سواه، ثم على مقدار استشاراتها ونسبة الرجوع إليها والاتجاه إلى ممارستها.
المراجع
1. مناهج البحث في اللغة، ص258، د.تمام حسان، دار الثقافة، الدار البيضاء، المغرب 1400هـ ـ1979م
2. القاموس الجديد، على بن هاديه، ط ـ 5، تونس، الشركة التونسية للتوزيع، 1984م.
3. معجم المعاجم، إقبال أحمد الشرقاوي، ط2، بيروت، دار الغرب الإسلامي 1993 م.
4. منهل اللغة الصغير د. الياس جوزيف، نيقوسيا ـ دار منشورات الرمال،1977 م.
5. ينظر مباحث في علم اللغة ومناهج البحث اللغوي، د. نور الهدى لوشن ـ المكتبة الجامعية، الإسكندرية، 2000م.
6. المعاجم اللغوية العربية، د. أحمد محمد المعتوق، المجمع الثقافي، أبو ظبي، إ.ع. م. 1420 هـ 1999 م.
¥